قد يكون سوق العمل الأميركي أسوأ بكثير مما يبدو عليه حالياً ما يجري الآن يشبه أحداثا سبقت الركود التضخمي في السبعينات ستؤدي تخفيضات أسعار الفائدة إلى إضعاف الدولار أكثر في المستقبل دولار منخفض وذهب مرتفع وعوائد سندات مرتفعة.. هذه عاصفة مثالية الجميع يعتقدون أن التضخم في بلادهم في طريقه للانخفاض.. لكننا لن نفوز بذلك   منذ فترة ليست ببعيدة حذّر الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورجان تشيس JP Morgan Chase جيمي ديمون Jamie Dimon من أن اقتصاد الولايات المتحدة يواجه على الأرجح نتيجة أسوأ بكثير من الركود، وفي الواقع أن الاقتصاد في حالة ركود منذ فترة، والسؤال ما الذي قد يحدث بعد أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة؟ قد يكون أسوأ بكثير من الركود الاقتصادي في عام 2008 وما أشير إليه كمراقب احتمالية حدوث الركود التضخمي Stagflation. كانت آخر مرة شهدت فيها الولايات المتحدة انكماشًا في سبعينيات القرن الماضي عندما كان انحدار جودة حياة المواطن الأميركي العادي حيث تم القضاء على قوته الشرائية تمامًا. أوجه تشابه هناك العديد من أوجه التشابه الآن مع الأحداث التي سبقت الركود التضخمي في السبعينيات. أولًا وقبل كل شيء، نما المعروض النقدي بشكل أسرع من الاقتصاد في ذلك الوقت، مما أدى إلى التضخم. وهذا هو بالضبط ما بدأ في عام 2019 ونتائجه وما نشهده اليوم إذا نظرنا إلى المعروض النقدي في اقتصاد الولايات المتحدة الآن M2 فسوف ترى بالتأكيد زيادة حادة عن السنوات العديدة الماضية. وهناك حقيقة أخرى يجب تذكرها وهي أنه في سبعينيات القرن الماضي خفّض الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون Richard Nixon قيمة الدولار الأميركي لجعل الصادرات الأميركية أكثر جاذبية وكان المحفّز في ذلك الوقت بالطبع هو ارتفاع أسعار النفط الخام، فقد ارتفعت الأسعار ما يقرب من أربعة أضعاف في السبعينات واليوم انخفضت منذ ذروتها في مايو من هذا العام. ومع ذلك، هذا مجرد شيء يجب وضعه في عين الاعتبار ولإبقائه في ذهن القارئ لأنه مع التصعيد في الشرق الأوسط لا يوجد أي ضمان على الإطلاق لما قد يحدث فيما يتعلق بالطاقة والسلع الأساسية وخاصة الآن ونحن نتجه إلى أشهر الشتاء، لذلك، أود أن أزعم أنه لا يزال يتعيّن علينا أن ننتظر والأمر أصبح أكثر تحدّيًا. وقال المدير التنفيذى جيمي ديمون Jamie Dimon في تصريح له وهو يناقش احتمالات الركود التضخمي في مقابلة تلفزيونية: “أقول دائمًا إن أسوأ نتيجة هي الركود التضخمي. إنه ركود مصحوب بتضخم أعلى، ولا أتجاهل أن هذا هو ما قد يحدث. أعلم أن الجميع يعتقدون أن التضخم في بلادهم في طريقه إلى الانخفاض، ولكننا لن نفز بذلك. لقد حذّرت من هذا الأمر؛ لأنك إذا نظرت إلى المستقبل، فسوف تجد أن هناك الكثير من القوى التضخمية والعجز الضخم. والاقتصاد الأخضر، وإعادة التسليح، وإعادة هيكلة التجارة العالمية، وأشياء مثل قانون التقاعد الفردي، وقانون التأمين الصحي المجتمعي، واحتياجات البنية الأساسية، كلها عوامل تضخمية، وفي الأمد