يتعرض البحريني الذي ثبتت عليه جريمة تزوير شهادته – أو أي وثيقة – للمساءلة القانونية والعقوبة، أليس ذلك يسري - بالضرورة والقانون- أيضًا على غير البحرينيين؟
حسنًا، بالإمكان العودة على سبيل المثال لا الحصر، إلى ديسمبر من العام 2023، حيث أيدت محكمة الاستئناف الجنائية العليا حكم أول درجة بسجن متهم بحريني لمدة 3 سنوات زاول مهنة الهندسة من دون شهادة مدّة 15 سنة، وكانت محكمة الدرجه الاولى قضت بمعاقبة المتهم البحريني بمعية آخر آسيوي بذات العقوبة كما أمرت المحكمة بمصادرة المحرّرات المزوّرة وهي الشهادات.
قضية أخرى من أرشيف العام 2019، حيث عاقبت المحكمة الكبرى الجنائية الأولى، غيابيًا، متهما بتزوير شهادة أكاديمية تفيد حصوله في العام 2009 على درجة البكالوريوس من أحد المعاهد الأوروبية المتخصصة في العلوم السياسية، والتي ثبت أنها لم تصدر من الجهة المانحة! وذلك بسجنه لمدة 3 سنوات، كما أمرت بمصادرة المحررات المزورة.
عدم الاكتراث بالقانون
ذهابًا إلى التقرير الذي كتبه الزميل حسن عبدالرسول ونشرته البلاد يوم الجمعة 10 يناير 2025، سلط التقرير الصادر عن لجنة التحقيق النيابية بشأن بحرنة الوظائف في القطاعين العام والخاص، الضوء على مجموعة من الفجوات في جهود بحرنة الوظائف بالقطاع العام، بما في ذلك عدم الامتثال للقوانين القائمة، كما تطرق التقرير الصادر إلى وجود مجموعة من الجهات بالقطاع الحكومي والشركات الحكومية والقطاع الخاص، التي لا تقوم بتدقيق شهادات غير البحرينيين، فهذه المخالفات “معتمدة” أي أنها “عبرت” بشكل أو بآخر من دون تدقيق؟ أم هي “متعمدة” لناحية عدم الاكتراث بالالتزام بالقانون؟ لكن ماذا يقول القانون؟ والجواب أن المادة 270 من قانون العقوبات بشأن جريمة التزوير وطرقه، تنص على أن تزوير المحرر هو :”تغيير الحقيقة فيه بإحدى الطرق المبينة فيما يعد تغييرًا من شأنه إحداث ضرر، بنية استعماله كمحرر صحيح”، ما يعني أن ما كشفته لجنة التحقيق يدق ناقوس خطر يستلزم صرامة تطبيق القانون.
التحديث الشامل للتدقيق
وحتى تتضح صورة الإجراءات، يمكن الاستناد إلى التحديث الشامل لإجراءات التدقيق على الشهادات الجامعية والمؤهلات العلمية بوزارة التربية والتعليم، فالألية بالنسبة للشهادات الصادرة من داخل مملكة البحرين تقوم على تفويض الجامعات المحلية بالتدقيق على الشهادات، وربط أنظمة الجامعات المحلية مع أنظمة الأمانة العامة لمجلس التعليم العالي، ثم تدقيق الأمانة العامة لمجلس التعليم العالي على بيانات المؤهلات العلمية، أما بالنسبة للشهادات الصادرة من خارج البحرين، فهناك إلغاء لإلزامية معادلة الشهادة، مقابل الاكتفاء بالتحقّق من صحة الشهادة عبر شركات متخصصة في التدقيق على صحة المؤهلات، الموصي بها من وزارة التربية والتعليم، وماذا عن التوظيف في القطاع العام؟ هنا، يتولى جهاز الخدمة المدنية التنسيق مع الشركات المتخصصة التي تُوصي بها وزارة التربية والتعليم للتوظيف بالقطاع العام، والتنسيق المباشر بين جهاز الخدمة المدنية والأمانة العامة لمجلس التعليم العالي بشأن الشهادات الصادرة من مؤسسات التعليم العالي داخل مملكة البحرين.
ويبدو أن “العقدة” أو أساس المشكلة تكمن في آلية التوظيف بالقطاع الخاص، فالتحديث الشامل يقول نصًا :يُمكن للمؤسسات التحقّق (اختياريًا) من صحة المؤهلات العلمية عن طريق شركات متخصصة تُوصي بها وزارة التربية والتعليم! واختياريًا، تعني التحقق أو عدم التحقق.
الفرق بين “الفحص والمعادلة”؟
والسؤال المشروع هو: ”هل هناك تهاون في التحقق من شهادات غير البحرينيين؟”، سنعود إلى مجلس النواب في يناير 2021، حيث تمت الموافقة بالأغلبية على مقترح بقانون يشترط معادلة الشهادة التي يحملها الأجنبي من الجهة المختصة، والتي على أساسها يتم توظيفه في إطار قانون الخدمة المدنية عن طريق التعاقد معه، والخلاصة، أن الفارق الزمني بين تقرير لجنة التحقيق النيابية (2024) وبين جلسة يناير 2021 أربع سنوات، ما يلزم أن يتحقق هدف القانون وهو تقييد شغل الوظائف التخصصية عند التعاقد مع الأجنبي لشغلها، بأن تكون الشهادة التي يحملها قد تمت معادلتها من الجهة المختصة، للتأكد من صحتها وفاعليتها لقيامه بالدور التخصصي المناط به وبالجودة المطلوبة، وقتذاك، اختصر النائب السابق هشام العشيري ما يلزم تطبيقه، وهو أن هناك فرقًا بين فحص الشهادة والمعادلة، فالفحص هو التأكد من صحة الشهادة وهل كانت صادرة من جهة معتمدة وديوان الخدمة المدنية ليس الجهة المعنية بفحص الشهادات، ولأن البحريني يتم معادلة شهادته وفق شروط محددة، في المقابل لا يتم التأكد من شهادة الأجنبي من دون وجود أي اعتماد وهذا ما تبين في قضية الشهادات الوهمية.