دبي في 12 مارس / وام / في إطار رؤيته لترسيخ الفكر الاستراتيجي وتعزيز قدرات القيادات المستقبلية، نظم مركز محمد بن راشد لإعداد القادة لمنتسبيه جلسة حول التوجهات العالمية في 2025 وقدمها المنتدى الاستراتيجي العربي لتعريف القيادات حول القضايا الاستراتيجية الراهنة، وذلك في مجلس أم سقيم، بحضور أكثر من 100 قائد وخريج من برامج مركز محمد بن راشد لإعداد القادة.
وتركزت أعمال المجلس على جلستين حواريتين، تناولت الأولى التحولات الاستراتيجية العالمية وانعكاساتها على المشهدين السياسي والاقتصادي، فيما استعرضت الثانية مفاهيم القيادة في عالم متغير، مسلطةً الضوء على المهارات والاستراتيجيات المطلوبة لتمكين القادة من مواكبة التطورات المتسارعة وصياغة مستقبل أكثر استدامة وابتكاراً.
جلسة خاصة: المنتدى الاستراتيجي العربي.
وفي سياق المنتدى الاستراتيجي العربي وأهدافه في استشراف المستقبل وتحليل التحولات الاقتصادية والجيوسياسية، جاءت الجلسة الخاصة الأولى لتسلط الضوء على التغيرات العالمية المتوقعة بحلول عام 2025 وتأثيرها على المشهدين السياسي والاقتصادي، وبهدف تزويد صناع القرار برؤى دقيقة حول الاتجاهات العالمية، قدم "إيريك بالوما"، مدير مركز هيس للآفاق الجديدة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، تحليلاً معمقاً للتحولات العالمية والإقليمية المتوقعة خلال عام 2025، وركزت الجلسة على تأثير هذه التغيرات على المشهدين السياسي والاقتصادي، مسلطةً الضوء على السيناريوهات المحتملة وكيفية استعداد القادة لمواكبتها.
كما ناقش دور استشراف المستقبل في تعزيز صناعة القرار، وأهمية تبني استراتيجيات مرنة تستند إلى البيانات والتوقعات المدروسة، وأبرز المتغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية التي ستعيد تشكيل موازين القوى الدولية، مع التأكيد على ضرورة استعداد المؤسسات الحكومية والخاصة لهذه المتغيرات.
التحولات الديموغرافية والنمو الاقتصادي.
وفيما تتسارع التغيرات الديموغرافية في العالم مع تباطؤ معدلات النمو السكاني، ما يخلق ديناميكيات جديدة في الأسواق العالمية، أوضح أريك خلال جلسته أنه في الوقت الذي يؤدي فيه انخفاض معدلات المواليد إلى تراجع القوى العاملة، تبرز العلاقة العكسية بين النمو السكاني وإجمالي الناتج المحلي، حيث تستفيد بعض الدول من انخفاض عدد السكان عبر تعزيز الإنتاجية والابتكار. ومع ذلك، فإن شيخوخة المجتمعات تشكل تحدياً اقتصادياً مستقبلياً، إذ تفرض ضغوطاً متزايدة على أنظمة الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية، مما يستدعي تبني سياسات استباقية لضمان استدامة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
إعادة تشكيل النظام العالمي.
واختتم أريك جلسته التفاعلية بأن التحولات الجيوسياسية أصبحت تؤثر بشكل متزايد على مختلف جوانب الحياة اليومية، من التجارة العالمية إلى الأمن الغذائي والاستقرار الاجتماعي. وتلعب النزاعات الإقليمية وقضايا النزوح القسري دوراً محورياً في إعادة توزيع مراكز القوة الاقتصادية، حيث تؤثر موجات الهجرة على التركيبة السكانية للدول المستقبِلة، ما يستدعي حلولاً تكاملية تعالج التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عنها.
وفي ظل تزايد حالة عدم اليقين العالمي، تصبح الحاجة ملحة لتطوير استراتيجيات جديدة قادرة على التكيف مع التحولات الجيوسياسية، بما يضمن استقرار الأسواق وتماسك النظام العالمي في مواجهة التحديات المستقبلية.
وقد شهدت الجلسة تفاعلاً واسعاً من الحضور، حيث تم طرح مجموعة من الأسئلة حول أفضل الممارسات في تحليل الأوضاع العالمية، ودور التعاون الدولي في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز الفرص التنموية، وأكد المتحدث أن المنطقة العربية تمتلك إمكانيات هائلة للريادة إذا ما تم تبني سياسات مرنة ومستدامة.
