وأكدت البرلمانية فاطمة الزهراء التامني عن "فيدرالية اليسار الديمقراطي" -خلال ندوة نظمها حزبها تحت عنوان "الفساد سرطان ينهك المجتمع ويعطل التنمية"- أن تفشي الفساد في المغرب "أدى إلى تكريس سياسة الإفلات من العقاب وتعطيل عمل المؤسسات وتقويض ثقة المواطنين في الدولة, بل وأصبح يهدد استقرار النظام السياسي والاجتماعي".
وشددت التامني على ضرورة تبني "مقاربة جماعية قائمة على إرادة سياسية حقيقية وآليات رقابية فعالة وتشريعات قانونية صارمة", بالنظر الى الوضع الحالي الذي يتسم بالتراجعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد.
وترى البرلمانية المغربية أن هذه الآفة هي "معركة حقيقية ضد إضعاف المجتمع المدني واستغلال المواطنين لصالح مجموعات اقتصادية نافذة", مؤكدة أن التصدي لها "يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاونا بين مختلف القوى الديمقراطية ومجتمعا مدنيا يقظا و إعلاما حرا قادرا على كشف الانتهاكات".
من جهته, قال الصحافي عمر الراضي, عضو الفرع المغربي لجمعية تضريب المعاملات المالية من أجل الفعل المواطني ("أطاك" المغرب) أن محاربة الفساد "تحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية تتجاوز البعد التقني البحت", داعيا إلى تبني "اجراءات قائمة على الشفافية والمساءلة و تمنع تداخل المصالح السياسية والاقتصادية للحاكمين".
واوضح الراضي أن الفساد في المغرب يمثل "قضية سياسية عميقة تتجاوز المفهوم التقني الضيق المرتبط بالرشوة واستغلال النفوذ, فهو يتطلب إرادة سياسية حقيقية لمواجهته", منتقدا المخزن ل"إعادة انتاج ممارسات الفساد وفق ظروف سياسية و اجتماعية معينة".
واستدل في هذا الإطار بعمليات الاستيلاء على الأراضي التي لا تزال مستمرة في مناطق عديدة كالرباط ومراكش, "حيث يتم نقل الثروات من الفئات الضعيفة إلى جهات نافذة محمية سياسيا".
كما بين الاعلامي المغربي أن هناك "إضعافا متعمدا" للمجتمع المدني والصحافة "كجزء من استراتيجية شاملة لإسكات الأصوات التي تفضح الفساد".
وفي تدخله خلال الندوة, أكد الخبير الاقتصادي عز الدين أقصبي, عضو هيئة "ترانسبرنسي المغرب" أن "غياب الإرادة السياسية وضعف آليات الرقابة يشكلان سببا رئيسيا في تفاقم الفساد و انتشاره في المغرب", مشددا على أن الفساد بات "ظاهرة بنيوية واسعة الانتشار, تنهك المجتمع وتعطل التنمية".
واعتبر أن جهود منظمات المجتمع المدني في محاربة الفساد على مدى أكثر من 25 عاما "لن تحقق نتائج ملموسة في ظل غياب إرادة سياسية حقيقية وقوة اجتماعية داعمة للتغيير", مبرزا أن الفساد لم يعد مجرد مشكلة تقنية بل "قضية شاملة تتطلب تعبئة واسعة من المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمواطنين والإعلام المستقل".
واستطرد بالقول ان رقم 50 مليار درهم (حوالي 7ر4 مليار يورو) الذي اعتبرته الهيئة المغربية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها, تكلفة سنوية للفساد بسبب استنزافه لما بين 3.5% إلى 6% من الناتج الداخلي الخام, "دليل على ضعف البرلمان في ممارسة دوره الرقابي بسبب تفشي الفساد".