و تحمل هذه المناسبة التي تميز منتصف الشهر الفضيل, قيما أصيلة من التآزر والتضامن تعود إلى قرون حيث يحرص سكان قسنطينة على الحفاظ عليها بعناية فائقة, حسب ما ذكرته الحاجة زهرة البالغة من العمر 88 عاما والتي أشارت إلى أن "النفقة" تعني تقديم هبات عينا أو نقدا لصالح المحتاجين.
و قد استغل القسنطينيون هذه المناسبة منذ القدم لتقديم المساعدات للمعوزين وأيضا لتحضير موائد إفطار تجمع العائلة الكبيرة و الأصدقاء أو الجيران حيث يبقى الهدف الأسمى, كما أكدت الحاجة زهرة, إبراز معنى العطاء والتكافل, وهو جوهر هذا التقليد المتجذر.
و خلال هذه المناسبة, تتحول قسنطينة إلى فضاء للحفاظ على هذا النوع من التضامن في أجواء تهيمن عليها التحضيرات داخل المنازل كما هو الحال أيضا عبر مطاعم "الرحمة" حيث يتم توزيع أطباق تقليدية مثل "الشخشوخة" و "التريدة" و"شباح الصفرة" على الفئات المحتاجة.
وفي هذا الصدد, يتم تحضير "قائمة إطعام خاصة" لهذا اليوم عبر مطاعم "الرحمة" بفضل مساهمات المحسنين, وفقا لما صرحت به السيدة نصيرة, مرشدة دينية بمسجد الفرقان بمدينة قسنطينة, والتي تشارك في تحضير موائد إفطار "النفقة" بمطعم الرحمة المحاذي لطريق عين الباي.
وأوضحت ذات المرشدة الدينية أن التحضيرات لهذا الحدث تبدأ عادة قبل ثلاثة أيام نظرا لأهميته على المستويين الديني والاجتماعي, مؤكدة أن كل شيء يجب أن يكون على أكمل وجه لا سيما وأن "جميع المستلزمات متوفرة بفضل مساهمات المحسنين".
وعبر الإقامات الجامعية كما في داخل المنازل, تسود الأجواء نفسها المميزة بنوع من التضامن و الروحانية حيث يتم تحضير قوائم إطعام احتفالية لإحياء هذا التقليد العريق ذي القيمة الاجتماعية العالية.
كما تستغل هذه المناسبة من قبل الميسورين لتقديم مساهماتهم المالية دعما للمحتاجين وفقا لتعاليم الدين الإسلامي.