القريب في العامين المقبلين. لذا فمن الصعب أن تنظر إلى هذا وتقول، حسنًا، كما تعلم، لقد خرجنا من الغابة. أنا لا أعتقد ذلك”. وما قاله يعني عجزًا أعلى. خروج عن السيطرة إضافة لذلك، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرًا أن حكومة الولايات المتحدة أنفقت أكثر من تريليون دولار هذا العام على مدفوعات الفائدة وهي زيادة بنسبة 30 % عن العام السابق، وهو يبيّن أن الإنفاق الحكومي الأميركي خرج عن السيطرة وخاصة عندما ننظر إلى 35.3 تريليون دولار من الدين الوطني وإضافة تريليون دولار سنويًّا على مدفوعات الفائدة، وهو في زيادة يزيد من عجز الدين. إن العجز في ميزانية الولايات المتحدة يقترب من 2 تريليون دولار لعام 2024. وقد تضخم العجز بنسبة 24 % مقارنة بالعام الماضي. إن الإنفاق بهذه الطريقة لها مدلولات خطيرة على الاقتصاد الأميركي وهي علامات حمراء مقلقة للغاية يجب أن نراقبها. هناك احتمال كبير جدًّا أن تؤدي تخفيضات الأسعار إلى ارتفاع الأسعار وأن خفض أسعار الفائدة هذه المرة ليس قرارًا اقتصاديًّا بل هو قرار سياسي. وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي أكبر تخفيض لسعر الفائدة منذ سنوات، الأربعاء الماضي، وقد خفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 50 نقطة، وفي رأيي، هي بداية عدوانية للغاية لسلسلة التخفيضات المتوقعة لأسعار الفائدة، ويشير حجم هذا التخفيض في أسعار الفائدة إلى أننا بالفعل في ركود عميق. وهذا أهم ما قاله رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول Jerome Powell خلال مؤتمره الصحافي “قرّرت لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية خفض درجة ضبط السياسة من خلال خفض سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، يعكس هذا القرار ثقتنا المتزايدة في أنه من خلال إعادة معايرة موقفنا السياسي بشكل مناسب يمكن الحفاظ على قوة سوق العمل في سياق النمو المعتدل والتضخم الذي يتحرك بشكل مستدام إلى 2 %، إذا تطوّر الاقتصاد كما هو متوقع ويتوقع أن يكون المستوى المناسب لسعر الفائدة 4.4 % في نهاية هذا العام و3.4 % في نهاية عام 2025”. وأضاف “لذا أود أن أقول إننا لا نعتقد أننا متخلفون ونعتقد أن هذا هو الوقت المناسب، لكنني أعتقد أنه يمكنك اعتبار هذا علامة على التزامنا بعدم التخلف عن الركب، لقد كنا صبورين للغاية بشأن خفض سعر الفائدة، لقد انتظرنا، لقد خفضت البنوك المركزية الأخرى في جميع أنحاء العالم العديد من أسعار الفائدة عدة مرات، وانتظرنا، وأعتقد أن هذا الصبر قد أتى بثماره حقًّا في شكل ثقتنا في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام تحت 2 %، لذلك أعتقد أن هذا هو ما مكّننا من اتخاذ هذه الخطوة القوية اليوم. لا أعتقد أنه ينبغي لأحد أن ينظر إلى هذا ويقول، أوه، هذه هي الوتيرة الجديدة التي نتحرّك بها، بالوتيرة التي نعتقد أنها مناسبة بالنظر إلى التطورات في الاقتصاد. في الحالة الأساسية، يمكن للاقتصاد أن يتطوّر بطريقة تجعلنا نتحرّك بشكل أسرع أو أبطأ. في الوضع