في رحلة بدأت منذ أكثر من 12 عامًا، استطاعت مصممة الأزياء التراثية مناف عبيدات أن تحول شغفها بالتطريز إلى مشروع فريد يعكس أصالة التراث الأردني، حيث تعلمت فنون التطريز والتصميم في مؤسسة نور الحسين ببني كنانة، واكتسبت خبرات من مصممين عالميين من إسبانيا وأميركا وإيطاليا، ما ساعدها في تطوير مهاراتها وإدخال لمساتها الخاصة على هذا الفن العريق.
لم يكن دخولها عالم التصميم مجرد خطوة عادية، بل أضافت غرزة جديدة إلى فن التطريز التقليدي، وطبقتها على الشالات وغيرها من المنتجات، مما مكنها لاحقًا من الفوز بجائزة في مجال التطريز ضمن مسابقة رواد المشاريع، لتؤسس بعدها شركة التراث، التي أصبحت منصة لحفظ ونشر التراث التطريزي الأردني.
تكريم ملكي وإشادة بجهودها
كانت نقطة التحول الأبرز في مسيرتها حين تلقت اتصالًا مفاجئًا يطلب منها تصميم غرزة خاصة بثوب إربد، حيث قدمت تصاميمها، دون أن تعلم لمن ستكون. وبعد أسبوع، وجدت نفسها في دار السرايا بإربد، لتكتشف أن جلالة الملكة رانيا العبدالله ترتدي جرارة بتصميم من إبداعها، مما كان لحظة فارقة زادت من انتشار أعمالها.
توالت بعدها الطلبات على تصاميمها، وأصبح كثيرون يرغبون في الحصول على ثوب مماثل. كما تم اختيار ثوب ثانٍ لجلالة الملكة، ما زاد من ترسيخ مكانتها في مجال التطريز التراثي.
توثيق الغرز الأردنية وإحياء التراث
نتيجة للثقة التي اكتسبتها، تم تكليف مناف عبيدات بمهمة تنسيق العمل مع سيدات من مختلف المحافظات الأردنية لتوثيق غرز التطريز الفريدة لكل منطقة. لم يكن التحدي سهلاً، خاصة أن المعرفة بهذه الغرز كانت حكرًا على عدد قليل من السيدات، معظمهن من كبار السن، لكن بعزيمتها نجحت في جمع عينات من كل محافظة وإرسالها إلى مكتب جلالة الملكة.
بعد أربعة أشهر، تمت دعوتها مع السيدات المشاركات إلى مكتب جلالتها، حيث تفاجأن بتكريم خاص من الملكة رانيا تقديرًا لجهودهن في الحفاظ على الهوية التراثية الأردنية، وتم استخدام الغرز التي جمعنها في كرت المعايدة السنوي الخاص بجلالتها.
رسالة فنية تتجاوز الحدود
تؤكد مناف عبيدات أن التطريز ليس مجرد مهنة، بل رسالة فنية تحمل في طياتها تاريخًا عريقًا وهوية ثقافية يجب الحفاظ عليها. وبفضل جهودها، أصبح التطريز الأردني حاضرًا في المناسبات الملكية، وملهمًا للأجيال الجديدة التي تتطلع إلى الحفاظ على التراث بأسلوب عصري يواكب التطورات الحديثة.