أعلن الشاعر الكبير عبدالله السمطي أنه قام بتحديث القصيدة العمودية ونقلها إلى آفاق جديدة من التعبير الدلالي والجمالي، بحيث يمكن الإفادة من قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر في هذا المجال
وأوضح أن التطوير يلامس البحور الشعرية بتغيير أبنيتها التقليدية حيث قام، كما يوضح، بدمج شطري البيت الشعري وإلغاء ثنائية العروض والضرب، كما قام بزيادة عدد تفعيلات البحر العروضي
وقال السمطي الذي صدر له 15 ديوانا شعريا من قبل : لقد كتبت مقدمة وافية في ديواني: ( رايات بلا أوسمة) حددت فيها النمط السمطي الجديد للقصيدة العمودية لتصبح قصيدة حداثية وما بعد حداثية بامتياز لأول مرة في تاريخ الشعر العربي منذ عصر الموشحات الأندلسية.
واختتم صاحب السماء الجنوبية للحب، وسرير الحطاب بالتأكيد على أن القصائد العمودية ذات النمط السمطي التي تجلت في دواوينه الشعرية :( الجميلات لا يفعلن هكذا) ، و(السماء الجنوبية للحب) ، و(رايات بلا أوسمة) سيكون لها شأن كبير في التحولات الشعرية وسوف تفتح فضاءات تعبيرية شاسعة للأجيال الجديدة وللتجريب الشعري الحديث.

نصيرة سيد علي

______________________

في اليوم التالي لنهاية الحرب

1
ستنتهي الحربُ عما قريب
وسنعودُ إلى أطلالنا
كي تبكي علينا كثيرا
لقد أمتنا الموت نفسه
ولن يتجرأ مرة ثانية أو ثالثة أو عاشرة
على أن يميتنا كما كان يميت
لقد فقدنا خمسين ألف جثة
يسميها الله بالشهداء والشهيدات
ربما لنعول كثيرا
على اتساع الجنة

2
ستنتهي الحرب عما قريب
لن نرانا تارة أخرى في العناصر
لن نتنفس هذا الهواء العربيّ
بجراثيمه وعاهاته
بنسماته المقنّعة
أو بعواصفه الكاذبة
سوف نشهقنا نحن
هواءنا العراء
هواءنا أشلاؤنا
هواءنا نيراننا المطفأة
بطوفان من دموع

3
سوف تنتهي الحرب عما قريب
سيعود الأطفال إلى مدارسهم الشتوية
كراريسهم حجارة البيوت المهدمة
وأحبارهم من مطر
وأعمارهم ما تبقى من هوامش الروح
سوف نرقص كثيرا
فوق جماجمنا الممزوجة بالتراب
حيث قال الأعراب المجاورون لنا: إنه ترابكم الوطني
فصلوا للسماء
وصلوا للسلام
وصلوا على أنفسكم كثيرا
فأنتم شهداؤنا الأحياء

4
ستنتهي الحرب عما قريب
وكنا قد أحصينا بأجسادنا وعظامنا ولحمنا قيامات كثيرة
قامت علينا وحدنا
بزلازل وبراكين وطوفان
مشينا ملايين المرات على الصراط
وزعنا أنفسنا على جنة ونار وأعراف
لكنما كانت النار أسرع منا
حيث لم يتبق منا سوى الرماد
سوف يقول لنا الشعراء
افرحوا أيها الأهل
افرحوا جدا أقاربنا في الجحيم
وأصحابنا في العراء
من الرماد ينبت الورد
من الرماد تقوم العنقاء
من الرماد تصنع الخرائط
وسوف يتغنى بنا الإعلام الرسمي والأهلي والقومي
ونتصدر الأخبار
كعظماء في الموت
وكعظام في الحقيقة

5
سوف تنتهي الحرب عما قريب
وسوف نفتش بين أكوام الحجارة عن لقيمات يابسة
مغمسة بالدم
لن يتناولها أطفالنا على وجبات ثلاث
إنما كي نتذكر حياتنا الأولى
على موائد المتفرجين
وإن الموت يذبحنا ويقتلنا ويجرحنا وينسفنا
وإخوة يوسف جاثمون على آبارهم
وإخوة يوسف يعبدون فراعينهم
وإخوة يوسف يمنحون أقفيتهم للغرباء
سوف نعود لنا
تلملمنا أقمشة المخيم
وتلعننا سموات سبع
وتشطبنا الأرض عن جغرافياها
نحن القابعين هنا ملايين القرون
نتغنى بأوسمة مزيفة
وخيول لا تجيء
وسيوف لا ترفع
وبنادق صدئة
وطائرات لا تطير
وهتافات خرساء
سنعود لنا
نزرع جثثنا من جديد
أشجارا من أمل

..
عبدالله السمطي
19 ديسمبر 2024
الساعة 6.18 صباح الخميس

 

التدوينة عبدالله السمطي يحدّث القصيدة العمودية ويطور بحورها الشعرية ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.