حذر عدد من الخبراء الماليين المستثمرين الأفراد، في ندوة نظمتها المحافظة الشمالية، بشأن الاستثمار في الأوراق المالية والعملات الرقمية، من التعامل مع منصات غير مرخصة أو غير معروفة في تداول الأصول المالية، محذرين من تنوع طرق الاحتيال المالي بصورة مستمرة. وقال الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة البحرين للمقاصة عبدالله عابدين، إن البحرين وزعت بالسنوات الثلاث الماضية أرباحا نقدية مباشرة على المساهمين بقيمة 1.5 مليار دولار، مؤكدا أن هذا الرقم يعكس اهتمام الشركات في البحرين بدعم المستثمرين، إذ تم تحويل هذه الأرباح بشكل مباشر إلى حسابات المساهمين البنكية. وأشار إلى أن البحرين، التي يبلغ عدد سكانها 1.5 مليون نسمة، تتمتع بنسبة مساهمين جيدة تبلغ 162 ألف مساهم تقريبا، إذ تتراوح نسبة المساهمين عالميا بين 5 % و50 %، وهو ما يعكس ثقة المجتمع البحريني في الاستثمار بسوق الأوراق. وأضاف أن البحرين تتميز بتنوع قطاعاتها الاقتصادية، إذ يلعب قطاع البنوك دورا كبيرا في السوق المالية البحرينية، إلى جانب قطاعات أخرى مثل الاتصالات، السياحة، والعقارات. وأكد أن هذا التنوع يساعد على تقليل المخاطر وزيادة فرص العوائد للمستثمرين. وبين أن المستثمرين يمكنهم الاستفادة من هذا التنوع، عبر توزيع استثماراتهم في مختلف القطاعات، وهو ما يساهم في خلق فرص استثمارية متنوعة وآمنة. كما تطرق عابدين إلى الأدوات الاستثمارية المتاحة في بورصة البحرين، مشيرا إلى أهمية السندات والصكوك الإسلامية كخيار استثماري. أوضح أن شركة البحرين للمقاصة تعمل على تسهيل مشاركة المستثمرين الأفراد في هذه الأدوات، إذ يمكنهم الاستثمار في الصكوك الحكومية بمبلغ قدره 500 دينار بحريني بحد أدنى، وهو ما يعد فرصة للمستثمرين الأفراد للمساهمة في السوق بمرونة وأمان. وذكر أن هذه الخطوة تأتي في إطار دعم مبادرة البحرين لتعزيز الاقتصاد المحلي، عبر توفير أدوات استثمار آمنة ومربحة. وأشاد عابدين بمبادرات مملكة البحرين في تعزيز الاستثمار المستدام والحوكمة الجيدة في السوق المالية، مشيرا إلى أن هذه المبادرات تساهم بشكل كبير في جذب المستثمرين، سواء الأفراد أو المؤسسات.  وأكد أهمية التعاون مع وسطاء ومؤسسات مالية مرخص لها في مملكة البحرين، منوها بأن صغار المستثمرين يحظون بالحماية الكاملة في التشريعات. من جانبه، قال مدير الخزانة في بيت التمويل الخليجي ممثل معهد البحرين للدراسات المصرفية والمالية عبدالرحمن سيف، إن الأدوات الاستثمارية المتاحة في البحرين، سواء عبر بورصة البحرين أو عبر صناديق استثمارية مرخصة من قبل مصرف البحرين المركزي، توفر فرصا آمنة للمستثمرين الأفراد. وأضاف أن المستثمرين الذين لا يملكون الوقت أو الخبرة الكافية يمكنهم تعيين مديرين متخصصين لإدارة محافظهم الاستثمارية، ما يساعد على تحقيق العوائد وتقليل المخاطر. أدوات استثمارية وأوضح سيف أن مدير المحفظة يمكنه توجيه الاستثمارات نحو قطاعات قوية ومستقرة مثل القطاع المصرفي أو الشركات البحرينية التي تتمتع بسجل طويل من توزيع الأرباح المستمرة. كما أن الأدوات الاستثمارية المتاحة تشمل السندات والصكوك الحكومية التي توفر عوائد ثابتة وأقل خطورة. وأشار سيف إلى أن العملات الرقمية تمثل “ترند” حديثا في الأسواق العالمية، خصوصا في الولايات المتحدة، حيث بدأت صناديق استثمارية كبيرة مثل “بلاك روك” إضافة العملات الرقمية إلى محافظها. ومع ذلك، حذر من أن العملات الرقمية تظل عالية المخاطر، ولا ينبغي للمستثمرين تخصيص نسبة كبيرة من رأس مالهم لها. ونصح بأن يتم تخصيص نسبة صغيرة من المحفظة للاستثمار في هذه العملات، بشرط أن تكون تلك الاستثمارات ضمن صناديق مرخصة ومراقبة. الحفاظ على رأس المال وأكد سيف في حديثه أن العائد على رأس المال مهم، ولكن الحفاظ على رأس المال نفسه أهم. لذا فإن اختيار الأدوات الاستثمارية الآمنة والمدروسة هو الأساس لتقليل المخاطر. وأوضح أن مصرف البحرين المركزي وبورصة البحرين يضعان تشريعات صارمة لحماية المستثمرين، خصوصا الصغار منهم، وضمان أن الصناديق الاستثمارية تعمل وفق معايير عالية من الشفافية والحوكمة. وأشار إلى أن هناك بعض العملات التي أصدرت ضمن هدف وسياق محدد ولها قيمة، في حين أن هناك عملات مشفرة أخرى فقط للمضاربة. من جانبه، أكد رئيس شعبة الجرائم المالية بوزارة الداخلية الرائد محمد العبدالله، أن أساليب الاحتيال المالي تتطور يوميا، حيث يعتمد المحتالون على تحديث أساليبهم بطرق جديدة تستهدف المستثمرين في الأسهم والعملات الرقمية. وأضاف أن معظم عمليات الاحتيال تبدأ بإغراء الضحية بعوائد غير واقعية، مثل وعود بمنح أرباح شهرية أو أرباح كبيرة بفترة قصيرة، ما يدفع الضحية لضخ أموال إضافية في المنصة الوهمية. التوعية المستمرة وأوضح العبدالله أن إدارة الجرائم المالية تعمل على تقديم حلول وقائية، إذ يتم تحديث الجمهور بأساليب الاحتيال الجديدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، داعيا المواطنين إلى متابعة الحسابات الرسمية للإدارة على المنصات المختلفة مثل “إنستغرام”، والبقاء على اطلاع دائم بما يتم نشره من تحذيرات. وتحدث العبدالله أيضا عن التوجه نحو استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة استباقية للتنبؤ بالجرائم قبل وقوعها. وأكد أن هذه التقنية ستساعد في تحديد الأنماط المتكررة للاحتياجات الجديدة وتتيح الفرصة لردعها قبل أن تتسبب في خسائر للمواطنين.  وأكد ضرورة التعامل مع منصات مرخصة ومراقبة من الجهات الرسمية مثل مصرف البحرين المركزي وبورصة البحرين، وأن أي وعود بأرباح خيالية غالبا ما تكون إشارة إلى عملية احتيال. وحذر من الوثوق بمنصات تقدم عوائد ثابتة وشهرية دون وجود أي تدقيق حقيقي أو رقابة مالية على هذه العمليات. تقنية بصمة الوجه وقال إن البحرين حققت نجاحا كبيرا في التصدي لعمليات الاحتيال المالي، حيث انخفضت حالات الاحتيال المتعلقة بسرقة البيانات البنكية عبر تطبيق “بنفت” إلى صفر بالأشهر الثلاثة الماضية. وأضاف أن هذا الإنجاز باستخدام تقنيات حديثة تمنع نقل البيانات البنكية الخاصة بالزبائن دون التحقق من هويتهم عبر الهاتف، باستخدام بصمة الوجهة للتحقق من هوية العميل. وشدد العبدالله على أهمية التعامل مع منصات مرخصة من قبل مصرف البحرين المركزي عند الاستثمار في الأسهم أو العملات الرقمية. وأكد أن الاستثمار في منصات غير مرخصة يحمل مخاطر كبيرة، ويجب على المستثمرين توخي الحذر والحرص على استخدام القنوات الآمنة؛ لضمان حماية أموالهم.