كانت سنوات دراسة الطب في جامعة بغداد بالنسبة للطلبة البحرينيين - وخصوصًا ممن اختاروا الجامعة في مرحلة الستينيات – هي المشوار الأول لطموح الكثيرين منهم ممن أصبحوا فيما بعد أسماء متميزة في قطاع الطب بمملكة البحرين، ومنهم الراحل الطبيب عبدالله كمال.
غرفة مستأجرة
في قلب المنامة، وعلى شارع الشيخ عيسى حيث مركز الدكتور عبدالله كمال الطبي، يحكي المبنى قصة تأسيس العيادة في السبعينيات، وحسب ما ترويه ابنة الراحل الطبيبة سميرة عبدالله كمال، فإن البداية كانت طموحة وإن كانت في عيادة طبية خاصة ليست سوى غرفة مستأجرة في عمارة لأحد الأقارب، فبدأ الوالد رحمه الله مشواره، والجميل في تلك الذكرى، أن الوالدة التي توفيت في العام 1988 رحمها الله، وقفت معه وساندته ولتخصصها في الإدارة والاقتصاد، وضعت النظام الإداري للعيادة في بواكيرها، بل كانت تشتري الأقمشة من سوق المنامة وتخيطها وتصنع منها أغطية الأسرة والمخدات بالعيادة.
الذهاب لمنطقة مجهولة!
الراحل الطبيب عبدالله كمال من مواليد مكة المكرمة في 12 يناير 1934، نشأ وترعرع في فريج الفاضل بالمنامة، كان لدى الدكتور عبدالله كمال، وراوده حلمه بعد تخرجه في جامعة بغداد، وذلك الحلم هو تأسيس منشأة طبية كاملة الخدمات على مدار الساعة في البحرين، لكن تلك الفكرة لم تكن أمرًا تم تجربته من قبل هنا أو في منطقة الخليج وقتذاك، لذلك لم يكن من المستغرب أن يثبطه الناس عن ترك أمان وظيفته والذهاب إلى منطقة مجهولة تمامًا! أي أن يترك العمل في وزارة الصحة ويعمل في عيادة خاصة وحتى بعض أصدقائه من الأطباء رفضوا الفكرة حينما عرضها عليهم، لكنه كان مصممًا وجريئًا وشجاعًا، فقد عمل لعام واحد في الوزارة وفي 2 نوفمبر 1974، استقبل أول مريض له في عيادته الخاصة في شارع الشيخ عيسى، وكانت العيادة في ذلك الوقت تتكون من بضع غرف مستأجرة في الطابق الأرضي من منزل صهره محمد عيد الخاجة.
والد الطب الخاص
توسعت العيادة بسرعة انطلاقًا من هذه البادية المتواضعة من خلال الكثير من العمل الجاد والعزيمة والتفاني وإخلاص الراحل الدكتور عبدالله كمال لمرضاه ولمهنته، ودعم العائلة والزوجة كذلك، حتى أنه اهتمّ في مشوار حياته بمساعدة المحتاجين من المرضى حتى أولئك الذين يحتاجون بناء منزل أو إكماله، ولهذا كان يوصي بألا يتم إغلاق عيادته يوم وفاته.. يتوجّب أن تستقبل المرضى وتقدم لهم الرعاية والعلاج.
هذه المسيرة بقيت حتى بعد وفاة الراحل عبدالله كمال في العام 1995، كاسم وعلامة فارقة في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للمجتمع البحريني، ولا عجب أن يطلق عليه لقب “والد ممارسة الطب الخاص في البحرين”.