أبوظبي في 19 مارس / وام / استضاف بيت العائلة الإبراهيمية حلقة نقاشية مميزة سلطت الضوء على "المصحف الأزرق"، أحد أبرز المخطوطات القرآنية في العالم، وذلك ضمن سلسلة جلساته خلال شهر رمضان المبارك.
واستكشفت الحلقة النقاشية، التي جرى تنظيمها بالتعاون مع متحف زايد الوطني، وقدمها الدكتور بيتر ماجي مدير المتحف بمشاركة كل من نور الإيمان أمين المخطوطات الإسلامية في المتحف، وفاطمة التميمي رئيسة وحدة الحفظ والترميم في المتحف، التاريخ العريق للمصحف الأزرق ودوره في الإرث الثقافي والفكري للعالم الإسلامي حيث يعد تحفة فنية نادرة ومخطوطة استثنائية يعتقد أنها تعود إلى القرن التاسع الميلادي ويتميز بأوراقه ذات اللون الأزرق النيلي الحيوي، والمزينة بخط عربي بديع مكتوب بماء الذهب والفضة.
وفي خطوة استثنائية، سيتم عرض خمس من هذه الصفحات النادرة في "متحف زايد الوطني"، الذي يقع بالقرب من بيت العائلة الإبراهيمية في المنطقة الثقافية في السعديات، ليتيح للزوار فرصة نادرة لاستكشاف هذا الكنز الإسلامي الفريد.
وافتتح عبدالله الشحي المدير التنفيذي بالإنابة لبيت العائلة الإبراهيمية الحلقة النقاشية بكلمة أكد فيها على أهمية التأمل الروحي في شهر رمضان، قائلا : إن شهر رمضان المبارك واحةً للتأمل العميق، وارتقاء الروح، وتعزيز أواصر الإيمان، وفي هذا السياق، يكتسب لقاؤنا اليوم بُعداً خاصاً، إذ نجتمع في صرح يجسّد قيم الحوار بين الأديان والتفاهم المتبادل، لنستكشف إحدى أعظم المخطوطات الإسلامية "المصحف الأزرق"، هذا الأثر النادر الذي تتقاطع فيه نفحات الإيمان بعراقة التاريخ وجماليات الفن، ونستشعر فيه عمق الصلة الروحية التي ينسجها القرآن الكريم في قلوب المؤمنين.
وقدمت نور الإيمان، رؤية تاريخية معمّقة حول "المصحف الأزرق"، موضحة مكانته الاستثنائية في سياق تقاليد إنتاج المصاحف عبر العصور؛ وقالت إن هذا المصحف يتفرد بكتابته بالخط الكوفي، أحد أقدم وأجمل الخطوط العربية، حيث كُتب نصه في الأصل بحبر بني أو أسود، ثم أُضفيت عليه لمسات ذهبية وفضية زادت من بريقه وروعة تفاصيله، كما يتميز بدمجه بين التقاليد الفنية الشرقية والغربية، حيث تأثر بالأساليب البيزنطية في الكتابة على الصفحات الزرقاء بماء الذهب، وهو أسلوب زخرفي يعكس الفخامة والسلطة.
وسلطت فاطمة التميمي الضوء على الدور المحوري للتكنولوجيا في حفظ المصحف الأزرق، وقالت إنه بفضل تطبيق تقنيات التصوير متعدد الأطياف غير المتداخل، التي تعتمد على استخدام أطوال موجية مختلفة من الضوء، أصبح بإمكاننا الكشف عن تفاصيل دقيقة حول المواد الأصلية المستخدمة في صناعة هذه المخطوطة الفريدة، إلى جانب تحليل التعديلات والعمليات الترميمية التي خضعت لها عبر الزمن.
وقال الدكتور بيتر ماجي مدير متحف زايد الوطني، إن النص المخفي تحت الزخارف الذهبية كان دائماً جزءاً أصيلا من هذه المخطوطة، مشيرا إلى أن أرقى أشكال المعرفة تولد عند تقاطع العلوم المتقدمة والتساؤلات الإنسانية العميقة، وهذا ما يسعى لتحقيقه متحف زايد الوطني حيث يتلاقى البحث العلمي الدقيق مع استكشاف القيم التاريخية والثقافية.