دبي فى 13 فبراير / وام / أكد مشاركون في جلسات ضمن القمة العالمية للحكومات 2025، التي استمرت على مدار ثلاثة أيام في دبي واختتمت أعمالها اليوم، أن التغير المناخي هو التحدي الأكبر للعالم في المرحلة المقبلة، وأنه لا بد من التحرك سريعاً لمواجهة هذا التحدي، كما طالبوا حكومات العالم باعتماد منهجية مشتركة لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة، ووضع الآليات الكفيلة لتسخير التقدم التكنولوجي في سبيل حماية موارد الأرض.
وأكدت السيدة الأولى لويز أرانيتا ماركوس حرم الرئيس الفلبيني في كلمة رئيسية أهمية تضافر الجهود العالمية العاجلة لمواجهة التغير المناخي، ولفتت إلى أن بلادها ملتزمة بشدة بمكافحة هذا التحدي، باعتباره جزءاً من التحول الاجتماعي والاقتصادي في الفلبين.
وقالت لويز أرانيتا ماركوس: "نعمل على خفض انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 75% بحلول عام 2030"، مشيرة إلى أن الفلبين من أكثر الدول عرضة للتغير المناخي، حيث تم تصنيفها لثلاث سنوات متتالية على أنها الدولة الأكثر عرضة للخطر وفقاً لمؤشر المخاطر العالمي.
وذكرت حرم الرئيس الفلبيني أن بلادها تعرضت إلى 6 أعاصير مدمرة في غضون شهر واحد فقط، وروت قصة إنسانية مؤثرة عن صياد فقد عائلته بأكملها بسبب انهيار أرضي ناجم عن أحد الأعاصير، مشيرة إلى أن "أزمة المناخ لها وجه إنساني، وليست مجرد إحصائيات".
ودعت السيدة الأولى في الفلبين إلى تضامن عالمي عاجل لمواجهة تحدي التغير المناخي، مشيرة إلى أهمية الابتكار، والتعاون عبر الحدود، ومشاركة أفضل الممارسات والتقنيات لضمان تحول مستدام للطاقة.
الحياد الكربوني.
وشارك كل من معالي الدكتورة آمنة الضحاك وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات، ومعالي ديفيد رالامبوفيرينجا وزير التصنيع والتجارة في جمهورية مدغشقر، وعبد الناصر بن كلبان الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم، في جلسة "هل يمكن للصناعة أن تصمد أمام مستهدفات الحياد الكربوني؟" ضمن محور "الطاقة والتكيف المناخي".
وأكدت معالي الدكتورة آمنة الضحاك أن تحقيق مستهدفات الحياد الكربوني يتطلب إشراك جميع أصحاب المصلحة منذ المراحل الأولى لوضع السياسات، مشيرة إلى أن الوزارة لم تقتصر على وجهة نظر أحادية، بل حرصت على التشاور مع القطاع الخاص لضمان مسار تنموي متكامل.
وأضافت معاليها: "منذ أن توليت منصبي كوزيرة للتغير المناخي للبيئة، كان تركيزي الأساسي على الاستماع إلى جميع الأطراف والانخراط مع الشركاء"، مؤكدة أن هذه الاستراتيجية تم تطبيقها عبر حوار وطني موسع، شاركت فيه 140 شركة، بالتعاون مع الجهات المعنية، مما أسهم في بناء رؤية واضحة لمستقبل مستدام.
الاقتصاد الدائري .
من جانبه، أكد معالي ديفيد رالامبوفيرينجا وزير التصنيع والتجارة في جمهورية مدغشقر على أهمية تطوير الاقتصاد الدائري لضمان مستقبل أكثر استدامة، مشيراً إلى أن بلاده تمتلك إمكانيات هائلة في القطاع الزراعي، حيث يمكن استغلالها لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الانبعاثات الكربونية.
وقال معاليه: "يجب أن ننتج كل ما نستهلكه يومياً، ولدينا بالفعل الفرصة للقيام بذلك، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تكون زراعة السكر نموذجاً مثالياً للاقتصاد الدائري، حيث يمكن استخدام نفاياته كمصدر للطاقة النظيفة".
وأوضح معاليه أن إزالة الغابات تمثل تحدياً بيئياً كبيراً، مؤكداً أن التحرك السريع نحو تبني استراتيجيات مستدامة أمر ضروري.
وقال: "إذا لم نتحرك الآن، فسنواجه مشكلات بيئية خطيرة خلال العقد المقبل، علينا التركيز على دعم الصناعات الاستراتيجية، مثل زراعة السكر، وتطوير الابتكارات التي تعزز الاستدامة، مع ربط الشركات الصغيرة والمتوسطة بمراكز البحث والتطوير".
بدوره، تحدث عبد الناصر بن كلبان الرئيس التنفيذي لشركة الإمارات العالمية للألمنيوم عن التزام الشركة بتقديم حلول مستدامة من خلال تطوير الألمنيوم الأخضر، الذي يتم إنتاجه باستخدام الطاقة الشمسية وهو مستقبل الصناعة المستدامة.
وقال: "نحن ملتزمون بالابتكار المستمر لتحسين الكفاءة البيئية لمنتجاتنا، لأننا نؤمن بأن المستقبل يعتمد على تطوير حلول مستدامة تحافظ على كوكبنا للأجيال القادمة".
تغيير العادات الغذائية
وسلّطت جلسة حملت عنوان " المرونة في المجال الزراعي.. حلول عالمية للأمن الغذائي" الضوء على أهمية التحوّل إلى الأغذية النباتية كحلّ مستدام لمواجهة تحديات تغيّر المناخ وزيادة الطلب العالمي على الغذاء.
وقال توماس إيسترمان الرئيس التنفيذي لشركة "غرين فورس"، أنّ التحوّل نحو الغذاء المستدام لا يتطلّب تغييراً جذرياً، ولكن يمكن تحقيقه من خلال خطوات بسيطة تبدأ بتناول وجبة نباتية واحدة أسبوعياً، مما يسهم في خفض الانبعاثات وحماية البيئة.
وأشار إلى أن شركته طوّرت مسحوقاً نباتياً يتحوّل إلى لحم عند خلطه بالماء، ويتميّز بما "أسماه "لحم المستقبل" حيث يخفض الانبعاثات بنسبة 98 % مقارنة باللّحوم التقليدية ولا يتطلّب سلسلة تبريد، مشيراً إلى أن التحدّي الأكبر يكمن في تغيير العادات الغذائية وإقناع الناس بتجربة البدائل النباتية.
استخدام الطاقة النظيفة .
وفي جلسة بعنوان "هل نحن على أعتاب ثورة طاقة جديدة؟"، قال روبرت مومجارد الرئيس التنفيذي لشركة "كومنولث فيوجن سيستمز"، إن موارد الوقود المتوفرة على كوكب الأرض ستستمر معنا لفترة أطول بسبب أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا. وأشار إلى أنه بات بالإمكان التفكير بمعنى قيادة الطاقة في العالم وتطويرها على نحو لا يستهلك الموارد الطبيعية أو يستنزفها.
وخلال جلسة بعنوان: "إعادة تقييم الطاقة النووية.. قرار حتمي أم خيار مستبعد؟"، أشار فرانكلين سيرفان – شرايبر الرئيس التنفيذي لشركة "ترانسميوتيكس"، إلى أن حافزه الأكبر لمحاولة خفض الانبعاثات كان من مشاهدات جمعها خلال عمله كمتطوع لمحاربة التلوث البلاستيكي.
وقال: "قررت أن أذهب إلى مصدر جديد للطاقة وهي الأهم بالنسبة لي وللعالم، فنظرت إلى ما هو واقعي والأسرع لتبديل المصادر، فوجدت أن الطاقة النووية هي الأفضل والأرخص، لا تلك التي تستخدم اليورانيوم، بل الثوريوم الذي يخفف النفايات طويلة الأمد".
وطالب فرانكلين سيرفان الحكومات باتخاذ خطوات نحو الاستثمار في هذه المصادر البديلة للطاقة حرصاً على البيئة وتوفيراً للتكاليف.