فيينا في 18 مارس/ وام/ حل شهر رمضان الكريم على المسلمين في النمسا بأجوائه الروحانية التي لا تختلف ملامحها كثيراً عن الدول العربية والإسلامية غير أنها تمتزج بتحديات ترتبط بالتزامات العمل والدراسة وافتقاد الأجواء الرمضانية العامة التي بدأت تظهر تدريجياً بشكل أكبر في السنوات القليلة الماضية بسبب تزايد أعداد المسلمين في النمسا مما ساهم في تعزيز الأنشطة والفعاليات الرمضانية، التي تعكس روح الشهر الفضيل وتخلق بيئة رمضانية أقرب لما اعتادوا عليه في بلدانهم الأم.

ويعيش المسلمون في النمسا، خلال شهر رمضان الكريم، أجواء تجمع بين الروحانية والعبادة، ومع حلول بداية شهر رمضان تدب الحركة في المناطق الهادئة التي تحيط بالمساجد في وقت صلاة العشاء، بسبب توافد المصلين لأداء صلاة التراويح، ومع مرور الوقت بدأ المقيمون بهذه المناطق من غير المسلمين في تفهم طبيعة هذه التجمعات الرمضانية، بعدما كانت في السابق غريبة عليهم ما يعكس تزايد وعي المجتمع النمساوي بثقافة المسلمين وشعائرهم الدينية وعاداتهم خلال شهر رمضان الكريم.

وعلى مستوى الأسر، تحافظ العائلات على الأجواء الرمضانية داخل منازلها التي تتزين بالأنوار وفوانيس رمضان وعبارات الترحيب بالشهر الفضيل ويجتمع أفراد العائلة الواحدة على موائد الإفطار العامرة بالمأكولات الرمضانية في أجواء من الألفة والمودة.

وتتبادل أسر الأقارب والأصدقاء دعوات الإفطار في تجمعات عائلية تسهم في تعزيز الروابط والعلاقات الاجتماعية والتقارب بين الأصدقاء وتقوية التكافل الاجتماعي.

وتسعى الجاليات والجمعيات والروابط الإسلامية إلى تعزيز الانتماء والاحتفاء بشهر رمضان عبر تنظيم حفلات إفطار جماعية وإطلاق مبادرات خيرية لدعم المحتاجين، مما يساعد الجاليات الإسلامية على الحفاظ على هويتهم خارج أوطانهم الأصلية.

ويُقدر عدد المسلمين في النمسا بنحو 700 ألف مسلم ما يشكل نحو 8% من إجمالي تعداد سكان البلاد وفقاً لآخر إحصائية رسمية أجريت في عام 2016 ولا تتوفر إحصاءات رسمية حديثة ترصد العدد الفعلي للمسلمين حالياً في النمسا، فيما تشير تقديرات غير رسمية إلى أن العدد قد تجاوز المليون.

ومع تزايد أعداد المسلمين خلال العقود الماضية في النمسا، وتنوع الجاليات الإسلامية نتيجة التطورات التي شهدها العالم بدت تغيرات مجتمعية ملحوظة لاسيما خلال شهر رمضان الكريم عكست حضور الجالية الإسلامية وتأثيرها المتنامي في المجتمع النمساوي، من أبرزها انتشار المحال العربية بشكل كبير في الأسواق النمساوية التقليدية، التي أصبحت تلبي احتياجات المسلمين في شهر رمضان، بتوفير تشكيلة واسعة من المنتجات والسلع الرمضانية، التي لم تكن موجودة في النمسا سابقاً، مثل التمور والمكسرات والياميش ومنتجات اللحوم الحلال والجبن والخبز العربي والحلويات الشرقية، التي كانت بمثابة عملة نادرة بالنسبة للمسلمين في الماضي.

ورغم بعد المسلمين في النمسا عن أجواء رمضان التقليدية في بلدانهم الأصلية، إلا أنهم نجحوا في خلق بيئة رمضانية داخل أسرهم وجالياتهم المختلفة وحافظوا على هويتهم بالتزامن مع الاندماج في النسيج المجتمعي النمساوي في بلد يحرص على احتضان التنوع الديني والثقافي.