حاوره: منيـر سعـدي
*غايتنا من تأسيس الجمعية حماية هذا الموروث الثمين وضمان استمراره.. ونعمل على التصدّي للممارسات المضرة بالثروة الحيوانية عبر التوعية
*اخترنا الصقّار محمـد الرعاش “شيخ الطيور” شعاراً للجمعية لخبرته الاستثنائية التي أدهشت العديد من الصقّارين محلياً وعالمياً
* كانت الجزائر سبّاقة عربيًا في المشاركة والفوز في التظاهرة الثقافية العالمية بإيطاليا.. واليوم تغيب عن معظم الفعاليات الدولية التي يمكن أن تبرز تراثها العريق في الصِّقارة والفروسية
* نعد ملفاً لإدراج الصِّقارة والصيد بالسلوقي في تراث اليونسكو غير المادي للجزائر
* الصِّقارة تدعم السياحة الثقافية للبلاد وتخلق نشاطاً تجارياً مفيداً اقتصادياً
* لقي حضورنا في مهرجان التراث النايلي إقبالاً واسعاً وعرّف بأهمية الصِّقارة في ثقافتنا الجزائرية
تُعدّ الصِّقارة واحدة من أعرق الهوايات التي ارتبطت بالثقافة العربية الأصيلة، حيث تشكّل جزءًا من تراثها العريق، بالإضافة إلى انتشارها في أوروبا ومناطق أخرى حول العالم، تُعرف الصِّقارة بأنها فنّ تربية الصّقور واستخدامها في الصيد، وهي أكثر من مجرد وسيلة لاصطياد الطرائد، إذ تحمل في طيّاتها علاقة فريدة بين الإنسان والطير، تُبرز قيم الشجاعة، الصبر، والإبداع، وقد حظيت الصِّقارة بمكانة مميزة في التاريخ العربي، واهتمّ بتوثيقها الرحّالة والمؤرخون، ومن بينهم محمـد الوزّان الفاسي (ليون الإفريقي) الذي أشار في كتابه “وصف إفريقيا” إلى انتشار هذه الممارسة في الجزائر منذ القرن السادس عشر، واصفًا شغف عرب المنطقة بالصيد بالصقور والخيل.
في هذا الحوار، نستضيف الصقّار خالد بن مزوز، رئيس جمعية “حِمى الصقّار النايلي” وأحد أبرز الشخصيات الشغوفة والناشطة في مجال الصِّقارة بمنطقة أولاد نائل، ولاية الجلفة، شغفه بهذا العالم التراثي لم يقتصر على الممارسة فحسب، بل دفعه إلى تأسيس الجمعية للحفاظ على هذا الإرث الثقافي وتطويره، من خلال حديثنا معه، سنستكشف تفاصيل تجربته الملهمة، رؤيته حول أهمية الصِّقارة في الحفاظ على الهوية الثقافية، وأسرار هذا الفنّ العريق، كما سيُطلعنا على أبرز الصقّارين في المنطقة وقصصهم المؤثرة، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه هذا المجال في العصر الحديث.
كيف بدأت علاقتك بالصّقور، وما الذي يجعل الصِّقارة أكثر من مجرّد هواية بالنسبة لك، وكيف تطوّرتَ في هذا المجال وما التحديات التي واجهتك؟
بدأت تجربتي في تربية الصقور في الطفولة، تحديدًا في عامي 1995 و1996، عندما كان أحد أقاربي يهتم بتربيتها، كنت شغوفًا بمراقبته أثناء تعامله مع الصقور، من حملها إلى إطعامها ورعايتها باستخدام الأساليب التقليدية، كان يجلب فراخ العش ويعتني بها حتى تكبر وتتعلم الطيران، ثم يدرّبها على الصيد. مع مرور الوقت، بدأت أتعلم هذه الممارسات بنفسي، مُحافظًا على الأسلوب ذاته، حيث كنت أعتني بالفراخ حتى تكمل لياقتها البدنية ثم أدرّبها على الصيد، مما يمكّنها من اصطياد الطرائد البرية مثل الأرانب والكرواين.. إلخ.
الصِّقارة ليست مجرد هواية، بل هي موروث ثقافي متوارث منذ القدم، نواصل ممارسة هذه الهواية بنفس طريقة الآباء والأجداد، نربّي نفس الصقور المستوطنة التي كان آباؤنا وأجدادنا يحرصون على تربيتها وتدريبها والصيد بها مع تسمية الأدوات التي يستخدمها قدماء الصقّارين أثناء خرجاتهم في رحلات الصيد بمسمياتها المحلية (الكمبيل، السَّمايك، المصِّيدة، الركيزة، الجَّابة، القفاز).
