اندهشت كغيري من المهتمين براهن المدرسة الجزائرية و توجهاتها العامة، حينما عرفت أن وزارة التربية الوطنية قد راسلت أخيرا مديريات التربية عبر 58 ولاية كعادتها مع بداية كل دخول مدرسي، وفق نظام المناشير المدرسية؛ منشورا يتضمن ادراج تعليم الروبوتيك و الذكاء الاصطناعي في النشاطات اللاصفية ومطالبة القائمين على شؤون التلاميذ في المؤسسات التربوية اطلاق نوادي في هذا الشأن تشرف عليها نواة الجمعية الثقافية و الرياضية داخل هذه المؤسسات.

 

بلال بن قيطة

وكان شعورنا الأول أن هذا الإدراج يتواكب مع متطلبات المرحلة و ما تشهده البلاد من تحول مشهود و تطلعات ظاهرة لترقية الذكاء الاصطناعي ووضع استراتيجية وطنية لاسيما في الجماعات و المعاهد الوطنية، و المدارس العليا، وهي فرصة مائزة لتلتحق المدرسة بهذا الركب، لكن ذات الشعور أيقظ بعد لحظات تساؤلات عديدة مرتبطة بالكادر البشري الذي سيساهم في تحقيق ولو نسبة عشرينية لهذا الهدف، وكان سؤال الكيف أبرز الأسئلة التي خرجت مسرعة يظهر نفسه متعاليا على طموح ولد مقتولا.
كيف يمكن أن تجسد هذه الغاية ومن يؤطرها في الغالب لا يعرف عن الاسم إلا ما يذاع أو يشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي أو عناوين نشرة إخبارية مهتمة بالموضوع تزاحمها عناوين القانون الأساسي وعلامات استفهام أخرى متداولة في قاعة الأساتذة حول الزيادات وتاريخ صب الراتب، و لكي ننصف البعض فإن أساتذة من جغرافيا الجزائر الكبيرة، وإن كان عددهم قليل يتشغلون ومهتمون بالذكاء الاصطناعي و الروبوتيك لكن خارج المدرسة.

ورغم التراكمات التي شهدتها المدرسة الجزائرية التي عاشت فصولا في مخابر التجريب ، فإن الأجيال المتمدرسة و المتمرسة خارج المدرسة في مجالات عديدة تحتاج و تستحق تحقيق وعود ادراج الذكاء الاصطناعي و الروبوتيك كنشاطات لاصفية يمكنها أن تصبح صفية في مناهج تعليمية تتوافق مع متطلبات و مناهج التعليم المعاصرة، ويمكن أن تدرج هذه المواضيع في سلم الأولويات عند تكوين الأستاذ و المؤطرين التابعين لقطاع التربية، لأن ترقية هذا المسعى وتجسيده ليس ترفيها ولا نقاشا هامشيا يمكن طرحه متى ما نشاء أو وقت ما نريد، لكنه بات مسألة جوهرية في تعليم أجيال تراكم على الأقل المفاهيم الأساسية لتكنلوجيا الذكاء الاصطناعي و الروبوتيك في المدرسة على غرار ما يتم تعليمه و تلقينه لتلاميذ دول العالم، و هي رؤية يمكنها ان تزيد من فاعلية الأنظمة التعليمية و ريادة الجامعة الجزائرية في هذا المجال، ويتم من خلال ذلك الربط بين نظامين تعليميين لا زيادة الهوة كما الحال الآن بين قطاع التربية و قطاع التعليم العالي و البحث العلمي.
وكتفصيل مهم لفهم هذه التساؤلات المجدية، يستوجب أن يتم فهم أساس هذا التوجه المهم في المدرسة الجزائرية ، التي تتأثر بشكل مطرد بما يظهره التلاميذ من تناقضات خلال حياتهم الدراسية بين ما يعيشونه في المواقع وما يتم تلقينه و تدريسه من طرف اساتذتهم في المؤسسات التربوية، فوزارة التربية وجدت نفسها و عبر الإشارات التي تلتقط من هنا او هناك – رسمية أو غير رسمية- بين رحى الإسراع في الادراج و التسرع المفضي لمزيد من الأخطاء، وهي تعرف جيدا رغم كل ذلك أنه آن الأوان لجس نبض الكادر البشري و المؤطر للعلمية التعليمية، واقتناص فرص الاهتمام التي نالها قطاع التعليم العالي و البحث العلمي، و محاولة ركوب موجات تردد تتوافق ورؤية رئيس الجمهورية، حول ترقية أنظمة الذكاء الاصطناعي كتوجه عام في التعليم بالجزائر، غير أن هذا التوجه في القطاع يصطدم بواقعية تتجاذبها أطاريح جوهرية، كضرورة تغيير المناهج التعليمية، و أخرى مرتبطة بإعادة النظر في تطور أنظمة تكوين الكادر البشري، وبعضها متعلق بتحسين مستوى التكفل العام بالمربي والمتعلم في آن واحد.

 

 

التدوينة الذكاء الاصطناعي في الوسط المدرسي! وعد من لا يملك لمن يستحق ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.