منيـر سعـدي

اختتم المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي، في طبعته الأولى، فعالياته التي استمرت خمسة أيام متواصلة، وقدّم المهرجان برنامجًا ثقافيًا وفنيًا متنوعًا، تضمّن عروضًا متميزة للتراث النايلي، شملت جوانب متعددة من الحياة الثقافية للمنطقة، بدءًا من اللباس التقليدي مرورًا بالحرف اليدوية وصولًا إلى الطابع الغنائي الفريد الذي تشتهر به منطقة أولاد نايل، بالإضافة إلى الجانب الأكاديمي من خلال ندوات ثقافية نشّطها أساتذة وباحثون.

 

بدأ حفل الختام بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، أداها الشيخ صيلع موفق، تبعها النشيد الوطني الذي أضفى هالة من الفخر والاعتزاز، ليرحّب الدكتور توفيق بن سالم، منشط الحفل، بالحضور المتميز، مستعرضًا نخبة من الشخصيات، على غرار محافظ المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي السيد المختار صديقي، ومدير الثقافة والفنون السيد عيسى كعبوش، والأمين العام للولاية نيابة عن والي الولاية، وأعضاء ونواب البرلمان، وإطارات المجلس الولائي، والأسرة الثقافية والفاعلين في المجتمع المدني، وأسرة الإعلام ورجال الصحافة وكل المشاركين وجمهور المهرجان.

وصف المتحدث المهرجان باعتباره احتفالية ثقافية ثرية، مليئة بالعروض والأنشطة المميزة، حيث حرص كل القائمين والمشاركين على إبراز التراث النايلي بطريقته الخاصة ولمسته الفريدة، واعتبر التظاهرة رحلة ثقافية استثنائية اكتشف من خلالها الجميع عمق التراث النايلي وعراقة التاريخ، مؤكدًا أن هذا المهرجان ما هو إلا بداية لمشوار طويل من الاحتفاء بالهوية والتراث والاعتزاز بهما.

بعث منشط الحفل، باسم ولاية الجلفة، بالشكر إلى كل المساهمين في إنجاح المهرجان، من فنانين ومبدعين وحرفيين ومتطوعين، وأكد أن النجاح المحقق هو نتيجة تعاون وتكاتف الجميع.

وأوضح أن الجلفة تحتفل اليوم بانتمائها إلى التراث العريق، مشددًا على أهمية الحفاظ على هذا الموروث الثقافي وتطويره ونقله للأجيال القادمة، كما عبر عن تطلع الولاية إلى مزيد من الشراكات والتعاون والرقي الثقافي، بهدف بناء مستقبل مشرق يحافظ على الهوية الثقافية.

 

أكّدت الدكتورة نادية بن ورقلة، عضو محافَظة المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي، أن فعاليات المهرجان شكلت احتفاءً متميزًا بالموروث الثقافي لمنطقة ولاد نايل، وصفت المهرجان بأنه “عرس ثقافي” متفرد، حيث ساهمت المحافَظة والمشاركون في إبراز مختلف الحرف والتقاليد، مثل البرنوس النايلي والأغنية البدوية النايلية العريقة التي أسرت الجمهور الجلفاوي بأدائها المميز، إلى جانب عروض الفتناريا وفرسان البارود.

وأضافت بن ورقلة أن المهرجان تميّز بغزارة المداخلات العلمية التي تناولت جوانب متعددة من التراث والتاريخ النايلي من منظور معرفي ونقدي، كان الهدف الأساسي من هذه المداخلات منح المهرجان بُعدًا علميًا يرتقي بالتراث والتاريخ النايلي إلى آفاق أكثر عمقًا وموضوعية، وأكدت أن محافَظة المهرجان تعتقد أن هذه الطبعة قد نجحت في تحقيق هذا الهدف.