من التحديات التي تواجه الصقّارين في الجزائر هو القانون الذي يمنع اقتناء واستخدام الصقور في الصيد، على عكس ما يحدث في دول الخليج وأوروبا، حيث تُمارس الصِّقارة بشكل قانوني ومنظّم، مع إقامة مهرجانات ومسابقات سنوية تعزز استدامتها وتحافظ على هذا الموروث الثقافي للأجيال القادمة وإبقائه جزءًا من الهوية الثقافية لمجتمعنا.
كيف تحوّلت الصِّقارة من وسيلة للصيد إلى جزء من التراث الثقافي؟، وماذا عن التجربة الجزائرية خاصة منطقة أولاد نايل وأشهر الصقّارين فيها؟.
عرفت الصِقارة في الجزائر منذ القدم، حيث مارسها البدو في بواديهم، خاصة في منطقة أولاد نايل، باعتبارها نوعًا مهمًا من الصيد. ومع مرور الزمن، تحوّلت من وسيلة لتوفير الطعام إلى جزء من التراث الثقافي والتاريخي للمجتمع، ومن أبرز الصقّارين في منطقة أولاد نايل نذكر محيي الدين لحرش وابنه نور الدين، العقيد أحمد بن الشريف، محمد الرعاش الملقب بشيخ الطيور، طاهيري سي خالد، كربوب عامر، طاهيري المختار بن معمر، طاهيري المسعود بن معمر، طيب بن بلقاسم، وبن دراح علي بن الشريف، ويشتهر الصقّارون في المنطقة بمهارتهم في تدريب الصقور على الصيد.
حدّثنا عن مراحل الصِّقارة، من صيد الصقر إلى تدريبه، وعن مستلزماته، والمواسم المناسبة لهذه الهواية في منطقة أولاد نايل؟
على الصقّار أن يحرص على اقتناء صقر بصحّة جيدة وريش سليم.. خال من الأمراض، ومن الأحسن اختيار فرخ العام ( إبالة مثلا أو بُرني أو التُركلي)، لأن الصقَّارين يفضلون فرخ العام لما فيه من المزايا المطلوبة عندهم كالشجاعة والسرعة والشراسة أثناء صيد الفريسة والانقضاض عليها.
تتم تربية ورعاية الصقر من أول يوم يقوم فيه الصقار بإحضاره إلى بيته ويقوم بوضع (الكمبيل) على رأسه والكمبيل عبارة عن قطعة من الجلد الطبيعي بحجم رأس الصقر يتم من خلالها حجب الرؤية عنه ليظل الصقر هادئا، مع تثبيت (السمايك) على أرجل الصقر، والسمايك خيط سميك بطول 20 سم مقسم إلى جزأين متساويين يتم ربطهما بخيط متصل بالدوّار المثبت في الركيزة، وهي الوسيلة الوحيدة للإمساك بالصقر وجعله يقف على يد الصقَّار أو الركيزة وتكون دائما مثبتة بأرجل الصقر ولا تنزع نهائياً إلا في حالة تغييرها بأخرى جديدة وبفضلها يمكن للصقَّار السيطرة الكاملة على صقره، موسم الصيد بالصقور يبدأ مع بداية فصل الخريف، يقوم الصقّار بإحضار صقره ليقوم بعدها بترويضه وتدريبه على الصيد ليكون جاهزا أثناء خرجات الصيد بالصقور إلى غاية نهاية موسم الصيد، ومن بين المستلزمات الأخرى التي يستعملها الصقَّار “الركيزة” وهي المكان المخصّص لوقوف الصقر، وتتوفر بعدة أنواع منها الخشبية والبلاستيكية والقماشية المحشوة بالرمل، ولحماية يد الصقار، يستخدم “القفّاز” المصنوع من الجلد عالي الجودة، حيث يتميز بطبقة داخلية ناعمة ورطبة وطبقة خارجية قوية ومتينة ذات خشونة متوسطة تقي من مخالب الصّقر، ويعد “الدوّار” من الأدوات المهمة التي تتكون من حلقتين متلاصقتين تمنعان تشابك السمايك والتفافها حول قدميّ الصقر أثناء حركته، بالإضافة إلى “المصِّيدة” وهي كيس مصنوع من القماش مقسّمة من الداخل تُحمل على كتف الصقّار، وتُستخدم لحمل جميع مستلزماته مثل الكمبيل والسمايك والقفاز وغيرها من الأدوات الضرورية.
ما الذي يميّز طريقة الصِّقارة في منطقة أولاد نايل مقارنةً بطرق الصِّقارة في المناطق والدول الأخرى؟
تتميّز الصِّقارة في منطقة أولاد نايل باستخدام طريقتين مختلفتين، الأولى الأكثر شيوعًا بين الصقّارين العرب، هي حمل الصقّار لصقره على يده وإطلاقه فور ظهور الفريسة، مثل الأرانب البرية أو الكراوين، يُقال في هذه الحالة إن الصقّار “يُهدُّ الطير”، أي يطلقه مباشرة نحو الفريسة، ويُسمى هذا الصقر “طير الهَدَّة”.
أما الطريقة الثانية، فتعتمد على تدريب الصقر على التحليق في السماء بينما يسير الصقّار مع السلوقي على الأرض لإجبار الفريسة على الخروج من مخبئها، بمجرد ظهور الفريسة، ينقضّ الصقر عليها بدقة وسرعة، بعد سماع صوت الصقّار الذي ينادي “هااااي هااااي هااااي”. يُعرف الصقر الذي يتبع هذه التقنية بـ”طير الحَوْمْ”، ويتميز بقدرته على التحليق لفترات طويلة وعلى ارتفاعات عالية، مما يمكنه من رصد الفريسة من مسافة بعيدة.
كيف تعكس الصِّقارة العلاقة بين الإنسان والطبيعة؟ وما الدروس التي تعلمتها منها؟، وما هي المهارات والقيم التي يجب أن يتحلّى بها الصقّار في التعامل مع الصقور والطبيعة؟.
العلاقة بين الصقر والصقّار تتميّز بترابط عميق يبدأ منذ اليوم الأول للتدريب، وتستمر حتى لحظة انطلاقهما معًا في رحلات الصيد، هذه العلاقة تعتمد على الثقة والتفاهم المتبادل بين الصقّار وصقره، من أساسيات الصِّقارة أن يتحلى الصقّار بالصبر، وأن يكون على دراية كاملة بأساليب العناية بصحة الصقر وتوفير البيئة المناسبة له، بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون الصقّار واعيًا بأهمية الصقارة كتراث إنساني عريق، ويعمل جاهدًا على غرس المبادئ والممارسات الصحيحة لهذا التراث في الأجيال القادمة.
ما تعلمته من هذه الهواية هو أن الصقارة تعكس عمق ارتباطنا بالتراث الشعبي، فهي تسهم في تعزيز قيم الشجاعة والمجد، كما أنها تعكس أهمية الحفاظ على البيئة من خلال ممارسات الصيد المستدام، إلى جانب ذلك، تمثل الصقارة فرصة لتعلّم الصبر وتعزيز الروابط الإنسانية بين الصقّارين، مما يسهم في ترسيخ القيم النبيلة مثل الفخر والشجاعة، التي تشكل جزءًا أساسيًا من ثقافتنا العربية.
ما هو شعور الصقّار عند رؤيته عودة صقر مدرَّب إليه بعد رحلة صيد؟ وكيف تفسر هذه الثقة المتبادلة؟
يُعد شعور الصقّار لحظة وصول صقره إلى مرحلة الاعتماد الكامل عليه في الصيد شعورًا لا يوصف، ففي تلك اللحظة، يصبح الصقّار واثقًا تمامًا من قدرة صقره على تنفيذ المهمة بنجاح، دون أن يخشى فقدانه عند إطلاقه على الفريسة، هذا الأمر يعكس علاقة عميقة ومتينة بينهما، تنبثق من الثقة والتفاهم المتبادل.
ما دوافع تأسيس جمعية “حمى الصقّار النايلي”؟ وما أهدافها ونشاطاتها المستقبليّة، وكيف تساهم في الحفاظ على التراث الثقافي للصِّقارة؟
جاءت فكرة تأسيس الجمعية بعد إلحاح من الأصدقاء المهتمين بالصِّقارة، وقررنا إنشاء جمعية لحماية هذا الموروث الثمين وضمان استمراريته للأجيال القادمة، اخترنا لها اسم (حِمى الصقّار النايلي)، الحِمى تعني المكان الذي يحميه الحاكم ومن هنا اخترنا تسمية الجمعية بـ”حِمى الصقار النايلي”، المحمية التي يمتلكها الصقَّار، فهي تجمع بين الصقَّار الذي يربي الصقر، والذي يعالجه، والشاعر الذي يقول أبيات شعرية عنه، والذي يصطاد به، والحرفي الذي يقوم بصناعة الأدوات التي يستعملها الصقّار مثل الكمبيل والسمايك والركيزة والمَصِّيدة والجّابة … إلخ.
لتعزيز هذا الموروث، نحتاج إلى قوانين تسمح بممارسة الصِّقارة وإنشاء مزارع لإكثار الصقور، كما في دول الخليج وأوروبا، نهدف أيضًا إلى إقامة مهرجانات ومسابقات سنوية للصقّارين مع جوائز تحفيزية، الجمعية تسعى لتعزيز الوعي بالصقارة من خلال المشاركة في الفعاليات الثقافية والتعاون مع المؤسسات العلمية لتنظيم أيام دراسية للحفاظ على هذا التراث.
ما سرّ الاهتمام بشخصيّة الصقّار “محمـد الرعاش” ووضع صورته ضمن شعار الجمعية؟
اخترنا الصقّار محمد الرعاش الملقب بشيخ الطيور كشعار لجمعيتنا لخبرته الكبيرة في الصقارة، فهو من الرعيل الأول للصقّارين في الجزائر ومنطقة أولاد نايل، شغفه وخبرته أدهشت العديد من الصقّارين الذين رافقوه في رحلات الصيد بالصقور، سواء من داخل الجزائر أو من الخارج، بما في ذلك ضيوف من أوروبا (التشيك) ومن المملكة العربية السعودية.
في الجزائر، هناك نوعان من الصقور المستوطنة كان الآباء والأجداد يحرصون على تربيتها والصيد بها “البُرني والإبالة”، وكان شيخ الطيور يوجّه الصقّارين المبتدئين الذين يتعلمون فنون الصِقارة تحت إشرافه قائلاً: “إبالة خير من سبع طيور”، ليؤكد على تفوق الإبالة بمهاراتها الاستثنائية وسرعتها في الصيد مقارنة بالبُرني.
كيف تتعامل الجمعية مع تحدّيات الصيد الجائر أو الاتّجار غير المشروع بالصّقور؟
نعمل على التصدي لهذه الممارسات السلبية التي تُهدد استدامة الثروة الحيوانية في بلادنا من خلال تنفيذ برامج توعوية شاملة، تعتمد على تقديم إرشادات دقيقة وحلول عملية تهدف إلى الحد من هذه الظاهرة وتقليل آثارها الضارة.
مشاركة الجمعية في المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي بالجلفة مؤخّرا، هل هي أول مشاركة وطنية؟ كيف تقيّمها واهتمام وتجاوب الجمهور؟
تُعد مشاركة جمعيتنا في المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي في نسخته الأولى لهذا العام المشاركة الأولى لها في هذا الحدث المميز، شهد جناح الجمعية في ميدان سباق الخيل إقبالًا كبيرًا من الزوار الذين استمتعوا بمشاهدة الصقور المعروضة، والصور القديمة التي وثقت تراث الصقارة في الجزائر، ومستلزمات الصقَّار، كما كان الحضور على موعد مع عرض مميز لتدريب الصقر على الجَّابة، الذي نال إعجاب الجميع، هذه المشاركة شكّلت فرصة لتعريف الجمهور بتراث الصقارة وتسليط الضوء على أهميته ضمن الثقافة الجزائرية العريقة، ما جعلها تجربة غنية ومميزة للجمعية والزوار.
هل شاركت الصِّقارة الجزائرية في مهرجانات دولية؟، وهل كانت هذه المشاركات كافية للتعريف بها؟
في عام 1964، كانت الجزائر أول بلد عربي يشارك في التظاهرة الثقافية العالمية بمدينة فلورنسا الإيطالية، تجسّدت مشاركتها في فعاليات ومسابقات تعكس تراثها الثقافي والرياضي، حيث شارك الوفد الجزائري في الصِّقارة، والفروسية التي أبرزت مهارة الفرسان، والصيد بكلاب السلوقي الذي يعكس فنون الصيد التقليدي، قدّم الوفد أداءً مميزًا تُوّج بالميدالية الفضية بعد احتلاله المرتبة الثانية عالميًا. ورغم أن هذه المشاركة كانت مثمرة وفعّالة، إلا أن الجزائر اليوم تغيب عن معظم الفعاليات الدولية التي يمكن أن تبرز تراثها العريق في الصقارة، الفروسية، والصيد بالسلوقي.
هل ترى أن هناك فجوة بين الجيل الجديد والصِّقارة؟ وكيف يمكن سدّها؟، وما الدور الذي يمكن أن يلعبه الشباب والجيل الجديد في استمرار هذه الهواية؟
هناك فجوة واضحة بين الجيل القديم للصقّارين الجزائريين والجيل الجديد، في الماضي كانت الجزائر حاضرة بقوة في المهرجانات الدولية التي تعكس تراثها الثقافي، كما نظّمت مهرجانات محلية مثل مهرجان تيارت للفرس في ثمانينيات القرن الماضي، جمع هذا المهرجان أحداثًا رياضية وثقافية، وكان وجهة مثالية لعشاق الخيول والصقارة والصيد بالسلوقي، حيث شهد سباقات الخيول وعروض الصِّقارة والصيد التقليدي، اليوم يمكن للشباب لعب دور مهم في الحفاظ على التراث الجزائري، شريطة توفير الدعم المادي والمعنوي من الجهات المعنية، على غرار ما تقدمه دول الخليج وأوروبا لدعم الجمعيات والنوادي وتيسير جهودها لحماية الموروث الثقافي.
هل فكّرتم في طلب تسجيل الصِّقارة كجزء من التراث الجزائري في اليونيسكو؟
نعمل حاليًا على إعداد ملف متكامل لتسجيل الصِّقارة والصيد بالسلوقي ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للجزائر، مستندين إلى أرشيف تاريخي يعكس أهميتهما الثقافية والتاريخية، خلال فعاليات المهرجان الثقافي الوطني للثقافة والتراث النايلي، ناقشنا مع ممثل وزير الثقافة والفنون آليات تصنيف هذا الموروث، حيث تم التأكيد على أهمية إدراجه. بناءً على ذلك، وُجّهنا لتقديم الملف إلى مديرية الثقافة والفنون بولاية الجلفة لاستكمال الإجراءات الرسمية اللازمة لاعتماد التصنيف.
كيف يمكن للصِّقارة أن تساهم في السياحة الثقافية بالمنطقة وفي الحفاظ على تراثها الثقافي؟ وكيف تسهم في الحفاظ على الصّقور؟
يمكن للصقارة أن تسهم في تعزيز السياحة الثقافية للبلاد من خلال تنظيم المعارض والمسابقات الدولية، على غرار ما يحدث في دول الخليج العربي وبعض الدول الأوروبية، كما يمكن جذب العديد من الشركات العالمية الرائدة في تربية الصقور وإنتاج مستلزماتها، بالإضافة إلى شركات تصنيع الأدوية المخصصة لها، هذا التوجه لا يقتصر على الحفاظ على هذا الموروث الثقافي القيّم فحسب، بل يساهم أيضًا في خلق حركة تجارية نشطة تحقق فوائد اقتصادية للجميع.
ما الدور الذي يمكن أن تلعبه وسائل الإعلام ومنصّات التواصل في إبراز الصِّقارة؟
تعد وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي أدوات مؤثرة في الترويج لتراث الصقارة، حيث يمكنها تسليط الضوء على الفعاليات والمهرجانات، بالإضافة إلى نقل أنشطة الجمعيات والنوادي المعنية، من خلال ذلك، تسهم هذه الوسائل في إيصال مطالبهم وانشغالاتهم إلى الجهات المسؤولة، مما يعزز الاهتمام بالتراث وحمايته.
ما هي رؤيتك لتطوير الصِّقارة؟ وما رسالتك للمهتمّين بهذا المجال، وللجهات الرسمية؟
رسالتي للجهات الرسمية هي السماح لنا بإنشاء مزارع مخصّصة لإكثار الصقور، كما هو الحال في دول الخليج والدول الأوروبية، تساهم هذه المزارع في حماية الثروة الحيوانية من الانقراض، حيث يُسمح للجمعيات والنوادي والأفراد بإنشائها، هذه الخطوة تزيد من أعداد الصقور في الطبيعة وتحدّ من الصيد العشوائي والتجارة غير المشروعة بها، مما يعزّز جهود الحفاظ عليها، كما تتيح للصقّارين ممارسة هوايتهم بشكل قانوني ومنظّم، والمشاركة بها في المهرجانات والمسابقات المحلية والدولية، نأمل أيضًا في تنظيم مهرجانات سنويّة تضم مسابقات للصّقارة والصيد بالسلوقي مع تقديم جوائز تقديرًا لجهود المشاركين في الحفاظ على هذا التراث.
التدوينة الصقّـار ورئيس جمعية “حِمى الصقّار النايلي” خـالـد بن مزوز لـ”الحوار”: على الصقَّـار إدراك قيمة الصِّقارة كتراث إنساني عريق والعمل على غرس مبادئها الصحيحة في الأجيال القادمة ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.