الحالي، كانت الاحتياطيات مستقرة حقًّا. لم تنخفض. نحن لا نفكر في وقف التدفق النقدي بسبب هذا على الإطلاق. نحن نعلم أن هذين الأمرين يمكن أن يحدثا جنبًا إلى جنب. بمعنى ما، كلاهما شكل من أشكال التطبيع وبالتالي، يمكنك أن تجعل الميزانية العمومية تتقلص لفترة من الوقت ولكنك قد تخفض أسعار الفائدة أيضًا”. وأضاف “عندما يتعلق الأمر بخلق فرص العمل، فإن الأمر يعتمد على تدفقات العمالة الوافدة. فإذا كان لديك ملايين الأشخاص الذين ينضمون إلى قوة العمل، وكنت تخلق 100 ألف وظيفة، فستشهد ارتفاعًا في معدلات البطالة. لذا فإن الأمر يعتمد حقًّا على الاتجاه الكامن وراء تقلبات الأشخاص القادمين إلى البلاد. نحن ندرك أن هناك تدفقًا كبيرًا عبر الحدود، وكان هذا في الواقع أحد الأشياء التي سمحت لمعدل البطالة بالارتفاع، والشيء الآخر هو معدل التوظيف الأبطأ، وهو شيء نعاني منه أيضًا”. معدل التضخم وباختصار، صرّح باول مرة أخرى أن التضخم يتّجه نحو معدل الهدف البالغ 2 %. وقال إنه يتوقع أن يكون سعر الفائدة حوالي 4.5 % في نهاية هذا العام، مما يعني أننا سنرى خفضًا آخر هائلًا في أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية خلال الأشهر القليلة المقبلة وخفضًا بنسبة 3.5 % في العام التالي. من المتوقع أن يكون التعديل القادم لسوق العمل مهمًّا للغاية، حيث سيبلغ 90 ألف وظيفة، فقد زاد بنك الاحتياطي الفيدرالي من توقعاته بارتفاع معدلات البطالة. وتوقعاته الآن هي 4.4 % لمعدل البطالة حتى نهاية هذا العام. وتُظهِر البيانات الرسمية أننا عند 4.2 % الآن وقبل شهرين فقط توقّع بنك الاحتياطي الفيدرالي معدل بطالة بنسبة 4 %، لذا أتوقع سوف نرى ارتفاع معدلات البطالة من الآن فصاعدًا وقد يكون سوق العمل أسوأ بكثير مما يبدو عليه في هذا الوقت، وهو ما يفسّر خفض أسعار الفائدة الضخم بمقدار نصف نقطة مئوية الذي أُعلن عنه الأربعاء الماضي. بذور أزمة إنه هذا الخفض الجريء لأسعار الفائدة في رأيي قد زرع بنك الاحتياطي الفيدرالي فعليًّا بذور موجة ضخمة من التضخم والأزمة التالية التي ستكون أكثر خطورة من أي ركود شهدناه من قبل وهي ليست مصادفة بأي حال من الأحوال بل هي خطوة متعمدة. عندما يخرج التضخم عن السيطرة أكثر فستكون هناك حاجة لتشديد السياسة النقدية. وبعد إعلان بنك الاحتياطي الفيدرالي خفض الفائدة مباشرة انخفض مؤشر الدولار الأميركي إلى أدنى نقطة له هذا العام مقابل سلة من ستة منافسين رئيسيين، فقد انخفضت بنسبة 0.3 %. وهو أضعف نقطة له منذ يوليو 2023 وستؤدي تخفيضات أسعار الفائدة إلى إضعاف الدولار أكثر في المستقبل وقفز الذهب إلى أعلى مستوى قياسي عند 2560 دولارًا للأوقية وارتفعت عائدات سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بمقدار ست نقاط أساس إلى 3.7 %. وأضاف عائد سندات الخزانة لمدة عامين أكثر من نقطتين أساس. لذلك لدينا دولار منخفض، وأسعار ذهب مرتفعة وعوائد سندات خزانة مرتفعة. هذه عاصفة مثالية. ومع ذلك، علق رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأن الاقتصاد قوي.