أضافت الدكتورة نادية بن ورقلة أنّ المهرجان رفع مجموعة من التوصيات إلى وزير الثقافة والفنون تهدف إلى تطوير وتعزيز فعاليات المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي، تضمنت هذه التوصيات اقتراحات متنوعة بدءًا من تعديل موعد المهرجان ليتسنى لجميع مواطني ولاية الجلفة المشاركة في العروض دون التعارض مع جدول العمل والدراسة، مرورًا بزيادة الميزانية المخصصة للمهرجان، كذلك اعتماد التراث النايلي ضمن منظمة اليونيسكو كتراث إنساني عالمي، وإيفاد لجنة سياحية لمعاينة التراث السياحي والأثري في الولاية، بالإضافة إلى طباعة أعمال الندوات الأكاديمية في كتاب، وإنشاء منصة رقمية خاصة بالمهرجان، وإنتاج فيلم وثائقي يوثق التظاهرة من بدايتها حتى نهايتها.

واختتمت الدكتورة نادية بن ورقلة حديثها بتأكيد أملها في أن تكون الطبعة القادمة من المهرجان أكثر تميزًا وفعالية، مع التركيز على معالجة أي ثغرات أو نقائص – إن وجدت – في الدورة الحالية. واستشهدت في ذات السياق بمقطع شعري عميق المعنى للشاعر أبو البقاء الرندي “لِكُلِّ شَيءٍ إِذا ما تَمّ نُقصانُ”.

وفي كلمة الإعلان عن اختتام المهرجان التي ألقاها مدير الثقافة والفنون السيد عيسى كعبوش نيانةً عن السيد والي الولاية، أكّد على أهمية المهرجان في إبراز الموروث الثقافي لمنطقة أولاد نايل الممتدة من الأغواط إلى بسكرة وبوسعادة، والتي تتمركز في ولاية الجلفة، كما أشاد المتحدّث ببرنامج المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي، الذي تضمّن عروضًا متنوّعة شملت التراث المادي المتمثّل في المواقع الأثرية، المعالم التاريخية، الصناعات التقليدية، والحرف اليدوية، والتراث اللامادي المتمثّل في الفانتازيا، الشعر، الفلكلور، بالإضافة طبعا إلى الجانب الأكاديمي، كما شدّد على أهمية الحفاظ على الموروث الثقافي كمسؤولية مشتركة بين المواطنين والمسؤولين، مستشهدًا بأمثلة من الحياة اليومية مثل “قهوة فرارة” وإكرام الضيف والأعراس والأسواق والأمثال والحكم.

كما وجّه الشكر لوزارة الثقافة على نجاح المهرجان، ولوالي الولاية على دعمه، معربًا عن سعادته بالتكامل والتناغم بين أبناء الوطن، واختتم كلمته بالتهنئة لولاية الجلفة وعرش أولاد نايل، متطلعًا للقاء في الطبعة الثانية.

شهد حفل الاختتام تنوّعًا فنيًا وثقافيًا متميزًا، حيث تضمن وصلات غنائية متألقة للفنان المداني بالحاج وفرقة أشعار الحضنة المعروفة بالشيخ المرنيز، إلى جانب الفنان الطاهر رحاي، وتمّيز الحفل بإبداع الشعراء، حيث ألقى الشاعر عبد الغفار عبد الحفيظ – الحائز على المرتبة الأولى وطنيًا بجائزة مؤسسة فنون وثقافة في صنف الشعر الشعبي – نصوصًا شعرية، كما قدّم الشاعر إبراهيم طيبي قصيدة مؤثرة عن التراث النايلي لاقت تفاعلًا جميلًا من الجمهور، وأضفت الراوية حنة لمسة إضافية من خلال مقطع حكواتي.

وفي جانب آخر من الحفل، جرت مراسم تكريم خاصة، حيث كرّم محافظ المهرجان المختار صديقي ورئيس المجلس الشعبي الولائي الحرفيّ في صناعة الحليّ التراثي والمهتمّ بالتراث النايلي شولي بلخضر، كما تم تكريم الشاعر عبد الغفار عبد الحفيظ تقديرًا لإبداعه وإسهاماته الثقافية.

التدوينة في حفل بهيج وتفاعل إيجابي بالجلفة.. اختتام المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي بقراءات وتوصيات ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.