رمضانيات:
لا يمكن أن تقصد حي المدينة الجديدة وتتجول في أزقته وتتسوق وتقتني حاجياتك من فضاءه التجاري الكبير ،دون أن تزور حي سيدي بلال وتتقرب من محلات وطاولات بيع الحلويات التقليدية وبالتحديد شامية سيدي بلال . في شهر رمضان الفضيل وخلال هذه الأيام المباركة ،يسلك أولاد وهران من أبناء الأحياء الشعبية التي تغوص في عمق النوستالجيا مسلك معروف ومحدد مسبقا مدرج في أجندة يومية لا تخلو من زيارة المواقع والأماكن التي تفوح منها ريحة زمان وتستحضر رمضان العصر الذهبي ،سنوات السبعينيات والثمانينيات يضبطها في سلسلة متواصلة يسترجع فيها زكريات الطفولة وقعدة الحسيرة وجلسة الحكواتي على سينية القهوة بالعود وشامية سيدي بلال . من بعيد وعلى بعد عدة أمتار يشدّك إلى الأمام وتجذبك بقوة الرجوع إلى الزمن الجميل نكهة العسل وماء الزهر والخلطات السحرية التي تنفرد بها شامية سيدي بلال على خلاف العروض الأخرى التي يكثر عليها الطلب في رمضان ،لتذوّق ما طاب ولذ من الحلويات التقليدية الممزوجة بروح الموروث الشعبي الأصيل النابع من شوارع وأزقة وهران الباهية . بالشارع المقابل لساحة الطحطاحة وبمحاذاة زاوية سيدي بلال تفترش طاولات بيع الشامية والزلابية و تتقاسم معها المكان محلات الحلويات التقليدية والمخابز وتشترك معها في مهمة الحفاظ على أيام زمان ،و بمجرد أن تصل إلى مدخل السوق تسرقك ريحة الشامية وتحصرك في فترة زمنية خلت بتفاصيلها وحيثياتها وتحبسك في صندوق الذكريات حتى لا تسقط منك سهوا. تتقدم قليلا وأنت تحت تخدير بنّة الشامية التي أبت أن تنفرد بها لوحدها دون سواها أمام سحر جذاب لا يعرفه إلا صنّاع هذا النوع من الحلويات ،أبناء الحي الذين ورثوا حرفة إعداد شامية سيدي بلال أبا عن جد ،وفي أخر المطاف تقف وأنت تحاول أن تقاوم مفعولها الكيمائي وما هي سوى ثوانٍ حتى تستسلم وترضخ دون مقاومة لاقتناء كل الأنواع المعروضة بدون تردد بسومة وبنة مميزتين . يبدأ النشاط بسوق سيدي بلال باكرا على خلاف النقاط الاخرى ويشرع الباعة والحرفيون في تسويق سلعتهم بألوان وأذواق مختلفة مزيّنة بحلوة الترك وثانية بالشكولاطة وثالثة برقاق اللوز ورابعة بنكهة ماء الزهر دون أي إضافات وتصطف على طول الطريق تاركة الاختيار للمستهلك ومصرة على استقطاب أكبر عدد من الزبائن المولعين بزمن مضى لا يطويه النسيان تحت "تبراح" الحلاوة والطراوة التي يرددها على طوال اليوم شباب في مقتبل العمر يدركون جليا اسرار تجارة شامية سيدي بلال تحت شعار "يدور بك الزمان وتبقى شامية سيدي بلال حاضرة في كل مكان".
سوق سيدي بلال :يدور بك الزمان وتبقى الشامية حاضرة في كل مكان