من المتوقع أن تؤدي عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض إلى إعادة تشكيل السياسة الخارجية الأميركية، مما يعد بتحولات جذرية محتملة على جبهات متعددة مع اشتعال الحرب في أجزاء من العالم.
وخلال حملته الانتخابية، قدّم ترامب تعهدات سياسية واسعة النطاق، غالبًا ما تفتقر إلى تفاصيل محددة، بناءً على مبادئ عدم التدخل والحماية التجارية أو كما يطلق عليها “أمريكا أولًا”.
يشير فوزه إلى واحدة من أهم الاضطرابات المحتملة في نهج واشنطن للشؤون الخارجية في خضم أزمات موازية منذ سنوات عديدة، وسيؤدي إلى تغييرات جذرية في السياسات الاقتصادية والبيئية الأميركية، مع تأثيرات محتملة على الساحة العالمية. من المتوقع أن تتجه الولايات المتحدة نحو سياسات أكثر تحفظًا في مجالات التجارة والبيئة، مما قد يغير من ديناميكيات العلاقات الدولية.
وقال المستشار السياسي الدكتور أحمد الخزاعي إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض وضعت السياسة الخارجية الأميركية على مسار جديد، مع ما تحمله من تغييرات جوهرية في نهجه غير التقليدي للتعاطي مع ملفات الشرق الأوسط وقضايا متشابكة أخرى.
وأضاف الخزاعي إنه لا توجد ملامح واضحة لسياسة ترامب الخارجية، وإن الرئيس المنتخب والحلقة المقربة منه لم يشرحوا مثلا تفاصيل خطتهم لأنهاء الصراع في الشرق الأوسط.
واكد المستشار الخزاعي في حديثه لـ”البلاد” إن ترامب قادر على حل الصراع في الشرق الأوسط من خلال علاقاته الطيبة مع جميع الرؤساء في دول المنطقة.
وأضاف أن الدول العربية ستدعم جهود الرئيس الأميركي المنتخب في هذا المجال من خلال علاقاتها الوثيقة، أما عن العلاقات مع أوروبا فأكد الخزاعي إن ملامح الإدارة الثانية لترامب ستختلف عن العهد الأول، وإن القادة الأوروبيين يعرفون أنهم سيخوضون في بحر متلاطم من المشاكل مع الرئيس المنتخب مثل الحرب في أوكرانيا والإنفاق الدفاعي، في ظل التناقضات الموجودة ببين إرادات ترامب والقادة الأوروبيين.
وقال المستشار السياسي الدكتور أحمد الخزاعي، مع الكشف عن المزيد من الأسماء المرشحة لمناصب بارزة في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، تتضح شيئا فشيئا ملامح السياسة الخارجية والداخلية للولايات المتحدة، بعد توليه المنصب.
وأوضح أن الأشخاص الذين رشحهم ترامب حتى الآن لإداراته المقبلة، شاركوا في حملته الانتخابية، معتبرًا أنهم بالتالي يسعون إلى تحقيق رغبات الشعب، وترامب يسعى إلى تشكيل حكومة تحقق رغبات الأميركيين سواء في الملفات الداخلية أو على صعيد القضايا الخارجية، مشيرًا إلى أن اتهام الرئيس المنتخب بالعنصرية أو الفاشية أو أنه يميني متشدد لم يعد لها أي معنى.
روسيا وأكرانيا وحلف الناتو
خلال حملته الانتخابية، قال ترامب مراراً إنه يستيطع إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا خلال يوم واحد. وعندما سُئل عن كيفية تحقيق ذلك، اقترح الإشراف على صفقة، لكنه رفض تقديم تفاصيل.
وكتب اثنان من مستشاري ترامب السابقين للأمن القومي، في ورقة بحثية في مايو، أنه يجب على الولايات المتحدة الاستمرار في إمداد أوكرانيا بالأسلحة، لكنه دعم مشروط بدخول كييف في مفاوضات سلام مع موسكو.
ولجذب روسيا، سيعد الغرب بتأجيل دخول أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقال مستشارون سابقون إنه يتعين على أوكرانيا عدم التخلي عن آمالها في استعادة أراضيها التي تحتلها روسيا، لكن يتعين عليها التفاوض استنادا إلى خطوط المواجهة الحالية.
وقال ترامب مرارًا إن أولويته هي إنهاء الحرب، ووقف استنزاف الموارد الأميركية.
لكن من غير الواضح إلى أي مدى تعكس ورقة مستشاري ترامب تفكير الرئيس الأميركي المنتخب نفسه، لكنها تعطي دليلًا على نوع النصيحة التي سيحصل عليها على الأرجح.
الشرق الأوسط
وكما في أوكرانيا، وعد ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط - مما يدل على سعيه لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة، والحرب بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، لكنه لم يقل كيف.
وقال ترامب مرارًا، إنه لو كان في السلطة بدلًا من جو بايدن، لما هاجمت حماس إسرائيل، بسبب سياسته الضغط الأقصى التي ينتهجها على إيران، التي تمول حركة حماس.
وأدلى ترامب بتصريحات عدة خلال حملته الانتخابية قال فيها إنه يريد أن تنتهي حرب غزة.
لدى ترامب علاقة معقدة، وفي بعض الأحيان غير مستقرة، مع نتنياهو، لكنه يمتلك القدرة على ممارسة الضغط عليه.
ولديه أيضًا تاريخ من العلاقات القوية مع قادة في دول عربية مهمة لديها اتصالات مع حماس.
لكن من غير الواضح كيف سيتمكن ترامب من التوفيق بين رغبته في إظهار الدعم القوي لإسرائيل ومحاولته إنهاء الحرب. (اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الإلكتروني)
الصين والتجارة
والنهج الأميركي تجاه الصين هو أهم مجال استراتيجي في سياسة الولايات المتحدة الخارجية، وهو المجال الذي له أكبر الآثر على الأمن والتجارة العالميين.
وخلال فترة رئاسته الأولى، اعتبر ترامب، الصين، منافسًا استراتيجيًّا وفرض رسومًا جمركية على بعض وارداتها إلى الولايات المتحدة، وهو ما دفع بكين إلى فرض رسوم جمركية على الواردات الأميركية.
وكانت هناك جهود لتهدئة النزاع التجاري، لكن تفشي فيروس كورونا قضى على هذه الفرصة، وساءت العلاقات بعد أن وصف ترامب الفيروس بأنه فيروس صيني.
بينما قالت إدارة الرئيس بايدن إنها تتخذ نهجًا أكثر مسؤولية تجاه سياسة الصين، لكن في الواقع أبقت على كثير من الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب.