بذل العديد من الباحثين والأكاديميين والكتاب، وكذلك طلبة الدراسات العليا منذ ما يربو على 20 عامًا، جهدًا بحثيًا قيمًا في مجال الانتماء والهوية والثقافة والنسيج الوطني والشراكة المجتمعية، لكن هذه الجهود بقيت في الأدراج! وهي محفوظة في أرشيفهم بما تشمله من دراسات ومقالات وأبحاث علمية، وقد آن أوانها.
فرصة أمام الباحثين
وبالعودة إلى خبر إعلان اللجنة المنظمة لمنتدى الهوية البحرينية بدء تلقي البحوث والدراسات المشاركة في فعاليات المنتدى، ابتداء من يوم الاثنين 20 يناير حتى 31 مارس 2025، استعدادًا للمنتدى الذي سيعقد في شهر مايو من العام الجاري، فإن أمام الباحثين الذين أنجزوا في السنوات الماضية دراسات تدخل في إطار تعزيز الانتماء الوطني والشراكة المجتمعية، وحماية التراث الثقافي، وترسيخ القيم البحرينية، فرصة لإبراز جهودهم والتقدم للمنتدى، لاسيما بالنسبة للباحثين في الجامعات المحلية والخارجية، والمتخصصين في البحوث من العاملين في قطاع التعليم والمعاهد المحافظات وكذلك في مؤسسات المجتمع المدني.
تأصيل الهوية البحرينية
ومن الأهمية بمكان التذكير بأن فكرة مؤتمر أو منتدى للهوية البحرينية طرحها وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، لدى ترؤسه اجتماع لجنة المتابعة الوزارية لتنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة “بحريننا”، في أكتوبر 2024، وتأسست الفكرة على التوجيهات الملكية السامية الواردة في الخطاب السامي لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في افتتاح دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي السادس لمجلسي الشورى والنواب، التي تضمنت تنفيذ دراسة متكاملة لقياس جهوزيتنا في تأصيل الهوية البحرينية، علاوة على دعم الحكومة برئاسة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، لمبادرات “بحريننا”، وفي هذا الإطار، تتقدم مملكة البحرين على الكثير من الدول الخليجية والعربية والإسلامية في صعيد صيانة الهوية.
د. المناع: تشخيص الاهتمام
لكن، إلى أي مدى يمكن قياس أهمية “منتدى الهوية”؟ الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي د. عايد المناع شخّص هذا الاهتمام بتقديم مثال مهم هو غزو الكويت أوائل التسعينات، إذ أثبت الشعب الكويتي الولاء والحرص على رفعة الوطن وأداء العمل والتضحية من أجل الوطن، وظهرت نماذج مشرفة من الانتماء للهوية الوطنية بالحرص على القيادة والرموز الوطنية، وكذلك بصيانة كرامة الكويت وأهلها في مواجهة الغازي، وبرزت نماذج من العمل التطوعي بروح عالية.
وأردف ”رأينا ذلك في البحرين أيضًا من خلال عدم الانقياد وراء الشعارات، ومن حيث التفاف البحرينيين حول قيادتهم وحرصهم على وطنهم وقيادتهم واستقلالهم، وتصدوا بحزم وقوة لمن انحاز لأطراف خارجية، أيًا كانت الأسباب فقد انتموا للوطن، ودافعوا عن وحدته وسلامته، في نموذج للوطنية الصادقة والمخلصة، حفاظًا على الوحدة الوطنية ونسيجها، فمهما اختلف هذا النسيج، يبقى الولاء للوطن”.
وشدد على أهمية تنفيذ الملتقيات الوطنية التي تعزز الهوية، مستدركا بالقول ”ليس من السهل تعريف الهوية الوطنية بتعدد تعريفاتها، لكنها الانتماء العاطفي والفعلي للوطن، وهذا يعني عشق الوطن والعمل على رفعة شأنه مهما اختلفت الظروف واختلفت الآراء بين الفئات والمكونات، لذلك أرى الهوية الوطنية هي الالتحام النفسي والروحي والوطني بين الإنسان ووطنه الذي ينتمي إليه”.
المرتكزات الوطنية
واستنادًا إلى ما نشرته الصحافة عن تصريح رئيس اللجنة التنفيذية للمنتدى يوسف البنخليل، فإن من أهم الشروط بالنسبة للأبحاث والدراسات المقدمة من الأكاديميين والباحثين وطلبة الجامعات البحرينيين، أن تكون مكتوبة باللغة العربية، وتعالج أحد المحاور الرئيسة للمنتدى، وهي: الهوية البحرينية: مرتكزات وطنية وقيم إنسانية، أدوار المؤسسات الوطنية في تأصيل الهوية، الأسرة البحرينية في مواجهة تحديات الهوية، بالإضافة إلى تراث وآثار البحرين: حماية وتطوير، والابتكار والشراكة المجتمعية لتعزيز الهوية البحرينية، وقياس جهوزية الدولة في تأصيل الهوية البحرينية، وأخيرًا إبراز الهوية البحرينية عالميًا.
د. لولوة: فرصة استراتيجية
وعن هذه المحاور، رأت الكاتبة والأكاديمية البحرينية د. لولوة بودلامة أن أهمية الموضوع انطلقت من توجيهات ملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وهي توجيهات استشرافية انبثق منها “منتدى الهوية الوطنية”، لهذا فإن المنتدى مهم كملتقى ومنصة وطنية تتيح طرح الأفكار المبتكرة، وفتح المجال للحوار والنقاش والتعمق في الموضوعات التي تخص الهوية الوطنية، كما أنها فرصة لتقديم رؤى ومبادرات تسهم في تعزيز الانتماء الوطني وقيم المواطنة وحماية التراث الوطني في مملكتنا.
وأشارت بودلامة إلى أن البحوث العلمية هي مرتكز اتخاذ القرار، لاسيما حين تكون علمية ورصينة، فالقرارات السليمة تبنى على الدراسات وهذا ما لمسناه عبر دعوة الباحثين والأكاديميين لتقديم بحوثهم، فالمنتدى سيضم صناع القرار والمثقفين والباحثين وأطياف المجتمع كافة، ليصبح فرصة استراتيجية لتبادل الأفكار وتعزيز الابتكار في كيفية تعزيز الهوية، فهي، أي الهوية، ليست ماضيًا فحسب، بل الماضي المرتبط بالحاضر والموصول بالمستقبل.
استهداف شريحة الشباب
وحددت اللجنة المنظمة مشاركة الباحثين البحرينيين الذين تتجاوز أعمارهم 21 عامًا، وفي ذلك دلالة على افساح المجال لشريحة الشباب لتقديم مشروعات عملية تطبيقية، ومبادرات مستقبلية لتعزيز الهوية البحرينية، ويسمح لكل باحث أن يتقدم بدراسة واحدة فقط، ومن الممكن أن يشارك في الدراسة الواحدة أكثر من باحث عبر المجموعات والمراكز البحثية البحرينية. ويمكن للراغبين الاطلاع على تفاصيل أكثر عبر زيارة الموقع الإلكتروني لـ “بحريننا”:(www.bahrainouna.com)