قال مونرو بيردسلي في كتابة " علم الجمال" " أن تقول ماهو الموضوع الجمالي، شيء، وأن تقول ماذا يفعل بنا شيء أخر". هذا ما ينطبق على فيلم "  طيور . يتامى . وأغبياء " للمخرج التشيكي يوراي ياكوبيسكو الذي ينبذ المواضيع التقليدية ونزع نظارة التفاؤل الساذج واستبدالها بعيون حية تميز الواقع بشتى ألوانه القاتمة والفاتحة، فيلم عميق خصب بالرموز والدلالات، ولا زال حديث المجتمع الأوروبي كالبرق في السماء الصافية بنضجه التقني القوي والالتزام بتناول المشاكل من زاوية أخلاقية حادة. في هذا الفيلم أستخدم المخرج ياكوبيسكو إلى جانب المونتاج والتكوين أيضا عدسة التصوير العريضة التي تشوه الواقع ، وعلى طبيعة المكان الذي اختاره لتدور فيه أحداث فیلمه ، وهو بقايا منزل دمر أثناء الحرب. تتابع أمامنا لقطات لحمام أبيض مذبوح . بيانو محطم يعزف عليه رجل عجوز وتنبعث منه حشرجات بشعة. تمثال عليه بضع من حبات الطماطم . تفاح متناثر وبيض . احتفالات الصعاليك الذين يعيشون في بقايا المنزل . معركة عنيفة بين النازيين ورجال المقاومة باللون الأخضر . وبعد المعركة يسود الصمت والجثث متناثرة هنا وهناك ، وفجأة يقوم الجميع ويمسحون الدم المزيف الذي يغرق ملابسهم  ومن خلال هذه الفوضى المرئية – الصوتية، نرى مارتا وهي فتاة مرحة وجميلة تعيش مع صديقين لها في وقت واحد هما أندريه ويوري ، وطوال الفيلم يحمل أندريه كاميرا صغيرة يصور بها كل شيء بما في ذلك حبيبته وهي تنام مع يوري في أحد الدواليب المهشمة ، ولكن مارتا تختار أندريه . ويختفي يوري فترة ، ثم يظهر فجأة في حجرة مارتا ، ورغم إنها حامل في  الشهر التاسع إلا أنه يمزق جسدها بالسكين في مشهد طويل هو المشهد الوحيد في الفيلم الذي تطول لقطاته ولا تتحرك فيه الكاميرا ويخلو، من كل صوت ، وبعد أن تموت مارتا ينهار يوري باكيا ثم يقتل نفسه بذات السكين بينما أندريه أسفل السلم وينادى مارتا لتعاونه في حمل رغيف من الخبز وبضع زجاجات من اللبن. لقد حصل هذا الفيلم على بطاقة المرور رغم منعه من قبل المد الشيوعي ورفض مخرجه خسارة النزال، وقد طرحت آراء شتى عن الفيلم جاءت من جهات عديدة، ولكن الجميع اتفق على أن الفيلم ما هو إلا محاولة لإعادة خلق الواقع التشيكي برموز مغلفة وإشارات لا يفهمها غير أبناء الوطن أنفسهم، ويمكن القول إن المخرج  ياكوبيسكو قد فتح بهذا الفيلم  صفحة أخرى من صفحات السينما التشيكية بنموذجها السياسي والاقتصادي والمسائل الأخرى التي شكلت تحديا أمام هذه السينما الجميلة التي بدأت تعبر عن نفسها بشكل كثيف في السنوات الأخيرة.