الأميرة سبيكة الشخصية الملهمة.. ووالدي القائد الأول في حياتي.  المرأة البحرينية شريك أساسي في التنمية المستدامة تمكين المرأة والشباب.. رؤية مستقبلية لبناء أجيال قيادية المرأة البحرينية في مراكز القيادة أثبتت تطورها المستمر وطموحها اللامحدود تطور البلدان يكون نتيجة تراكمية من إنجازات الأفراد الحاليين إلى الأجيال المقبلة وُلدت ونشأت في عائلة محافظة، إذ لعبت البيئة المحيطة بها دورًا بارزًا في تشكيل شخصيتها ومسيرتها المهنية. وكان لمنزلها موقع مميز، إذ كانت تقابله مدرسة ويجاوره نادٍ رياضي، ما وفر لها بيئة مثالية لاكتشاف شغفها بالرياضة منذ سن مبكرة. كانت تقف أمام باب المنزل تراقب الطلبة وهم يحملون حقائبهم ويدخلون المدرسة، متمنية الانضمام إليهم. وكان حبها للتعلم واضحًا منذ البداية، حتى أن والدتها كانت تجدها يوميًا في ساحة المدرسة تلعب مع الأطفال، ما ساهم في غرس حب المعرفة والتفوق الرياضي لديها. ونظرًا لنشاطها المبكر ورغبتها في تحصيل العلم، وافقت مديرة المدرسة على قبولها كمستمعة في سن الخامسة، ثم التحقت رسميًا بالدراسة عند بلوغها سن السادسة. وفي سنواتها الدراسية الأولى برزت موهبتها في الرياضة، خصوصا في لعبة الجمباز، فحصدت أول ميدالية لها في الصف الثالث الابتدائي، ومن ثم استمرت في تحقيق الإنجازات الرياضية في ألعاب القوى وكرة الطائرة، وغيرها من الرياضات المدرسية. وكان وجود المدرسة والنادي بجوار منزلها نقطة تحول أساسية في مسيرتها. في هذا الحوار الشيق، نسلط الضوء على مسيرة رئيسة الاتحاد البحريني للريشة الطائرة والإسكواش الأستاذة المساعدة بكلية التربية الرياضية في جامعة البحرين د. سوسن تقوي، إحدى الشخصيات النسائية البحرينية البارزة؛ لتتحدث عن إنجازاتها، ودور المرأة البحرينية في المجتمع، وتأثيرها في مختلف المجالات، إضافةً إلى رؤيتها للمستقبل ونصائحها للأجيال المقبلة. النشأة وبداية الشغف الرياضي تقول د. سوسن تقوي عن نشأتها “ترعرعتُ وسط بيئة يغلب عليها العنصر الذكوري، فكنت الفتاة بين خمسة إخوة، ما عزز من شغفي بالرياضة، ودفعني لمرافقة أخوتي إلى النادي، مما أثر بشكل إيجابي على تكوين شخصيتي. كان والدي القائد الأول في حياتي”. أما فيما يتعلق بالمسيرة العلمية والعملية، بعد إتمام المرحلة الثانوية، حصلت على بعثة لدراسة التربية الرياضية في جامعة البحرين لتحصل على درجة البكالوريوس، وتبدأ مشوارها المهني كمعلمة تربية رياضية، فعملت في المرحلة الابتدائية لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يتم نقلها إلى المرحلة الثانوية حيث عملت فيها أيضًا لثلاث سنوات قبل انتقالها لوظيفة أخرى. إنجازات ومسيرة حافلة لم يتوقف طموح تقوي عند التدريس، فبعد بروزها في البطولات المدرسية، تم عرض وظيفة إدارية عليها من المؤسسة العامة للشباب والرياضة لتكون أخصائية تطوير الرياضة النسائية في المؤسسة التي كانت آنذاك الجهة الحكومية المسؤولة عن الرياضة في البحرين. فتولت منصب “أخصائي تطوير رياضي”، ولعبت دورًا بارزًا في تعزيز ودعم وتحفيز الرياضة النسائية في مملكة البحرين، وأسهمت في تنظيم العديد من الفعاليات والمهرجانات الرياضية، التي كان من أبرز أهدافها تحفيز المرأة البحرينية على الانخراط في المجال الرياضي ضمن بيئة تتناسب مع خصوصية المجتمع. وأكدت تقوي أن مملكة البحرين عُرفت بريادتها في هذا المجال، إذ كانت من أوائل الدول العربية التي شهدت مشاركة نسائية بارزة في الرياضات الجماعية مثل كرة السلة وكرة الطائرة، وعلى مستوى الألعاب الفردية، كانت البحرين من أوائل الدول الخليجية التي خاضت منافسات رياضية مع دول عربية مثل تونس ولبنان وسوريا والأردن، في وقت لم تكن فيه هذه الرياضات شائعة بين النساء في دول الخليج. وحققت مملكة البحرين الميداليات الملونة في كرة الطائرة والسلة والكرة الطاولة. وشكلت هذه التجربة نقلة نوعية في مسيرتها، إذ تمكنت من الجمع بين شغفها بالرياضة وتطوير