أجمع المتدخلون في الندوة العلمية حول مشكلة التبذير في رمضان التي نظمها المجلس الإسلامي الأعلى بالتعاون مع المؤسسة الجزائرية لصناعة الغد أن ظاهرة الإسراف والتبذير من عمل الشيطان، داعين إلى الاللزام بمبدأ الإنفاق بصورة عقلانية تستجيب لما ورد في كتاب الله وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام، نظرا لنتائج هذه المسألة التي تكثر ممارستها خلال الشهر الفضيل الذي هو كما قالوا شهر للعبادة وطلب المغفرة والاقبال على الإتيان بالأعمال الخيرة التي تقربنا إلى الله عز وجل، وأن التبذير حسبهم صورة من صور الأعمال الشريرة التي نستعيذ الله منها.
لابد من الابتعاد عن الشح المهلك والتبذير المريب
وقال رئيس المجلس الاسلامي الاعلى الدكتور مبروك زيد الخير في كلمته الافتتاحية للندوة العلمية التي تمحورت حول ” تنشيط الاستهلاك في رمضان بين الشريعة والصحة والمجتمع” بمقر المجلس، أن موضوع ترشيد الإستهلاك خاصة في شهر رمضان يندرج ضمن وصايا ديننا الحنيف الذي ينبذ التبذير ويدعو إلى عدم الإسراف في المشتريات التي هي في غير محلها، لأنها تؤدي إلى هدر المال وتوقع الأسرة في أزمات مالية هي في غنى عنها، لأن الأنفاق على الأسرة يعتبر قربة ملزمة ومسؤولية محتمة لا منأى عنها ولا مندوحة منها، وأن الشرع الحكيم أقام مبدأ الإنفاق على محاربة الشح المهلك على قاعدة ومن يوقى شح نفسه فهؤلاء هم المفلحون، ومن جهة أخرى نبذ الإسلام على التبذير المريب على قاعدة ولا تبذر تبذيرا، وأن المبذر أخ للشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا، وأن التبذير يدفع بصاحبه إلى المصغبة وضياع الأرزاق، وتلاشي الأموال سودا، مشيرا إلى اختيار موضوع التبذير في رمضان موصول بالصحة والمجتمع يؤكد بأن الممارسات الواقعية للمعيشة في مجتمعنا هي من مقاصد الشرع وأوامر الدين على طرفي نقيض، ذلك لأن نظام الشرعي الذي أبانه القرآن وأوضحته السنّة وفصّل فيه الفقهاء وعلماء التربية والسلوك لا يعكس حقيقة التعاون في حياتنا الوظيفية وممارساتنا المعيشية وعاداتنا الرمضانية، داعيا إلى ضرورة التعامل بفلسفة الاستهلاك التي لا تضر بالذمة المالية للمستهلك
مؤسستنا تعمل على إيجاد استراتجية واستشراف المستقبل
من جهته، أكد رئيس المؤسسة الجزائرية لصناعة الغد، الدكتور بشير مصيطفى أن هذه الندوة التي تعالج مشكلة التبذير في رمضان ستعمل على تسليط الضوء على طرح ثلاث رؤى وازنة وهي اليقظة الصحية، الييقظة الروحية للإستهلاك من منظور الفقه الإسلامي والشريعة الإسلامية، واليقظة الإستهلاكية، مشيرا إلى أن هيئته تعمل جاهدة من أجل طرح المسائل وإيجاد حلولا لها وفق مخطط استراتيجي مدروس.
رمضان فرصة لتربية النفس على الأخلاق الفاضلة
وفي هذا السياق، دعا الدكتور محمد العربي شايشي في مداخلته حول ” اليقظة الروحية للإستهلاك” إن شهر رمضان فرضه الله علينا حتى يختبر قوة صبرنا وأن يضع الفرد منا مكانه مكان الفقير، وأن السلف الصالح كانوا يتضرعون إلى الله تعالى ستة أشهر قبل حلول رمضان ويدعونه أن يبلغهم الله إياه، وأنه شهر الرحمة وأخلاق وليس شهر البطن وتنويع مائدة الإفطار، بأنواع المأكولات التي ترمى في القمامات، كما نهى الشرع الحكيم الفرد المسلم الابتعاد على كل ما يفسد صيامه من تبذير واحتكار السلع بالنسبة للتجار، وأن الأصل في شهر رمضان توجيهات لتربية النفس على الواقع، وعدم الانصياع وراء ملذات الأكلات وإشباع البطن، بل هي مناسبة نرجع فيها إلى الله تعالى والتقرب إليه بالعمل الصالح.
وعلى صعيد مماثل، دعا الدكتور فتحي بن أشنهو المختص في الصحة العمومية إلى ضرورة جعل الصيام فرصة للحفاظ على البدن من خلال الابتعاد على تلك الأطباق والحلويات والمشروبات التي تضر الجسم بدل نفعه.
لابد من تفادي الشراء العاطيفي….
وفي الإطار ذاته، قال رئيس المنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، الدكتور مصطفى زبدي أن التبذير لا يعني زيادة الاستهلاك، وإنما هو سلوك منفصل عن الاستهلاك، كما اقترح ذات المتحدث جملة من الحلول الواقيعية التي ستحارب ظاهرة الاسراف والتبذير، منها تشجيع السلوك المستدام، ووضع منصة رقمية لعرض فائض الأكلات ومحاولة توزيعها على مستحقيها بدل رميها في المزابل، تنظيم حملات تحسيسية عبر المنصات الرقمية والمساجد بأخطار التبذير، تفادي المشتريات غير لائقة، تحضير قائمة اللوازم بطريقة عقلانية، وكذا تفادي الوقوع في فخ الشراء العاطيفي عبر ما يعرض على صفحات التواصل الاجتماعي….الخ
التدوينة التبذير ظاهرة غير صحية ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.