في إطار التعاون الجزائري-الألماني واعتباراً للعلاقات المتميزة في المجال الثقافي بين البلدين، أشرف السيد “زهير بللو” وزير الثقافة والفنون صباح اليوم الإثنين رفقة السيدة “كاتيا كول” نائب وزيرة خارجية جمهورية ألمانيا الاتحادية والوفد الرسمي المرافق لها، على تدشين مشروع الذي يخص المتحف العمومي الوطني “شرشال” بولاية تيبازة، وذلك بحضور السلطات المحلية للولاية.
وكانت البداية مع جولة استكشافية للحديقة المحاذية للمتحف والمُطلة على ميناء شرشال العريق، حيث كان للضيوف فرصة للتعرف على هذا الإرث التاريخي الشاهد على حضارة شرشال الممتدة لقرون من الزمن.
لينتقل بعدها السيد “زهير بللو” وزير الثقافة والفنون والوفد المرافق له إلى داخل المتحف لتدشينه بمعية نائب وزيرة الخارجية الألمانية بعد أعمال الصيانة والترميم التي مست التحف، من منحوتات ومجسمات وكذلك السينوغرافيا العصرية التي تم اعتمادها لإظهار كنوز هذا المتحف، أين تعرفوا على أهم القطع الأثرية النادرة التي يحتويها، حيث قدمت لهم السيدة مديرة المتحف شروحات خاصة بالمجموعات المتحفية والتي تُجسد حقب زمنية مختلفة، بداية من الفترة الفينيقية ثم النوميدية والرومانية وصولا إلى الفترة الإسلامية.
وفي كلمة له بالمناسبة، عبَّر السيد الوزير عن تقديره العميق للعلاقات المتينة والتاريخية التي تجمع بين الجزائر وألمانيا، سيما في المجال الثقافي الذي يُشكل محورًا أساسيًا في هذه الشراكة، منوهاً بعراقة وتاريخ مدينة شرشال وموقعها الاستراتيجي المحصن.
كما أشاد السيد “زهير بللو” بالتعاون الجزائري-الألماني، الذي يُعد نموذجًا يحتذى به في مجال الشراكة الثقافية، منذ توقيع أول اتفاقية تعاون ثقافي وعلمي في عام 1966 والتي تم تجديدها باتفاقية 2022، ما يعكس الرؤية المشتركة بين البلدين، على غرار مشروع ترميم المتحف الوطني لشرشال، حيث يُعد إنجازًا مشتركًا ومرجعًا في التعاون الثنائي مع المعهد الألماني للآثار، الذي سمح بنقل المعرفة العلمية وتعزيز المهارات من خلال الإشراف على تكوين فريق جزائري متخصص في الترميم و السينوغرافيا المتحفية، مضيفاً أن هذه التجربة بين البلدين أسفرت عن نتائج مميزة أهمها، ترميم وحماية عشرات القطع الأثرية، منها تماثيل ومنحوتات نادرة إلى جانب تحديث نظام العرض بأسلوب سينوغرافي عصري، يضمن الانسجام والتوازن، مع توفير حماية ضد الزلازل.
إلى جانب مشروع شرشال، أشار السيد وزير الثقافة والفنون إلى المشاريع الثقافية المستقبلية التي ستجمع بين الجزائر وألمانيا منها، بروتوكول الاتفاق بين المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ وجامعة فرانكفورت الألمانية، والذي يهدف إلى توثيق النقوش الصخرية في حظيرة الطاسيلي، وإنشاء قاعدة بيانات شاملة تُساهم في حماية هذا الإرث الإنساني الثمين وتعريفه على الصعيد الدولي وتطوير مراكز تفسير للمواقع الأثرية والذي يُعد خطوة ضرورية لتسليط الضوء على التراث الثقافي المادي وغير المادي على غرار تبسة والطاسيلي.
وفي سياق التعاون المستقبلي، نوه السيد الوزير إلى إمكانية تعزيز وتوسيع الشراكة الثقافية بين البلدين في مشاريع أخرى، على غرار:
▪ترميم اللوحات الجدارية للمتحف العمومي الوطني للفنون والتعابير الثقافية التقليدية “قصر الحاج أحمد باي بقسنطينة”.
▪ترميم لوحات الفسيفساء بموقع جميلة بالتعاون مع متحف الأثار بمدينة تيرير الألمانية.
▪توسيع برامج التكوين والتدريب من خلال تثمين الحظيرة الثقافية لتيبازة المسجلة في قائمة التراث العالمي، لتمكين الكوادر الجزائرية من اكتساب مهارات جديدة في إدارة المواقع الأثرية والمتاحف وترميم التحف الأثرية.
وفي الجهة المقابلة، أعربت السيدة “كاتيا كول” عن سعادتها بالشراكة الألمانية-الجزائرية سيما في المجال الثقافي والذي تضمن مجموعة من الاتفاقيات والمشاريع التي تجسدت على غرار أشغال الصيانة والترميم التي شهدتها القطع الأثرية بالمتحف العمومي الوطني “شرشال” والذي يُمثل قاعدة مهمة للتراث، كما أبدت إعجابها بالطابع المعماري المتنوع والنادر لمدينة “شرشال” ما يعكس عمق حضارة وتاريخ الجزائر وتنوع ثقافتها.
وأكدت السيدة “كاتيا كول” على أهمية التعاون الألماني-الجزائري سيما في المجال الثقافي، داعيةً إلى رفع التحديات مستقبلاً لتعزيز التبادلات الثقافية بين البلدين بما يساهم في توسيع العلاقات الثنائية بين ألمانيا والجزائر و مواصلة وتيرة التعاون في مجال حفظ التراث الثقافي بصفة عملية.
جدير بالذكر، يحتوي المتحف العمومي الوطني “شرشال” على مجموعة مهمة من القطع الأثرية النادرة، التي شارك في أعمال صيانتها مجموعة من الباحثين والخبراء من الجزائر وألمانيا.

التدوينة بالصور.. تدشين مشروع ترميم المتحف العمومي الوطني لشرشال ظهرت أولاً على الحوار الجزائرية.