الجزائر - يعد الوضع الاقتصادي والمالي في فرنسا "خطير للغاية" مع استمرار ارتفاع مستوى الديون الخارجية التي بلغت 5ر110 بالمائة من الناتج المحلي الخام سنة 2023، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 9ر124 بالمائة سنة 2029، حسب دراسة نشرتها وسيلة إعلام فرنسية متخصصة.

وكشفت هذه الدراسة, التي نشرت تحت عنوان "فرنسا في حالة طوارئ" في الجريدة الإلكترونية "كونتروبوان"، عن وضع مالي يعد الأسوأ الذي شهدته فرنسا منذ خمسين عاما مع تزايد الديون الخارجية وارتفاع تكلفتها بشكل غير مسبوق في ظل تفاقم نفقات الدولة وتنامي العجز العام.

فقد سلطت هذه المساهمة لكلود سيكارد، وهو دكتور في الاقتصاد و مؤلف لعدة كتب, الضوء على خفايا الواقع الاقتصادي الفرنسي محملا المسؤولية للقادة الفرنسيين عن هذا الوضع الذي وصفه بـ"الخطير للغاية" والذي يتميز بإنفاق عام يعد "الأعلى من بين جميع الدول المتقدمة" و"ضرائب قياسية تخنق الاقتصاد".

و يبرز هذا التحليل، الذي نشر عشية مداخلة رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو أمام البرلمان بمناسبة خطابه للسياسة العامة، آخر المستجدات التي تشهدها فرنسا لاسيما تراجع تصنيف ديونها من قبل وكالة موديز الأمريكية والقلق الذي أعرب عنه صندوق النقد الدولي وكذا الإجراء الذي اتخذته بروكسل في يوليو 2024 بخصوص العجز "المفرط".

ودعم المؤلف تحليله بأرقام ومعطيات صادمة حول الأزمة التي تعاني منها فرنسا، مشيرا إلى أن ديون البلاد لم تتوقف عن الارتفاع، حيث انتقلت من 20 بالمائة من الناتج المحلي الخام سنة 1974 إلى 60 بالمائة سنة 2000 و 96 بالمائة سنة 2016 قبل أن  تبلغ 5ر110 بالمائة سنة 2023، متجاوزة بكثير القدرات المالية للدولة.

وأكد الخبير الاقتصادي أن ديون فرنسا قد ازدادت بمقدار ألف مليار يورو خلال عهدة الرئيس إيمانويل ماكرون, وهو ما يفوق بكثير ديون جميع سابقيه, مضيفا أن الديون ستصل إلى 9ر124 في المائة من الناتج المحلي الخام في عام 2029.

كما أوضح أن سداد هذه الديون يمثل أكبر بند في ميزانية الدولة, مما قد يؤدي, حسب قوله, بفرنسا إلى دفع غرامات المفوضية الأوروبية بسبب "تجاوز الحد المسموح به من الديون والعجز في الميزانية".

وبالتوازي مع التشخيص المتعلق بالديون الخارجية, قدم المؤلف أيضا تقريرا كارثيا عن النشاط الاقتصادي في فرنسا, مشيرا بشكل خاص إلى تدهور القطاع الصناعي, الذي لا يساهم إلا بنسبة 10 بالمائة فقط في تكوين الناتج المحلي الخام, بينما تصل هذه النسبة إلى 23 بالمائة أو 24 بالمائة في ألمانيا أو سويسرا.

واستطرد يقول إن "فرنسا هي اليوم الدولة الأكثر تدهورا في مجال الصناعة بأوروبا, باستثناء اليونان".

وعند تطرقه إلى التوقعات بخصوص آفاق الاقتصاد الفرنسي للسنوات المقبلة, لم يكن المؤلف متفائلا أيضا, إذ ذكر معدل نمو منخفض يصل إلى 1 في المائة فقط.         كما دعا, رئيس الوزراء والبرلمان إلى الاتفاق فورا على "كيفية توزيع التوفير المتوقع بين البندين الرئيسيين في النفقات العامة (التشغيل والنفقات الاجتماعية)", معتبرا أن "الجهد المطلوب سيكون كبيرا, حوالي أربعين مليار يورو من التوفير سنويا حتى عام 2029".