نموذج “فلمينج” يركز على عوامل تسمى “الممكنات” و “النتائج” الجودة تعد جديدة في عالم الإدارة وكانت مقتصرة على تطريز ملابس الملوك وصياغة المجوهرات عندما كنا أطفالا كنا نصف أي شيء رديء الجودة بأنه “ياباني” لكنها أصبحت رائدة في الجودة أهمية تخصيص النماذج المؤسسية لتعزيز رصد الأداء والتحسين المستمر في البحرين يجب التنسيق بين الوزارات لدعم الابتكار وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام هناك تقبل مبدئي لفكرة تقييم الجودة المؤسسي لكنها ما تزال في مرحلة التنفيذ تجربة دبي الرائدة شكلت نموذجا عالميا يحتذى به في حوار خاص مع صحيفة “البلاد”، تحدث مؤسس شركة جفكون لتحسين الإنتاجية د. أكبر جعفري، عن رؤيته الشاملة لمفهوم الجودة وتطورها على مر العقود. وتناول الحوار تجربته المميزة مع برنامج دبي للتميز الحكومي، مسلطا الضوء على أثر هذا البرنامج في إحداث نقلة نوعية في الأداء المؤسسي والحكومي. واستعرض د. جعفري دور النماذج العالمية مثل نموذج “إدوارد فلمينج” والنموذج الأوروبي، مشيرا إلى أهمية تكييفها مع البيئات المحلية في دول مثل البحرين ودبي؛ لضمان فعاليتها وتحقيق أهدافها. كما أوضح أن المرونة في تطبيق هذه المعايير تعد عاملا أساسيا لنجاحها. وأشار د. جعفري إلى تجربة دبي الرائدة التي شكلت نموذجا عالميا يُحتذى به، مع التركيز على إمكان الاستفادة منها لتطوير الأداء الحكومي والقطاع الخاص في البحرين، بما يحقق الاستدامة ويعزز الابتكار.  وأكد أن “جفكون” تسعى دائما إلى تعزيز الإنتاجية، عبر نماذج مبتكرة مصممة خصيصا لتلبية احتياجات المؤسسات البحرينية، ما يسهم في رفع كفاءة الأداء وتحقيق التميز. وإلى نص الحوار.. ما هو تاريخ الجودة ونماذجها؟ فكرة الجودة تُعد جديدة في عالم الإدارة، ففي الماضي، كانت مقتصرة على تطريز ملابس الملوك وصياغة المجوهرات، وكذلك اللوحات الفنية، لكن بعد الحرب العالمية الثانية، وفي سياق إعادة بناء اليابان، تم تشجيع اليابان على تطوير الصناعات، خصوصا الصناعات الاستهلاكية. مع ذلك، لم تكن جودة السلع مرضية لطموحات شخص يدعى “إدوارد فلمينج”، وهو عالم في إدارة الجودة الحديثة والأب الروحي لها، وهو من صمم نموذجا يُعرف باسم “نموذج فلمينج”، وما تزال اليابان تستخدمه حتى الآن. نموذج فلمينج هذا النموذج يركز على أن هناك عوامل أساسية تُسمى “الممكنات”، وعوامل أخرى تمثل “النتائج”، واكتشف أن النتائج لا يمكن تحقيقها ما لم تكن الممكنات أو المصادر المستخدمة في الإنتاج على مستوى الجودة المطلوب، بمعنى أن الجودة تتطلب تراتبية متكاملة في خطوط الإنتاج. من هذا المنطلق، بدأت اليابان تقدم تطورا كبيرا، وأتذكر عندما كنا أطفالا، كنا نصف أي شيء رديء الجودة بأنه “ياباني”، ولكن مع الوقت، قفزت اليابان إلى مستويات عالمية، وفي الستينات، كانت صناعاتهم متواضعة، ولكن بحلول أواخر الستينيات وطوال السبعينات، تفوقت اليابان بشكل ملحوظ، وأثرت سلبا على الصناعات الغربية بسبب تفوق صادراتها. إدارة الجودة الشاملة في الغرب، بدأ التركيز على إدارة الجودة في الثمانينات والتسعينات، ظهر نموذج يُسمى “إدارة الجودة الشاملة”، وكان نموذجا شاملا لكنه لم يكن محددا بدرجة كبيرة، لاحقا، تم تطوير هذا النموذج، خصوصا من قِبل “فلمينج”. في العام 1951، بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت اليابان في اعتماد هذا النموذج لإعادة البناء، وفي التسعينات، تبنت المجموعة الأوروبية نموذجا جديدا يسمى “النموذج المتكامل”. النموذج الأوروبي والأميركي النموذج الأوروبي يتكون من 9 عناصر، وتم تنفيذه في إدارات الحكومة والمصانع بالذات، ولاحقا تم تصديره عالميا، وفي أميركا تم تبني نفس النموذج تقريبا، ولكن تحت مسمى “مالكوم بالدريج”؛ تخليدا لذكرى وزير التجارة الذي دعم هذا المشروع قبل وفاته. عناصر النموذج النموذج الأوروبي لإدارة الجودة، وكذلك نموذج مالكوم بالدريج، يتكونان من 9 عناصر، من بين هذه العناصر، هناك 4 عناصر تمثل “الممكنات”، و5 تمثل “النتائج” أو “المخرجات”. حدثنا عن تجربة دبي للتميز الحكومي؟ تجربة دبي أو نموذج دبي للتميز مأخوذ من التميز الأوروبي، لذا أصبح مفهوم التميز بشكل عام نموذجا غير ثابت، حاله حال النموذج الأوروبي، النموذج الأميركي، والنموذج العالمي غير ثابتين، حيث يعتمد النموذج على القطاع وظروف المؤسسات وأمورها الداخلية، فالمؤسسات بعد تعديل النموذج تستعمله بما يتناسب مع احتياجاتها. في دبي، تم تكييف النموذج ليتناسب مع ظروفها المحلية، لكل عنصر من عناصر النموذج وزن محدد، وهذه الأوزان تختلف من بيئة لأخرى، ولكن الشكل العام يبقى كما هو، وننصح بعدم تطبيق النموذج كما هو بحذافيره في أوروبا أو أميركا؛ لأن هناك معطيات وظروف مختلفة تناسب بيئتنا بطريقة أخرى. ما رؤية “جفكون” لهذه النماذج، وكيف كان تأثيرها ببرنامج دبي للتميز الحكومي الذي شاركتم بالتقييم فيه؟ قمنا عبر مؤسسة جفكون، بتطوير نموذج مستوحى من نفس الروح الأساسية، وتم تصميمه خصيصا لقطاع الصناعة في البحرين، أجرينا تجارب عليه، وكانت النتائج جيدة جدا ودقيقة، النموذج هو أكثر تحفيزيا من كونه قياسيا، حيث يهدف إلى تشجيع المؤسسات على تحقيق أداء أعلى وأفضل. في البداية، هناك مقارنات بين المؤسسات، الوزارات، المشروعات، وحتى الأفراد، وتم تصنيف الأداء إلى 4 تصنيفات رئيسية لإدارة الجودة. في دبي، أحدث النموذج ثورة في الأداء؛ إذ تحولت المؤسسات إلى كيانات فعالة جدا، بالنسبة للمشروعات، زادت نسبة النجاح بشكل مذهل، أما الأفراد الذين فازوا بجوائز التميز، فقد أصبحوا مديرين تنفيذيين ووزراء، واحتلوا مراكز مرموقة. كيف ترى تكييف هذه المعايير لتتناسب مع بيئة البحرين؟ بالنسبة لشركة جفكون، نرى إمكان التكيف مع هذه المعايير لتتناسب مع بيئة البحرين، لدى جفكون خبرة واسعة تمتد لـ 33 سنة في العمل مع القطاع الخاص والقطاع العام، في القطاع الخاص، شمل العمل قطاعات متعددة مثل الصناعة، المصارف، الخدمات، الاتصالات، والمواصلات، أما في القطاع العام، فكان التعاون مع 80 % من الوزارات والمؤسسات الحكومية وكان تعاونا مكثفا. والنماذج التي اعتمدتها الشركات والمؤسسات في دبي تم تعديلها لتتناسب مع ظروف كل مؤسسة، ويجب أن تكون النماذج الرسمية جزءا حيويا من إدارة المؤسسات في مملكة البحرين، وليست مجرد إضافات، وإدارة رصد الأداء مهمة للغاية، ولكن يجب أن تكون مبنية على أسس نموذجية وليست اجتهادية، لتحقيق مقارنات فعالة بين المؤسسات، وتعزيز التحسين المستمر للأداء. هل هناك خطط للتعاون المستقبلي مع مؤسسات حكومية وخاصة في البحرين؟ هناك تحركات حالية للتعاون مع مؤسسات حكومية في البحرين، على سبيل المثال، جرت مناقشات مع وزارة الصناعة والتجارة، وهناك تقبل مبدئي للفكرة، لكنها ما تزال في مرحلة التنفيذ، من المهم أن تتبنى رئاسة الوزراء أو مجلس الوزراء هذا المشروع لتعميمه على جميع الوزارات. كيف يمكن أن تدعم هذه المعايير الاستدامة والابتكار الحكومي في البحرين؟ يجب على الوزارات المعنية تشجيع وتحفيز القطاع الخاص على تبني هذه الفكرة؛ لأن جميع الجهود تصب في تحقيق نمو اقتصادي مستدام، كما يجب دعم الابتكار الحكومي وتشجيع الكفاءات المحلية، عبر توعية القطاعات المعنية والمؤسسات والمجتمع ككل. ولابد أن يكون هناك انسجام وتناغم بين الوزارات والجهات المختلفة، بحيث تعتمد جميعها نفس النموذج، هذا يؤدي إلى تحسين الأداء بشكل تصاعدي. إذا لم يكن هناك نموذج موحد، فقد تتفاوت مستويات الجودة بين الجهات، ما يؤدي إلى إرباك. ما الدروس المستفادة من تجربة دبي وتطبيقها في البحرين؟ الفكرة مرحب بها في البحرين كنموذج لتحسين الإنتاجية، التنفيذ هو التحدي الأكبر، ويجب أن تتبنى جهة معينة هذا المشروع، في كل وزارة أو شركة، يجب أن تكون هناك إدارة متخصصة لرصد الأداء، مع الاعتماد على مقارنات مستمرة مع الأداء السابق، وأداء المؤسسات الأخرى، هذا الأسلوب يشجع على تحسين تصاعدي للأداء.