هل يصح كلام الفئة المعارضة لتطبيق نظام “النوخذة البحريني” بأنه “لا يوجد بحرينيون يريدون العمل في البحر كنواخذة”؟ حسنًا، ليكن ذلك الكلام قابلا “للرأي والرأي الآخر”، لكن شبابا بحرينيين حسموا الجدل في ملتقى مجلس الدخيل بقلالي قبل أيام. ما الذي يجري في بحارنا وثروتنا السمكية؟ ولماذا “بح صوت البحارة” ولا من مجيب؟ لنعبر في تسلسل مختصر كمحاولة للفهم، ونعود إلى يوم 6 سبتمبر من العام 2012، حيث تحدث الرئيس الفخري لجمعية الصيادين وحيد الدوسري آنذاك، وانتقد التقاعس عن حماية البحر والبيئة البحرينية، واستمر ذلك الأمر طيلة 30 عامًا دون حلول، ولا يمكن السكوت عن تدمير البحر. طي “الروزنامة” وبعد طي الروزنامة إلى 12 مايو 2015، طالب رئيس جمعية قلالي للصيادين محمد الدخيل بتسريع خطوات إقرار تشريعات وقوانين من شأنها أن تحد من الصيد الجائر وصيد الروبيان عبر كرف البحر وتدمير الثروة البحرية بصورة خطرة جدًا تؤثر على المخزون السمكي والأحياء البحرية المختلفة، وبفارق 5 سنوات تطوى الروزنامة إلى 15 يونيو 2020، حين تم تكليف اللجنة الوزارية للمشاريع التنموية والبنية التحتية في اجتماع مجلس الوزراء بوضع الآليات المناسبة لضمان تفعيل قانون الثروة البحرية ومنها النوخذة البحريني، وتشديد الرقابة على المخالفين؛ وذلك بهدف تنظيم الصيد وحماية الثروة البحرية، استنادًا إلى القانون الصادر بالمرسوم الملكي رقم 20 للعام 2002 بتنظيم واستغلال وحماية الثروة البحرية، الذي يشترط أن يكون ربان قارب الصيد (نوخذة البانوش) بحرينيًا، وهو ما اصطلح عليه بمسمى “النوخذة البحريني”، وماذا بعد؟ في 14 أغسطس 2021 تحدث النائب السابق علي زايد عن شريحة واسعة من الآسيويين يتحكمون في الثروة السمكية ويدمرون الثروات في البحر ويتحكمون في أسعار بيع الأسماك ورفعها بشكل مستمر، وتأجيرهم بالباطن لسجلات ومحال لبيع الأسماك في الأسواق المركزية، وانتشار الحضرات الخاصة بصيد السمك بصورة غير قانونية. أحاديث البحارة في مساء الأربعاء 22 يناير 2025، عاد مجلس الدخيل في قلالي مجددًا ليستضيف البحارة البحرينيين من مختلف المناطق، أما الموضوع فهو نفسه، ولن يتغير، أي أن البحارة الذين جمعهم ذلك المجلس وهم يحاولون منذ سنين، لم يتراجعوا ولم يصابوا بالإحباط دون اكتراث للـ “أذن الصمخة”، فموضوع مشكلات العمالة الآسيوية واستخدام طرق الصيد المدمرة للثروة البحرية لم ينقطع، وكذلك الحديث عن تدهور قطاع الصيد وأحاديث البحارة عن مصدر رزقهم وهو “الوحيد” بالنسبة لشريحة منهم، والإصرار على تطبيق قانون النوخذة البحريني. وحرص رئيس جمعية قلالي للصيادين محمد الدخيل على دعوة وإشراك البحارة لإثراء اللقاء والحوار، لاسيما بحضور النائب حمد الدوي وسنح اللقاء بالإجابة عن تساؤلات من قبيل ”من سيحل محل الآسيوي إذا تم تعطيله؟”، والجواب أن هناك الكثير من البحارة البحرينيين على استعداد للعمل، لكن ذلك يتطلب تدوين البيانات والمعلومات والإحصاءات عن عددهم، وسيحلون محل الآسيويين وسيفتحون المجال لأبنائهم مستقبلًا ولن يتم ترك المهنة للوافدين، فـ “بحرنا” خيره كثير، ولهذا تحترق قلوب البحارة بسبب استخدام وسائل الصيد الجائرة، وضبط الحالات وتصويرها والكشف عن الممارسات المخالفة للقانون ورفعها للجهات المختصة. الفطرية: برًا وبحرًا! “الوافدون يدمرون بحارنا لكنهم سيتركون البلد بعد سنين، وسيتركون أيضًا دمارًا خلفهم سيحتاج إلى عشرات السنين لكي تنمو الشعب المرجانية والأحياء البحرية”.. هكذا تحدث أحد كبار البحارة الذي قارن بين العقوبات على من يدمر الحياة الفطرية البرية، وهو الحال ذاته الذي يلزم تطبيقه لمن يدمر الحياة البحرية، لاسيما باستخدام شباك قاعية على مساحات كبيرة من بحارنا، وأضاف: خاطبنا المسؤولين وطالبنا بلجنة متخصصة تضبط هذه المخالفات. الشباب مستعدون من الجوانب اللافتة في اللقاء هي حضور البحارة الشباب الذين عملوا في البحر مع آبائهم منذ الصغر، من بينهم البحارة: ناصر القلاف، غانم عباس عبدالله، وحسين عبدعلي وغيرهم ممن طرحوا تجاربهم، فهذا بحار بحريني يدخل البحر مع اثنين من مواطنيه، ويتذكر الماضي حينما كانوا يبحرون بستين “قرقورا” وفيهم الخير الكثير، أما اليوم فيدخلون بمئة “قرقور” ولا يصل صيدهم إلى ربع ما كان في الماضي، فمن يريد العمل من الشباب البحرينيين كثر وبترخيص رسمي كذلك كنواخذة، فيما قال آخر بإيجاز ”كبحارة شباب نتعرض للضرر فمن يعوضنا.. صاحب الرخصة جالس في بيته ويدافع عن عماله، فلماذا لا يراقبهم وينزل البحر معهم”، إلا أن الخلاصة هي “خير البحر” الذي “عفسه” الآسيويون كثير، وما قانون النوخذة البحريني إلا عملية تنظيمية لا يختلف عليها أحد تهمه حماية ثروتنا البحرية.