دبي في 17 أكتوبر/ وام / أكد المتحدثون في الجلسة الختامية للاجتماع السنوي لمجالس المستقبل العالمية 2024، أن البشرية دخلت حقبة جديدة هي حقبة "عصر الذكاء" الذي يصنع الفرص ويعزز الترابط ويصمم غداً أفضل للإنسان.
ورسم مسؤولون وخبراء وباحثون صورة إيجابية لمستقبل تنموي تستفيد فيه الاقتصادات والمجتمعات من تطبيقات التكنولوجيا والشراكات وآفاق التعاون لتعزيز الفرص المستقبلية الواعدة، التي شكلت العنوان الرئيسي لاجتماع مجالس المستقبل العالمية 2024 الذي عقد في دبي ضمن الشراكة الاستراتيجية بين حكومة دولة الإمارات والمنتدى الاقتصادي العالمي بحضور 500 من نخبة الخبراء والمتخصصين والمفكرين ومستشرفي المستقبل، من 80 دولة حول العالم.
شارك في الجلسة الختامية إيما فيتزجيرالد المدير المستقل لـ "سيبلات للطاقة"، والبروفيسور إريك براينولفسون مدير مختبر الاقتصاد الرقمي في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة الأمريكية، وخلفان بلهول الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، وميجان بالمر مديرة المؤسسة الدولية للآلات المهندسة جينياً، وسمير ساران رئيس مؤسسة أوبزيرفر للأبحاث. وأدار الجلسة ميريك دوشيك، المدير الإداري للمنتدى الاقتصادي العالمي.

ولفت إريك براينلوفوسون إلى أن التقاطع بين التكنولوجيا والإنتاجية هو تقاطع مهم لمستقبل العمل والابتكار في أنماطه المستقبلية، مؤكداً أن الذكاء الاصطناعي ليس شيئاً جامداً نستثمر فيه ثم نطالب بالنتائج الفورية، وأن العمل على تطوير وتبني الذكاء الاصطناعي هو منظومة حيوية تكاملية بين مختلف القطاعات بما في ذلك البحث والتطوير والاختبار والتنفيذ والحوكمة.
وقال براينلوفوسون إن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه لتعزيز قدرات القوى العاملة على أن تكون في المكان المناسب لمهاراتها وقدراتها وإمكاناتها الواعدة، داعياً الشركات وقطاعات الأعمال إلى مقاربة شمولية لتوظيف الذكاء الاصطناعي بشكل بنّاء في عملياتها، والتركيز على الجوانب الإيجابية لاستخداماته التي تستفيد من كل المعارف والخبرات البشرية وتوسّعها وتبني عليها بدل الحلول مكانها.
وأكد أن مرحلة اختبارات الذكاء الاصطناعي نضجت اليوم، وحان الوقت لمرحلة جديدة تقطف ثمارها على مستوى الإنتاجية والنمو العالمي وتطوير الأداء الاقتصادي الدولي.
من جانبها ، اعتبرت إيما فيتزجيرالد أن تحوّل الطاقة شهد تحولات جذرية خلال العامين الماضيين، ويمكنه لعب دور في تعزيز التوازن والشمول في التنمية بين الشمال والجنوب العالمي، داعيةً إلى منظور جديد للعمل مستقبلاً يعتمد على تسريع هذا التحول وتنسيق الجهود على المستويات الوطنية والدولية من حيث الأهداف والتمويلات وخطط التنفيذ.
وقالت إن المطلوب هو التخطيط بشكل مشترك، والتعاون لتشكيل صناديق تمويل فاعلة، بالتركيز على القيمة التي يصل أثرها إلى جميع الفئات مع الاستفادة من رؤى صناع القرار والمسؤولين والخبراء لإيجاد لغة مشتركة في مقاربة مسألة تسريع تحوّل الطاقة بشكل شمولي.
وأشارت فيتزجيرالد إلى دور محوري يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعبه في تحقيق كفاءة استخدام الطاقة وتفعيل المزيج الأمثل للطاقة والآليات المثلى لإزالة الكربون وتعزيز الابتكار في عصر الذكاء.

