رمضانيات:
يعتبر سوق "الأوراس" أو كما يعرف لدى عامة سكان مدينة وهران سوق "لاباستي" أحد أهم الأسواق الشعبية بالباهية وأعرقها، حيث أنه وبالرغم من التطور الكبير الذي تشهده العجلة التجارية وموقعه الاستراتيجي بقلب المدينة، إلا أنه بقي محافظا على طابعه الخاص ضمن الأسواق الشعبية التقليدية ، لاسيما وأن هناك حنين خاص وشغف كبير يربط سكان الباهية وهران بـ"سوق لاباستي" العريق الذي مازال يقاوم ليبقى صامدا بالرغم من جملة النقائص التي مسته على غرار تآكل طرقاته ومبانيه بفعل الزمن، إلا أن مكانته الخاصة التي ينفرد بها في قلوب سكان وهران وزوارها من الولايات المجاورة وحتى المغتربين بقيت على حالها . ويعود تاريخ إنشاء هذا السوق الذي يقع بالقرب من مبنى البريد المركزي إلى الحقبة الاستعمارية، و ذلك بعد أن شهد تطورا ملحوظا في نشاطاته التجارية ، فمن سوق مخصص لبيع الزهور إلى سوق كبير مفتوح على الهواء الطلق، يقدم لسكان الولاية وزوارها مختلف أنواع المنتجات الغذائية من خضر و فواكه وأسماك وأواني وألبسة وحتى الخبز والكعك له مكانا بسوق "لاباستي"، كل هذا في أجواء مميزة وفريدة فيها ما فيها من رائحة الزمن الجميل في الستينات والسبعينات من القرن الماضي . لقد استطاع هذا الفضاء التجاري الشعبي حتى الآن الصمود أمام كل محاولات تحويله من طرف السلطات العمومية التي جربت في كل مرة ترميم وإعادة تأهيل العمارات القديمة المتواجدة بالشارع،و التي يعود تاريخ إنشاء بعض منها إلى أكثر من قرن من الزمن، و كذا تصليح بعض الأرصفة التي إعتاد التجار عرض بضاعتهم عليها ، لاسيما و أنهم نجحوا في تنظيم أنفسهم لمواصلة نشاطاتهم اليومية ، و من التجار أو الباعة بسوق الأوراس من ورثوا العمل هناك عن أبائهم وعائلاتهم لأن أخذ مكان بين الباعة في سوق لاباستي ليس بالأمر الهين أو السهل، وهو ما أنشأ علاقة خاصة و وطيدة تربط بين التجار الذين يعرفون بعضهم البعض عزّ المعرفة. لم يتوقف النشاط بسوق "لاباستي" في أي حال من الأحوال ، ، و هو المكان الذي تزداد الحركة التجارية به أضعافا مضاعفة خلال شهر رمضان ، وذلك لأنه يعد سوقا مرجعيا تحدد فيه أسعار التجزئة لجميع المنتجات من فواكه ، خضر ، لحوم بيضاء وحمراء و حتى الأسماك، وعلاوة على موقعه الإستراتيجي، يتوفر سوق شارع "الأوراس" على العديد من المداخل ناهيك عن المدخل الرئيسي المتواجد بالقرب من ساحة البريد المركزي و مداخل فرعية أخرى تمر عبر العديد من الأزقة المؤدية أيضا إلى شارعي "العربي بن مهيدي"، و"محمد خميستي" اللذان يعتبران الشارعين الرئيسيين لوسط المدينة، كما تعد الأزقة المحاذية والمؤدية للسوق امتدادا له من خلال المحلات التجارية التي تعرض شتى أنواع المنتجات كالملابس والأواني والآلات الكهرومنزلية. إن الزائر لسوق "لاباستي" يشعر عند دخوله السوق بأهمية المكان، أين تعرض طاولات لبيع الخبز والحلويات وكل أنواع المعجنات مثل المسمن والرقاق، و كذا طاولات بيع الفواكه بكل أنواعها، إلى جانب محلات أو أكشاك صغيرة مخصصة لبيع " الكارانتيكا"، و يقطع بين الجزء الأول من السوق والجزء الثاني طاولات بيع أشكال وأنواع من الأسماك، ليليه القسم المخصص لبيع الخضر وبعض محلات بيع الأواني والمواد الغذائية، وعند نهاية هذا القسم تقابلك مخبزة تقليدية تبيع أنواعا مختلفة من الخبز كالمطلوع و خبز الدار و الكعك وغيرها، إلى جانب طاولات بيع المكسرات المملحة والتي يقابلها آخر قسم بالسوق وهو قسم بيع الملابس والأحذية و كذا الأواني والذي ينتهي أمام مقر القنصلية الإسبانية، لتجد عند آخر الشارع رجلا يرتدي نظارة يعانق آلة العود الخاصة به وهو يعزف مقاطع موسيقية ويؤدي وصلات غنائية بصوته الجميل تأخذك إلى زمن الراحل أحمد وهبي.
أجواء و أسواق ...