وتم تقديم مسرحية "بدء" على خشبة المسرح الصغير لبلدية الجزائر الوسطى، وهي عمل من اقتباس فاتن قصار عن رواية "فوضى الحواس" لأحلام مستغانمي، ومن إخراج تونس آيت علي التي قامت أيضا بتصميم العرض وكذا إعادة كتابة النص بما يتلاءم ولغة الركح, وفق رؤية فنية تتناسب مع الموضوع وتقترب من عوالمه المزدوجة بين الواقع والخيال.

وترصد المسرحية إشكالية علاقة المرأة بالرجل من خلال قصة "حياة", شابة تغرق في كتابة الروايات وقراءة الشعر وتعيش مع زوجها الذي لا يبادلها نفس الشغف لكنها تجد في خيالها منفذ نجدة فتلتقي بشخصية وهمية في نصها يقرأ لها ويستمتع بكتاباتها ويحاورها في تفاصيل أدبية وشاعرية ويبادلها الأفكار ويشاركها في أسئلتها الوجودية.

واستطاعت آيت علي أن تنقل للجمهور نصها المرئي من خلال التركيز على الأداء الثنائي للممثلين، حيث يجري العمل حول "حياة" بصفتها الشخصية الرئيسية للعرض والتي تسافر بين زمنين أحدهما واقعي والثاني من محض خيالها الأدبي.

وبدى جليا احتفاظ المخرجة بالطابع الكلاسيكي في الإخراج، من حيث الحبكة ووحدات العرض المتمثلة في الزمان والمكان والحدث، بحيث تم التحكم في وحدة النص والأفكار المطروحة.

وبحضور ثلاث شخصيات تجلى العمل أساسا من خلال الكوريغرافيا وانسيابية الحوار وتفاعل الممثلين فيما بينهم فوق خشبة شبه خالية تم تأثيثها تدريجيا بعلامات مرئية وسمعية عمقت مواقف التصادم أو الانجذاب.

وقد خدمت سينوغرافيا العرض التصور الإخراجي لآيت علي، حيث تم الاستعانة بشاشات كبيرة كخلفية يتفاعل مضمونها مع القصة تستعرض مناخات العيش التي تنتقل اليها البطلة، بين الماضي والحاضر وبين الواقع والخيال، مثل البيت، المقهى، الشارع وقاعة السينما حيثما انتقل خيالها.

وتستمر فعاليات الطبعة ال17 للمهرجان الوطني للمسرح المحترف إلى غاية 30 ديسمبر الجاري.