حاج  بن دوخة

نظرية التفوق عند الغرب بدأت كمقاربة وأصبحت عقدة، فتجسدت عند الإغريق في أهلية الحكمة وأحقية البقاء حيث شاعت آنذاك ثنائية (اليوناني والبربري)، وفي زمن الرومان وببزنطا أخذت هذه النظرية ملمحا حربيا عسكريا، معياره الوحيد منطق الربح والخسارة في المعارك، فلم تسلم أي بقاع من صوت الحروب وأشعار السيوف، وفي عقيدة اليهود مازال العالم ملاحق بتهمة معاداة السامية وفق السريان الأبدي لهوشة الرجل السامي والرجل الدون( الحقير)، ومع آل صهيون تزاوجت هذه النظرية مع أفكار دينية فظيعة ضحاياها في نسق تصاعدي رهيب يكفينا دليلا أرقام غزة، وعند الرايخ الألماني، لخصها أودلف هتلر في الآرية والجنس الآري باعتباره الوحيد دون سواه من له حق الوجود وحق المتعة الحيايتة وحق مقارعة الآخر، وفي الأيام الحالكات ذابت هذه النظرية في المفهوم الأمريكي، فنسخها مِقصا، قطعت العالم شطرين، محور الشر ومحور الخير، وأي دولة تأخذها الجرأة إلى كبرياء السيادة يلحقها وصف الدولة المارقة، ونعت الدولة الخارجة عن القانون.

هذه النظرية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ والمتأصلة في دماء الغرب، وتغري كبار مفكريهم، وتستهوي علمائهم ونخبهم، لا أحد يعلم حجم وجسامة الوسائل وطبيعة الآليات المسخرة، ولون المكر والخبث والنفاق الذي رافق كل مراحلها ومحطاتها.

تحريف الأديان، نشر الأساطير، ازدراء المقدسات، زرع الفتن والنعرات، حشد الإعلام، تصدير الإغراء والإباحيات، فرض أنظمة عميلة، توظيف المساومة والابتزاز، واستعمال ورقة العرق والجنس والأقليات …. كلها أسلحة غربية خسيسة زادها ضعف الآخر نجاعة وتأثيرا فعلى الوجل أن لا يكون مبرر لثقافة الصمت، أو هاجس لتفتيت الأوطان تحت مسميات منمقة، بل بات من الضرورة توجيه الخوف اتجاه هذا الجيل الذي نجح في إحداث الطبيعة وتجرد من سجيته.

تسريحة الشعر التي تتراى يوميا والثياب الممزقة والسراويل الهابطة ونوع الخطاب والسلوك، ووو، ولا أتحدث عن القيم فقد أصبحت أثرا بعد عين، ولا أعرج عن النخوة فقد سبقتها رحمة الله وعرتها عروس الشام، ولا جدوى من ذكر الغيرة فقد تغمدها الله بقبول ومغفرة.

فعلا نجحت نظرية نهاية التاريخ مفرزة اختفاء أمة فضلت المكوث تحت التراب على أن ترى جيلا أعدم المنطق وقتل سنة الكون.

التدوينة صلاحية الأوهام ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.