د.فاروق طيفور،

يُذكر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «إذا سمعت الله يقول:» ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ «فأرْعها سمعك؛ فإما خير تؤمر به، وإما شر تُنهى عنه ».

ومن القضايا التي تسترعي القارئ لكتاب الله عز وجل مخاطبته للمؤمنين بهذه الآية :﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِی نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ وَمَن یَكۡفُرۡ بِٱللَّهِ وَمَلَـٰۤىِٕكَتِهِۦ وَكُتُبِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَـٰلَۢا بَعِیدًا﴾ [النساء ١٣٦].

فهل هنالك ايمان بعد الايمان على اعتبار ان المخاطبين حصل ايمانهم لما عناهم الله بخطاب النداء يأيها الذين آمنوا ، أم هنالك أسرار وراء هذا التأكيد والتجديد والتحقيق فقوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ والمراد بقوله: ﴿آمِنُوا﴾ أي: حقِّقوا إيمانكم، واثبتوا عليه؛ فيكون الأمر بالإيمان في قوله: ﴿آمِنُوا﴾ أمرًا بأمرين:

الأول: تحقيق الإيمان؛ أي: الحرص على تكميله من كل وجه.

والثاني: الثبات عليه؛ لأنه كم من مؤمن يزِلّ، ويُقصّر ويغفل وقد يفصل معرفيا بين القول والفعل ،بل وقد تنشأ اجيال لا يربطها شيئ بتحقيق متطلبات الايمان ومقتضياته ،بل راح بعض الثوم يبررون انفصالهم عن إستكمال شروط الايمان على مستوى الفرد والاسرة والمجتمع والدولة ،فانتشرت الرؤية اللائكية والعلمانية في بلدان المسلمين في فصل واضح بين ماهو شعائر وماهو شرائع ، واصبحت القابلية للعلمانية امر طبيعي  بل صارت لها طبائع وممارسات ،ومن هنا تبرز اهمية قوله سبحانه وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا ) ،والتذكير دوما بقوله سبحانه(لعلهم يؤمنون) وخطاب(أفلا يؤمنون) و( لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون).

وهو مدخل مهم للعودة الى تعريف الايمان وثمراته ومايقتضيه من شروط وتطبيقات.

فما هو الإيمان بالله؟

الإيمان بالله يتضمّن أمورًا أربعة: الإيمان بوجوده، والإيمان بربوبيته، والإيمان بألوهيّته، والإيمان بأسمائه وصفاته؛ هذا الإيمان بالله من أنكر واحدًا منها فإنه لم يؤمن بالله.

فالإيمان بلا عمل لا قيمة له إطلاقاً ،هذا الإيمان الذي لا ينتج عنه استقامة والتزام ووقوف عند الحلال والحرام، هذا الإيمان الذي لا تجد له أثراً في السلوك هو إيمان إبليسي لا يقدم ولا يؤخر، ولا ينجي.

والمدخل لتكوين المؤمنين هو القرآن الكريم الذي عاش معه الصحابة بثنرة الايمان فاعطوا رسالة الايمان كل مايملكون.

إن القرآن الكريم كان هو الباب المفتوح والمباشر الذي ولجه الصحابة الكرام إلى ملكوت الله، حيث صُنعوا على عين الله، إنه السبب الوثيق الذي تعلقت به قلوبهم، فأوصلهم إلى مقام التوحيد أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : « كتاب الله، هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض ».

إنّ نعمة الإيمان بالله سبحانه هي جنة الدنيا، وطوق النجاة الذي يحتمي به العبد أمام أمواج الشهوات والشبهات والفتن العاتية، وهو دواء القلوب الذي متى غفل عنه الإنسان لهثًا وراء حطام الدنيا الفانية ضاق عيشُه ومرض قلبُه؛ وخطابه سبحانه بتحقيق الايمان بقوله :

(يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله ؛ والكتاب الذي نزل على رسوله ؛ والكتاب الذي أنزل من قبل).

 

يتبع …./…..

التدوينة وعي لعلهم (08): لعلهم يؤمنون(01) ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.