و أكد الأمين العام لحزب "التقدم والاشتراكية", محمد نبيل بنعبد الله, أن "تمدد منحى الفساد هو نتيجة مباشرة لغياب أي عمق سياسي وأي حس نضالي حقيقي لهذه الحكومة التي لا تبالي بالقضايا المرتبطة بالديمقراطية ولا بتحسين الحكامة".
و أضاف بنعبد الله أن "كل المؤشرات فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي تبرز أن الحكومة عمليا لا تدمج في أولوياتها ولا في برامجها ولا في تصوراتها ولا في مقاربتها المختلفة أي عمل يذكر في اتجاه محاربة الفساد في أي واجهة كانت سواء تعلق الأمر بالفضاء الاقتصادي أو بالفضاء الإداري أو أيضا إلى حد كبير بالنسبة لمحاربة معالم الفساد الموجودة في الساحة السياسية".
و من نفس المنظور, ترى البرلمانية عن "الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية", مليكة الزخنيني, أن استمرار استشراء الفساد في المغرب "يعني ببساطة غياب رؤية لمحاصرة الظاهرة", مضيفة أن "الأمر يتجاوز حالة السلوكات المعزولة إلى سلوكات ممنهجة تقود إلى التفكير منطقيا في وجود بنية حامية لهذه السلوكات ومشجعة عليها".
ووصفت الخطاب الحكومي فيما يتعلق بالفساد ب"الغير المطمئن", فيما أبرزت أن المطلب الأساسي في هذه المرحلة "قد يكون فقط محاصرة الفساد بفعل التداخل الكبير بين سلطة المال والأعمال وسلطة القرار السياسي, من خلال ربط المسؤولية بالمساءلة أولا, ثم بالمحاسبة ثانيا, سواء كانت مكافأة عند حسن أداء المهام أو عقابا عند ورود اختلالات".
من جهته, اتهم رئيس المجموعة النيابية لحزب "العدالة والتنمية", عبد الله بووانو, الحكومة الحالية بـ"التصالح مع الفساد", داعيا إلى"عدم تقييد حق المجتمع المدني في رفع دعاوى قضائية تتعلق بالفساد و المال العام" ومعربا في الوقت نفسه عن رفضه سحب مجموعة من القوانين المرتبطة بمحاربة الفساد.
وانتقد ذات المسؤول سحب الحكومة للعديد من القوانين المرتبطة بمحاربة الفساد, معتبرا أن هذا السحب "غير مفهوم و ليس في صالح البلاد, بما في ذلك سحب مشروع القانون الجنائي الذي يتضمن مقتضيات تتعلق بالإثراء غير المشروع ومشروع قانون احتلال الملك العام البحري وكذا مشاريع قوانين أخرى".
أما الناشط الحقوقي خالد البكاري, فاعتبر أنه "إضافة إلى الأسباب المتوارثة التي تسمح باستفحال الفساد من قبيل ضعف مؤسسات الرقابة والفساد القضائي الذي يسمح بالإفلات من العقاب والمنظومة القضائية التي تسهل التحايل على القانون في ظل وجود مظلات نافذة لحماية المفسدين الكبار, فإن الهيمنة المتصاعدة للأعيان والأثرياء الكبار والعائلات المقاولاتية على المجال السياسي بعد شبه السيطرة على المؤسسات المنتخبة بما فيها المؤسسة التشريعية, ساهم بشكل كبير في الانتقال من (نموذج) الفساد في خدمة السلطوية إلى نموذج أخطر منه وهو السلطوية في حماية الفساد".
وحذر من أن تجاهل هذا الوضع "قد يؤدي إلى اصطدام بين ما يعرف بالمخزن التقليدي وهو المدافع الحقيقي عن العرش والأوليغارشيا المالية التي تبني طموحاتها السياسية على قالب مصالحها المالية, خصوصا أن السمة المهيمنة على النسق الاقتصادي هي الريع, فيما السمة المهيمنة على النسق السياسي هي الولاءات لا الكفاءة والديمقراطية", معتبرا أن هذين النسقين "بقدر ما يشجعان الفساد فإنهما يشكلان خطرا حتى على الدولة".