لازالت مأساة التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا الاستعمارية في 13 فبراير 1960 برقان (جنوب ولاية أدرار)، تؤرق سكان المنطقة، والتي تعود مع كل مناسبة لاسترجاع هذه الذكرى الأليمة لتلك الجريمة الاستعمارية النكراء التي خلفت دمارا شاملا، حيث لا زالوا يتجرعون إلى اليوم مرارتها ويعيشون آثارها الوخيمة على الصحة والبيئة، حسب انطباعات بمناسبة مرور 65 سنة على هذه الجريمة البشعة.
وفي هذا الجانب أوضح عباسي محمد من قصر تاعرابت ببلدية رقان وهو من مواليد 1952، أن التفجيرات النووية الفرنسية برقان شكلت منعطفا تاريخيا مشؤوما على المنطقة التي كانت تنعم برغد العيش قبلها، لتتحول بعدها إلى كابوس لا يزال يلازم سكانها إلى غاية اليوم جراء المتاعب الصحية التي يكابدونها يوميا من خلال تأثير الإشعاعات الناجمة عن هذه التفجيرات.
وأضاف المتحدث في هذا الشأن، ”أنه يعد أحد ضحايا الانعكاسات الخطيرة لتلك التفجيرات على الصحة العمومية، حيث فقد ابنتيه وفلذتي كبده بعد تدهور حالتيهما الصحية بعد إصابتهما بأمراض فتكت بهما ليفقدهما واحدة تلوى الأخرى، بعد استنفاد كافة الحلول الطبية لإنقاذ حياتهما ”، مشيرا إلى أنه وكأي مواطن جزائري لن يسامح فرنسا على هذه الجريمة التي لا تتقادم بمرور الزمن، مثمنا بالمناسبة جهود السلطات العليا للبلاد التي ترافع من أجل هذه القضية لإدانة المستعمر وإلزامه بتحمل مسؤولياته “.
ومن جانبه لا يزال الشاب عبد الرزاق بايمون من قصر أنزقلوف ببلدية رقان، يعيش معاناة صعبة جراء المضاعفات الصحية التي تتفاقم عليه يوما بعد آخر بسبب الورم الخبيث الذي أصابه في ساقه، وعجز الطب عن علاجه، مما حرمه من الحركة وهو في ريعان شبابه، معربا عن تنديده الشديد بهذه الجريمة النووية التي حولت حياته وحياة عديد الحالات المشابهة له بالمنطقة إلى جحيم، داعيا إلى ترقية التكفل الصحي بسكان المنطقة من خلال توفير الأطباء الأخصائيين، وتطهير المنطقة من النفايات النووية وإشعاعاتها الخطيرة.
أما الشاب فولاني خالد من قصر تيمادنين ببلدية رقان، فهو يعيش معاناة شديدة جراء معايشته للحالة الصحية المعقدة لشقيقه المصاب بإعاقة ذهنية وجسدية، والذي زاد حملها على الشاب فولاني بعد فقدان والده الذي عانى هو الآخر متاعب صحية أقعدته الفراش طيلة سبع سنوات، متأثرا بانعكاسات تلك الإشعاعات النووية.
وبدوره أعرب طاطي عيسى من قصر حي النجاة بذات البلدية “عن قلقه الكبير” من تدهور الحالة الصحية لإبنته ذات الـ 12 ربيعا بشكل غير معتاد بعد أن ولدت في حالة طبيعية عادية ودون أي تشوه خلقي في البداية لتنقلب حياتها بعد خمس سنوات رأسا على عقب، بعد إصابتها بانكماش في جسدها، والتواءات في أطرافها العلوية والسفلية في حالة غير مسبوقة، مما ولد خوفا وهاجسا لدى الأولياء عن احتمالية تعرض أبنائهم لهذه الحالات في أي لحظة ودون سابق إنذار.
ومن جهته أبرز الشاب عفان بلال من ذات القصر المعاناة الصحية الإجتماعية والمتاعب المادية التي يكابدها منذ صباه الذي عاشه يتيما، بعد أن ولد هو وشقيقته بإعاقات جسدية على غرار العديد من سكان المنطقة، مشيرا بالمناسبة إلى ضرورة التجند من أجل التكفل بضحايا التفجيرات النووية الفرنسية بالمنطقة والتي لازالت تهدد حياة الأشخاص وبيئتهم.
وفي هذا الجانب دعا رئيس الجمعية الخيرية ”تهيتليت ” بذات الحي طاطي محمد إلى ضرورة تعزيز التكفل بهذه الحالات التي أثقلت كاهل ذويهم من خلال إرغام فرنسا على تحمل مسؤوليتها في تطهير المنطقة من النفايات النووية، والتكفل الصحي بسكان منطقة رقان، من خلال توفير عيادات طبية متخصصة في مختلف الأمراض المنتشرة بها على غرار مختلف أنواع السرطان وأمراض العيون والقلب ومن أجل تقليص الإصابات بتلك الأمراض.