العمل الإداري، ما ساهم في الارتقاء بالرياضة النسائية في البحرين. ولم يقتصر عطاء تقوي في التركيز على الرياضة النسائية فقط، بل سخرت جهودها لخدمة الحركة الرياضية عموما في مختلف المناصب التي تقلدتها، سواء في المؤسسة العامة للشباب والرياضة أو الاتحاد البحريني لكرة القدم (اللجنة النسائية 2004)، وكانت أول امرأة تشرف على تدريب منتخب الفتيات في رياضة السباحة بالعام 2002. ونالت تقوي الثقة لتصبح رئيسة للاتحاد البحريني للريشة الطائرة والإسكواش منذ العام 2017، وقادت الاتحاد إلى نقلة نوعية على صعيد العمل الإداري والإنجازات. كما نالت ثقة الاتحادات العربية لترأس الاتحاد العربي للريشة الطائرة منذ 2017 حتى الآن، وأثبتت عطاءها وبصمتها لتنال عضوية الاتحاد الدولي للريشة الطائرة ومنصب نائب رئيس الاتحاد الآسيوي. وتعد تقوي أول امرأة تتقلد رئاسة الاتحاد العربي وأول امرأة بحرينية تتبوأ عضوية الاتحادين الدولي والآسيوي للعبة، ما يعكس جدارتها وكفاءتها لتواصل دورها القيادي في اللعبة حتى الآن. مساهمتها في تمكين المرأة البحرينية وتؤكد د. تقوي أن الساحة البحرينية شهدت في العقود الأخيرة تقدمًا ملحوظًا في مجال تمكين المرأة، وتعزيز دورها في مختلف القطاعات، ما جعلها شريكًا أساسيًا في مسيرة التنمية المستدامة. فبفضل الرؤية الثاقبة لملك البلاد المعظم صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والدعم الحكومي بقيادة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، وقيادة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، ومساندة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، ورؤية المجلس الأعلى للمرأة، استطاعت المرأة البحرينية أن تُثبت جدارتها في القيادة وصنع القرار، متجاوزةً كل التحديات. وأضافت تقوي أن مسيرتها المهنية والمجتمعية حافلة بالعديد من المحطات التي تعتز بها، لكن أكثر الإنجازات تأثيرًا كان مساهمتها في تعزيز حضور المرأة البحرينية في مواقع صنع القرار، سواء عبر العمل التشريعي أو المجتمعي. وقالت “عملي في المجال البرلماني أتاح لي الفرصة للدفع بعجلة التشريعات الداعمة للمرأة والأسرة، وأسهم في تطوير سياسات تحقق التوازن بين الجنسين”. إضافةً إلى ذلك، كان لد. سوسن تقوي دور فاعل في مبادرات تمكين الشباب والمرأة في العمل التطوعي والمجتمع المدني؛ ما أسهم في بناء جيل أكثر وعيًا بقدراته وإمكاناته، قادر على المساهمة بفعالية في التنمية الوطنية. المرأة في المجتمع البحريني في هذا السياق، ترى تقوي أن البحرين شهدت تطورًا نوعيًا فيما يتعلق بتمكين المرأة، إذ باتت تتبوأ مناصب قيادية في مختلف المجالات، بما في ذلك السياسة والاقتصاد والقضاء والقطاع الأكاديمي. ويعد هذا التطور ثمرة لرؤية القيادة الحكيمة والدعم المستمر من المجلس الأعلى للمرأة، الذي عمل على توفير بيئة تشريعية محفزة وداعمة، إضافة إلى المبادرات المجتمعية التي عززت ثقافة تكافؤ الفرص. وفي حين أنها تجد أن هناك بعض المجالات التي ما زالت بحاجة إلى تمكين المرأة بشكل أكبر وأعمق، مثل زيادة تمثيل المرأة في مجالس إدارة الشركات، إذ ما زال حضور المرأة في هذا المجال محدودًا، وتعزيز مشاركتها في القطاعات الهندسية والتكنولوجية التي ما يزال يهيمن عليها بشكل كبير الرجال. كما أن دعم رائدات الأعمال عبر توفير التسهيلات اللازمة لضمان استدامة مشاريعهن وتعزيز مساهمتهن في الاقتصاد الوطني هو أمر في غاية الأهمية. وعلى الرغم من كل ما تقدم، فإن سوسن تقوي تعد البحرين نموذجًا إقليميًا ناجحًا في مجال تمكين المرأة، إذ تتسم المبادرات الوطنية بالشمولية، من حيث توفير بيئة تشريعية داعمة، وبرامج تدريبية متقدمة، وفرص اقتصادية متنوعة. الصفات الرئيسة التي يجب أن تتحلى بها المرأة البحرينية للوصول إلى المراكز القيادية وعلى صعيد متصل، وفيما يتعلق بالصفات الرئيسة التي يجب أن تتحلى بها المرأة البحرينية للوصول إلى المراكز القيادية، ترى د. تقوي أن من أهم هذه الصفات التحلي بالرؤية الاستراتيجية، والقدرة على تحديد الأهداف، ووضع الخطط الواضحة لتحقيقها، إلى جانب الثقة بالنفس، والإيمان بالقدرات الشخصية، واتخاذ القرار بثبات، والتعامل مع التحديات بحكمة وصبر. من هي الشخصية أو التجربة التي كانت بمثابة الإلهام الدائم لك للاستمرار في رحلة النجاح والتميز؟ تقول د. تقوي “هناك العديد من الشخصيات البحرينية التي كانت بمثابة مصدر إلهام، وعلى رأسهن صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل البلاد حفظهما الله، التي قادت مسيرة تمكين المرأة البحرينية عبر المجلس الأعلى للمرأة”. وأضافت “استلهمت الكثير من النساء البحرينيات الرائدات اللواتي اقتحمن مجالات صعبة وأثبتن أن المرأة قادرة على تحقيق النجاح في أي مجال. كل تجربة مرت بها، سواء كانت تحديًا أو نجاحًا، كانت جزءًا لا يتجزأ من رحلتها القيادية والمجتمعية”. (اقرأ الموضوع كاملا بالموقع الإلكتروني). أنجع الطرق لتحقيق التوازن بين دور المرأة في الأسرة ودورها القيادي وفي سؤالها عن أنجع الطرق التي تحقق التوازن بين دور المرأة في الأسرة ودورها القيادي، أجابت “بلا شك، أن تحقيق التوازن بين الشقين العملي والشخصي يُعد تحديًا مستمرًا، ولكن يمكن تجاوزه والسيطرة عليه من خلال العديد من العناصر الفعالة مثل إدارة الوقت بفعالية عبر تحديد الأولويات وتقسيم المهام بين أفراد الأسرة. كما أن بناء نظام داعم وقوي سواء من الأسرة أو فريق العمل من شأنه تخفيف الأعباء والضغوطات. بالإضافة إلى الفصل بين الأدوار، فتخصيص وقت للعائلة دون الانشغال بالعمل يساهم في تحقيق التوازن. كما أن المرونة والاستفادة من التقنيات الحديثة مثل العمل عن بُعد جميعها عناصر فعالة في تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والأسرية”. المستقبل والرؤية المقبلة تركز تطلعاتي المستقبلية على تعزيز دور المرأة البحرينية في المجالات التي ما زالت بحاجة إلى تمكين أكبر، خصوصا في القطاع الاقتصادي والتكنولوجي، ودعم رائدات الأعمال وتمكينهن من الاستفادة من التحول الرقمي، إلى جانب تنفيذ برامج تدريبية لإعداد الشباب، رجالًا ونساءً، ليكونوا قادة في مجالاتهم، ودعم المشاريع المجتمعية التي تعزز التكافل الاجتماعي والاستدامة. وقالت “شعاري في الحياة هو أن النجاح ليس هدفًا، بل رحلة مستمرة من التعلم والعطاء. لم يكن طموحي يومًا الوصول إلى منصب معين، جل ما كنت أطمح له هو ترك أثر حقيقي في المجتمع، سواء من خلال العمل القيادي، ودعم المرأة، أو المساهمة في تطوير السياسات الوطنية. وأنا شخصية تؤمن بأن النجاح الحقيقي هو الذي يمتد أثره إلى الآخرين، فيساعدهم على النمو وتحقيق طموحاتهم”. رسالة للمرأة البحرينية وجهت د. سوسن تقوي رسالة للمرأة البحرينية تحثها فيها على الإيمان بقدراتها، والاستثمار في تطوير الذات. وقالت “النجاح لا يأتي بسهولة، بل يحتاج إلى العمل الجاد، والإصرار، والتعلم المستمر”. وأضافت موجهة حديثها للمرأة البحرينية الشابة “لا تخشي مواجهة التحديات، بل اعتبريها فرصًا للنمو والتطور، وبناء قاعدة علاقات واسعة ومتينة، والاستفادة من خبرات الآخرين، جميعها عوامل مهمة لتحقيق النجاح”. وأشارت إلى أن تفعيل هذه العوامل سيمكن الجيل المقبل من النساء البحرينيات من دعم وتعزيز مبادئ التنمية المستدامة في البحرين، بالإضافة إلى الابتكار وريادة الأعمال عبر خلق مشاريع تُسهم في الاستدامة البيئية والاقتصادية، والمشاركة في صنع القرار لضمان سياسات تدعم التنمية الشاملة. خاتمة وفي ختام حديثها، أشادت د. سوسن تقوي بإنجازات ومبادرات “البلاد”، لا سيما تلك المتعلقة بإبراز دور المرأة البحرينية على المستويين المحلي والدولي، مشيرة إلى أن الإنجازات التي تبرزها صحيفة “البلاد” هي بمثابة مصباح يُنير دروب الشباب لتنويرهم بما تم، خصوصا أن تطور البلدان يكون نتيجة تراكمية من إنجازات الأفراد الحاليين إلى الأجيال المقبلة.