وتطرق السيد سلاقجي الذي يناضل بلا هوادة منذ سنوات من أجل أن تعترف فرنسا بجرائمها بالجزائر، الى السياق التاريخي الذي أحاط بأولى التفجيرات النووية على الأراضي الجزائرية, قائلا أن "فرنسا التي شعرت بالإذلال بعد اجتياح القوات النازية لباريس في 14 يونيو 1940 دون مقاومة تذكر, قررت تسريع وتيرة التسلح النووي حتى قبل قيام الجمهورية الخامسة في أكتوبر 1958 بهدف الالتحاق بالقوى النووية الكبرى آنذاك مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي والمملكة المتحدة".
وأشار السيد سلاقجي في تصريح لـ/وأج/ بمناسبة إحياء الذكرى الـ65 لهذه التفجيرات، أن "فرنسا عندما قررت، بقيادة الجنرال شارل ديغول، تنفيذ أولى تفجيراتها النووية، اختارت الأراضي الجزائرية التي كانت تحتلها وتنهبها بلا خجل, ونفذتها دون أي اعتبار للعواقب التي قد تلحق بالسكان الأصليين الذين جردوا من أراضيهم".
وأوضح السيد سلاقجي أن فرنسا الاستعمارية كانت تعتبر الجزائريين آنذاك بمثابة "شبه مواطنين" محرومين من أبسط حقوقهم وكان مصيرهم يشكل آخر اهتمامات الجنرال ديغول, تماما كما حدث في 8 ماي 1945 عندما ارتكبت قواته مجازر بحق عشرات الآلاف من الجزائريين الذين كان "ذنبهم الوحيد" هو أنهم طالبوا بحريتهم.
ولم يكن بإمكان الجزائريين حتى الاعتراض على التفجيرات النووية التي أجرتها فرنسا بمنطقة رقان والتي حملت تسمية "الجربوع الأزرق" في 13 فبراير 1960 لتتبعها تفجيرات "الجربوع الأبيض" في 1 أبريل 1960 و"الجربوع الأحمر" في 27 ديسمبر 1960 و"الجربوع الأخضر" في 25 أبريل 1961.
وفي هذا السياق, علق سلاقجي على اختيار اسم "الجربوع", وهو حيوان من القوارض يعيش بجنوب الجزائر, معتبرا ذلك بمثابة "دليل آخر على الخبث الاستعماري الفرنسي, إذ ربط هذا الكائن الوديع بأكثر الأسلحة فتكا على الإطلاق".
وأضاف قائلا: "نحن نضع في مقدمة أولوياتنا الدفاع عن حقوق جميع شهداء الجزائر منذ أولى حركات المقاومة للغزو الفرنسي إلى غاية الثورة التحريرية مرورا بمجازر 8 ماي 1945".
وأكد السيد سلاقجي بأن المؤسسة التي يرأسها تؤيد مسعى رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون الذي دعا، خلال مقابلة مع التلفزيون العمومي، فرنسا إلى تحمل مسؤولياتها وتنظيف المواقع التي أجرت فيها التفجيرات النووية، خاصة وأن هناك أناسا ما زالوا يموتون وآخرون يعانون.
كما استدل السيد سلاقجي بالتصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية في حوار أجرته معه مؤخرا صحيفة "لوبينيون" الفرنسية حيث قال: "هذا أمر ضروري، فملف تطهير مواقع التفجيرات النووية إلزامي من الناحية الإنسانية والأخلاقية والسياسية والعسكرية. كنا نستطيع القيام بذلك مع الأمريكيين والروس والإندونيسيين أو الصينيين, لكننا نرى أنه ينبغي أن يتم ذلك مع فرنسا التي يتوجب عليها إخبارنا بدقة عن المناطق التي أجرت فيها تلك التفجيرات وأين دفنت المواد النووية".
للإشارة، فإن فرنسا الاستعمارية قامت يوم 13 فبراير 1960 بإجراء أولى التفجيرات النووية لها بمنطقة رقان تحت اسم "الجربوع الأزرق"، تلتها تفجيرات عديدة أخرى, ولا تزال تداعيات إشعاعاتها النووية جلية إلى اليوم مع ما تسببت فيه من أضرار جسيمة للإنسان والبيئة والحيوان.