أكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بابكو إنرجيز مارك توماس، أهمية الشراكة الاستراتيجية مع شركة “مصدر” الإماراتية لتقييم إمكان تطوير مشروع طاقة الرياح في مملكة البحرين. وأشار توماس إلى أن المشروع يهدف إلى إنتاج طاقة تصل إلى 2 جيجاوات، ما يجعله أحد أكبر المشروعات من نوعه في المنطقة.
وأوضح توماس في تصريح لـ “البلاد”، على هامش منتدى الشرق الأوسط للاستدامة، أن الفريق يعمل حاليًا على تقييم المواقع المناسبة لتحديد جدوى المشروع، عادًّا طاقة الرياح البحرية تمثل خيارًا قابلًا للتطبيق في البحرين. وأشار إلى أن الشراكة مع “مصدر”، التي تعد واحدة من الشركات الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، تعزز ثقة الشركة في نجاح المشروع.
ومن المتوقع أن يتم اتخاذ القرار النهائي بشأن المضي قدمًا في المشروع بحلول نهاية العام الجاري، على أن تبدأ مرحلة الهندسة التفصيلية في العام 2025. ووفقًا لتوماس، فإن المشروع قد يستغرق سنوات عدة ليكتمل، مع توقع أن يتم اكتماله بحلول العام 2027 أو 2028.
وفيما يتعلق بالتقنيات الأخرى مثل الهيدروجين الأخضر، أشار توماس إلى أن “بابكو” تتابع التطورات التكنولوجية من كثب، لكنه أكد أن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر حاليًا غير مجدية اقتصاديًا للبحرين. ومع ذلك، أعرب عن تفاؤله بأن تصبح هذه التقنيات قابلة للتطبيق في المستقبل مع انخفاض التكاليف.
ويأتي هذا المشروع في إطار جهود البحرين لتنويع مصادر الطاقة وتعزيز الاعتماد على الطاقة المتجددة، تماشيًا مع التوجهات العالمية نحو تحقيق الاستدامة البيئية.
من جانب آخر، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة بابكو إنرجيز، إن المجموعة تلعب دورًا محوريًا في دعم تحول الطاقة في البحرين بما يتماشى مع رؤية المملكة واستراتيجيتها الوطنية للطاقة، مشيرًا إلى أن استثمارات المجموعة بلغت 7 مليارات دولار في تحديث مصفاة “بابكو”، إلى جانب مبادرات ومشروعات لتقليل انبعاثات الكربون وتعزيز كفاءة الإنتاج.
كما أضاف أن المجموعة تعمل على تنفيذ مشروعات طاقة شمسية وطاقة متجددة، إلى جانب التعاون مع شركاء في السعودية وأبوظبي لتطوير مشروعات طاقة متجددة واسعة النطاق داخل المملكة.
وأشار توماس في كلمته بمنتدى الشرق الأوسط للاستدامة للعام 2025، إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أصبحت في طليعة الجهود العالمية للتحول نحو الطاقة المستدامة. وأكد أن التحديات التي تواجه العالم، مثل تغير المناخ، وزيادة الطلب على الطاقة، والحاجة إلى القضاء على نقص الطاقة، تفرض على دول المنطقة اتخاذ خطوات حاسمة لتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وتحقيق انتقال عادل ومستدام في قطاع الطاقة.
وأوضح توماس، أن منطقة الشرق الأوسط لم تعد تقتصر على دورها التقليدي كمورد رئيس للنفط والغاز، بل أصبحت مركزًا عالميًا للابتكار في مجالات الطاقة المتجددة وتقنيات الاستدامة. واستشهد بمبادرات إقليمية بارزة، مثل استراتيجية الإمارات لتحقيق الحياد الصفري بحلول العام 2050، ومبادرة السعودية الخضراء التي تهدف للوصول إلى 50 % من الطاقة من المصادر المتجددة بحلول العام 2030، واستراتيجية البحرين الوطنية للطاقة التي تسعى لتحقيق الحياد الصفري بحلول العام 2060.
وأضاف أن التحول الطاقي في المنطقة يعتمد على استثمارات حقيقية وتقنيات متقدمة. وأوضح أن البحرين تقود جهودًا بارزة في هذا المجال، عبر دمج الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، والاستثمار في مشروعات تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية. كما أكد أهمية استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي؛ لتحقيق تحسينات في كفاءة الطاقة وتطوير أنظمة التخزين، ما يُمكّن المنطقة من قيادة التحول نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة.
وتابع توماس بأن التحديات التي تواجه المنطقة، مثل ارتفاع درجات الحرارة وشح المياه، دفعت دول الشرق الأوسط إلى تبني حلول مبتكرة مثل تقنيات التحلية التي تعتمد على الطاقة المتجددة لتوفير المياه مع تقليل الانبعاثات الكربونية. وأشار أيضًا إلى دور التخطيط الحضري المستدام في المدن الذكية مثل “نيوم” في السعودية و “مصدر” في الإمارات، التي تجمع بين التصميم المستدام والتكنولوجيا المتقدمة.
وأوضح أن التحول نحو الطاقة المستدامة في المنطقة يمثل فرصة اقتصادية كبيرة، إذ من المتوقع أن تستقطب منطقة الشرق الأوسط استثمارات تزيد على تريليون دولار في مشروعات الطاقة المتجددة بحلول العام 2030. وأكد أن هذه الاستثمارات لا تقتصر على خلق فرص عمل جديدة، بل تسهم أيضًا في تعزيز الشراكات بين الدول والمجتمعات، ما يجعل المنطقة نموذجًا للتعاون الدولي في مواجهة تحديات الطاقة والمناخ.
وشدد توماس على أهمية التعاون بين الدول والصناعات والمؤسسات لدعم الجهود العالمية لمواجهة التغير المناخي. وبيّن أن نجاح مؤتمر الأطراف “COP28”، الذي استضافته دبي، يُبرز أهمية الشراكات في تسريع تمويل المناخ وضمان شمولية انتقال الطاقة عالميًا. كما أشار إلى دور منطقة الشرق الأوسط كجسر بين الدول المتقدمة والنامية، ما يعزز التعاون لتوفير حلول مستدامة وشاملة.
وأكد توماس أن مجموعة “بابكو إنرجيز” تسعى إلى بناء جيل جديد من القادة البحرينيين، عبر شراكات مع مؤسسات عالمية لتطوير المواهب وتعزيز الابتكار المستدام. واختتم كلمته بتأكيد أهمية تحقيق توازن بين استمرار إنتاج النفط والغاز بشكل مسؤول واعتماد مصادر الطاقة المتجددة، مع التركيز على التكنولوجيا والشراكات كعوامل أساسية لتحقيق مستقبل طاقي مستدام.
وأشار إلى أن قصة منطقة الشرق الأوسط لم تعد تدور فقط حول إنتاج النفط والغاز، بل تحولت إلى قصة قيادة وابتكار في مجال الطاقة، داعيًا جميع الأطراف إلى تعزيز العمل المشترك لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة للأجيال المقبلة.