ودعا سمير ساران إلى مواصلة الحوارات المستقبلية العالمية حتى في حالات عدم التوافق من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة ينطلق منها الجميع، متحدثاً عن أهمية التعامل مع التحديات بمرونة في ظل تعدد الأقطاب وصعود القوى الدولية الوسيطة القادرة على أن تختار مواقف متوازنة في قطاعات مستقبلية حيوية مثل العمل المناخي، والتمويل الأخضر، وتحييد المخاطر.
وأكد ساران أهمية الإصغاء لأصوات الدول كافة والتوافق على إطار عمل دولي مشترك في العمل المناخي، مشيداً بما حققته دولة الإمارات في مؤتمر الأطراف COP28 على مستوى وضع أطر عمل تحقق الإجماع وتشجع الجميع على المشاركة في الجهود المناخية.
وقال “ نقترح عقد مؤتمر سنوي عالمي حول التكنولوجيا يرصد ما حققته على مدى عام ويستشرف ما ستعمل عليه من آفاق واعدة للعام المقبل”، لافتاً إلى أن التكنولوجيا شكّلت العمود الفقري للعولمة الشاملة التي شهدها العالم منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، مقترحاً وضع آليات واستراتيجيات توظف التكنولوجيا لشمول جميع الدول والاقتصادات الناشئة والمتقدمة في مسار تنموي عالمي يمكّن الجميع.
من جانبها أشارت ميجان بالمر إلى أن علوم الأحياء التركيبية ستستفيد من التكنولوجيا الحيوية في المستقبل القريب، لأنها تطور الأدوات القادرة على تصميم النظم المتكاملة المستدامة، وتستفيد من الذكاء الاصطناعي القادر اليوم على قراءة البيانات وتصنيفها وتركيبها وتحليلها، من أجل تطوير علاجات مبتكرة، ومواد جديدة، ولقاحات فاعلة، وزراعات ذكية، ومنتجات غذائية، ومواد بناء مستدامة.
وأكدت بالمر أن بإمكان 60% من المنتجات الموجودة اليوم أن تستفيد من أبحاث الأحياء التريكيبية، قائلة إن جوائز نوبل لهذا العام شكلت تكريماً لقطاع الأحياء التركيبية والحيوية، مشددة على أن التنوع الحيوي وأسراره أصبحت في متناول البشرية والمجتمع العلمي العالمي اليوم بفضل أدوات وتقنيات متطورة وذكية ستفتح آفاقاً لا حدود لها لتقدي الإنسانية وقفزاتها الحضارية والتنموية في السنوات القليلة المقبلة.

ولفت سعادة خلفان بلهول إلى أن مؤسسة دبي للمستقبل هي مختبر دبي ودولة الإمارات، وتعكس رؤية قيادة الدولة وتترجم دعوة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي "رعاه الله" من منصة القمة العالمية للحكومات قبل سنوات لمأسسة استشراف المستقبل وتوفير منصة عالمية لأدواته ومنظومته المتكاملة.
وأكد بلهول أهمية الاستشراف المشترك العابر للقطاعات والتخصصات في تصور وتصميم وتنفيذ المستقبل، بالاستفادة من برامج المسرعات وجذب المواهب وتمكين الكفاءات وتوسيع القدرات وبناء أطر تنظيمية مرنة قابلة للتكيف ومواكبة المستقبل وتمكينه، مشيراً إلى أن السر في النجاح في ذلك هو في المرونة التي أشار إليها معالي محمد عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء الرئيس المشارك لمجالس المستقبل العالمية والبروفيسور كلاوس شواب مؤسس ورئيس مجلس أمناء المنتدى الاقتصادي العالمي في افتتاح مجالس المستقبل العالمية 2024.
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل إن العلاقة التي بنتها مؤسسة دبي للمستقبل مع مجالس المستقبل العالمية، لا سيما في تخصصات الميتافيرس والذكاء الاصطناعي واستشراف مستقبل القطاعات الحيوية، هي علاقة ممتدة ستستمر وتنمو. مؤكداً تكامل عناصر الذكاء الاصطناعي، والحوسبة فائقة السرعة، والروبوتات في تصميم مستقبل التكنولوجيا الواعد.
يذكر أن مجالس المستقبل العالمية 2024 شهدت مشاركة أكثر من 500 شخصية عالمية في 30 مجلساً، شملت مواضيعها خمسة مجالات رئيسية هي؛ التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، والبيئة والمناخ، والحوكمة، والاقتصاد والمالية، والمجتمع، واستقطبت 70 من نخبة الرؤساء التنفيذيين لأبرز الشركات العالمية الرائدة الذين سيشاركون رؤاهم حول مستقبل قطاعاتهم بهدف رسم المسارات نحو تحقيق التنمية المستدامة.
وتشكل مخرجات عمل مجالس المستقبل العالمية 2024 عناصر أساسية في تحديد ملامح أجندة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس 2025 الذي سيعقد تحت شعار "التعاون في عصر الذكاء".