وإيريك بالوما هو خبير استراتيجي ومدير مركز هيس للآفاق الجديدة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، يتمتع بخبرة واسعة في تحليل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، كما يشرف على دراسات معمقة حول مستقبل العلاقات الدولية وتأثيرها على موازين القوى، ويقدّم رؤى استشرافية لصنّاع القرار حول الاتجاهات الاستراتيجية الناشئة، كما عمل على مشاريع بحثية رائدة في مجالات الأمن العالمي، والتنافس الاقتصادي، والتغيرات الديموغرافية، مما جعله أحد أبرز المتخصصين في استشراف التحديات المستقبلية وتقديم حلول مبتكرة لمواجهتها.
نهج مركز محمد بن راشد لإعداد القادة.
أما الجلسة الثانية، التي أقيمت تحت عنوان "إعداد القادة في عالم متغير"، فقد عكست نهج مركز محمد بن راشد لإعداد القادة في تمكين القيادات من تطوير مهاراتهم الاستراتيجية لمواكبة التحولات العالمية، واستناداً إلى فلسفة المركز في إعداد جيل من القادة القادرين على التكيف مع المتغيرات، قدّم "أليكس كوك"، المستشار التنفيذي لاستراتيجيات نمو الشركات العالمية، رؤى عملية حول آليات القيادة في عالم سريع التطور، وأهمية التفكير الاستراتيجي واتخاذ القرارات القائمة على تحليل المعطيات لضمان استدامة النمو والنجاح المؤسسي، في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم.
كما ركزت الجلسة على مفاهيم القيادة التحويلية ودورها في تحقيق استدامة النمو، حيث أشار كوك إلى أن القادة الذين يمتلكون رؤية استباقية ويعتمدون على الابتكار في اتخاذ القرارات هم الأكثر قدرة على توجيه مؤسساتهم نحو النجاح، كما استعرض أمثلة عملية من تجارب شركات عالمية استطاعت تحقيق تحول جذري من خلال تبني نهج القيادة المرنة.
وتطرقت الجلسة إلى التحديات المستقبلية التي تواجه القادة، خاصة في ظل التقلبات الاقتصادية والتطورات التقنية المتسارعة، وأكد كوك أن بناء بيئة عمل ديناميكية تتسم بالشفافية وتمكين الكفاءات يعد من الركائز الأساسية للقيادة الفاعلة في العصر الحديث.
واختُتمت الجلسة بنقاشات تفاعلية تناولت استراتيجيات مواجهة التغيرات غير المتوقعة، وأهمية بناء قادة يتمتعون بالقدرة على التكيف والابتكار، بما يتماشى مع رؤية دبي في الريادة واستشراف المستقبل.
وأليكس كوك هو مستشار تنفيذي ومدرب متخصص في استراتيجيات النمو والتوسع للشركات العالمية، يتمتع بخبرة تزيد عن 30 عامًا في تطوير وتنفيذ استراتيجيات التحول المؤسسي. عمل مع أبرز الشركات المدرجة ضمن قائمة Fortune 500، حيث ساهم في تصميم وتنفيذ خطط نمو مستدامة تعزز من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية، كما تولّى قيادة استراتيجيات التحول في قطاعات مختلفة، بما في ذلك الطاقة والبنية التحتية، وعمل مع شركات بارزة مثل EDF وElia Transmission.
ويهدف مركز محمد بن راشد لإعداد القادة إلى "إعداد قادة الغد "، حيث يسعى إلى تحديد وبناء وتطوير القيادات الإماراتية على كافة المستويات، عبر برامج نوعية وأنشطة هادفة تسهم في تأهيل شخصيات قيادية تتمتع بمهارات حيوية متنوعة، وتستطيع التكيف مع المستجدات والتعامل مع التغيرات بمرونة وذكاء، وتتمتع بالكفاءة وسعة الاطلاع التي تؤهلها لاتخاذ قرارات جوهرية وابتكار الحلول لتحديات المستقبل، وقد خرّج المركز منذ تأسيسه أكثر من 850 شخصية قيادية إماراتية في مختلف القطاعات والتخصصات تساهم على نحو فعال في الارتقاء بالمسيرة التنموية في الدولة وتحقيق أهدافها المستقبلية وطموحها اللامحدود.