بغداد اليوم- متابعة

أعطت مشاركة منتخب العراق في كؤوس الخليج رونقًا خاصًا للبطولة، ولا سيما على المستوى التنافسي الذي نجح في فرضه مع الزعيم التاريخي للمسابقة (الكويت).

ويمكن أن نقسم مشاركة منتخب أسود الرافدين في بطولات كأس الخليج إلى قسمين، حيث نجح في تحقيق اللقب ثلاث مرات قبل العام 1990 الذي شهد إبعاده عن المشاركة بقرار من اللجنة المنظمة لدورات كأس الخليج وذلك حتى العام 2004، ليعود ويفرض نفسه منافساً دائماً على اللقب ابتداء من العام 2010، إذ بلغ الدور نصف النهائي في خمس من النسخ الستة التي شارك بها، قبل أن يحقق لقبه الرابع في النسخة الأخيرة التي استضافها في البصرة.. 

تاريخ العراق في كأس الخليج

المشاركة العراقية في كؤوس الخليج قبل العام 1990 بدت مميزة للغاية إذ كان المنتخب الذي أوقف سلسلة تتويج الأزرق الكويتي باللقب وذلك في النسخة الخامسة التي استضافها في ملعب الشعب في بغداد.

ومن خلال ست مشاركات، حقق منتخب أسود الرافدين اللقب ثلاث مرات ومركز الوصافة مرة واحدة، بينما انسحب في مناسبتين وحل في المركز السادس في مناسبة واحدة.

46 هدفًا في أول نسختين

عبر مشاركات العراق في كؤوس الخليج سجل لاعبوه 132 هدفًا منها 46 في أول مشاركتين فقط.. وغاب العراق عن المشاركة في بطولة كأس الخليج خلال النسخ الثلاثة الأولى، فيما خاض مباراته الأولى على الإطلاق في مارس من العام 1976 في الدوحة حين تغلب على نظيره العماني برباعية نظيفة، وكان فلاح حسن صاحب الهدف العراقي الأول في بطولات كأس الخليج.

أسود الرافدين حققوا انتصارًا ثانيًا على البحرين (4-1) ثم انتصارًا قياسيًا على منتخب السعودية (الذي شارك بتشكيلة رديفة) بنتيجة (7-1) قبل أن يتعادل مع قطر سلبيًا ومن ثم يفوز على الإمارات برباعية نظيفة، ورغم تقدمه بهدفين على الكويت تلقت شباكه هدفين خلال أقل من دقيقتين من جاسم يعقوب وفيصل الدخيل، لتنتهي المباراة بالتعادل (2-2)، لينتقل الفريقان للعب مباراة فاصلة بعد أن تعادلا بعدد النقاط وفارق الأهداف، حيث حقق المنتخب الكويتي الفوز (4-2) ليحرم منتخب أسود الرافدين من لقب تاريخي في مشاركته الأولى التي شهدت تسجيله 23 هدفًا.

وسجل أسود الرافدين 23 هدفًا أيضًا في النسخة التالية التي أحرز لقبها بعد ثلاث سنوات بقيادة المدرب الشهير الراحل عمو بابا من خلال تسجيل العلامة الكاملة في المباريات الستة التي خاضها والتي لم تتلق فيها شباكه أكثر من هدف واحد.

وحسم أسود الرافدين اللقب قبل جولة من نهاية البطولة التي شهدت سيطرة لاعبي المنتخب العراقي على جوائز البطولة فتوج حسين سعيد بجائزة الهداف برصيد 10 أهداف وهو رقم قياسي في دورة واحدة ما زال صامداً حتى يومنا هذا، كما فاز رعد حمودي بجائزة أفضل حارس مرمى، فيما فاز هادي أحمد بجائزة أفضل لاعب. 

لقبان وانسحابان

كان المنتخب العراقي في طريقه للمحافظة على لقبه في (خليجي 6) بعد أن فاز على عمان وقطر والإمارات وتعادل مع السعودية، حيث كان يحتاج إلى الفوز على منتخب الكويت في المباراة الأخيرة، لكن القرار جاء من بغداد بالانسحاب قبل خوض المباراة الأخيرة، وبعيدًا عن الروايات المتعددة التي بررت هذا الانسحاب ومنها إتاحة الفرصة أمام الكويت لخوض نهائيات كأس العالم في إسبانيا بعد نحو ثلاثة أشهر بمعنويات مرتفعة، فإن أسود الرافدين فقدوا لقبهم في تلك النسخة، ليعودوا ويحققوا البطولة في النسخة السابعة التي أقيمت في عمان بعد مباراة قوية مع المنتخب القطري (الذي ضم جيلًا مميزًا في ذلك الحين) حُسمت من خلال مباراة فاصلة وصلت إلى ركلات الترجيح.

وشهدت البطولة تتويج حسين سعيد بلقب الهداف برصيد سبعة أهداف ليرفع رصيده إلى 17 هدفاً في المركز الثاني خلف الكويتي جاسم يعقوب.

ومرة أخرى فقد المنتخب العراقي لقبه في النسخة التالية، بعد أن قرر المشاركة بالفريق الرديف، وذلك لتجنب أي هزة غير مرغوب فيها قبل مونديال مكسيكو 1986 الذي بلغه للمرة الأولى، واكتفى بالمركز السادس (ما قبل الأخير) في البطولة.

وحقق المنتخب العراقي لقبه الثالث في نسخة 1988 التي حظيت باهتمام إعلامي وجماهيري كبير، بعد أن فاز بأربع مباريات وتعادل في اثنتين، ليحصد 10 نقاط بفارق نقطتين عن المنتخب الإماراتي الذي حل ثانياً، وتقاسم أحمد راضي مع الإماراتي زهير بخيت لقب الهداف بأربعة أهداف، فيما نال حبيب جعفر جائزة أفضل لاعب.. بينما أصبح المدرب عمو بابا أول مدرب يحقق اللقب ثلاث مرات، وهو لا يزال يحتفظ بكونه المدرب الأكثر تتويجًا بكؤوس الخليج.

وشكلت تلك البطولة نهاية حقبة جيل الثمانينيات الذهبي نظراً لأن المشاركة المقبلة شهدت في العام 1990 انسحابًا جديدًا للمنتخب العراقي الذي غاب لأربعة عشر عامًا جراء حرمانه من المشاركة بسبب حرب الخليج. 

معاناة ثم تألق ولقب رابع بعد 35 عامًا

عودة المنتخب العراقي إلى كؤوس الخليج جاءت في العام 2004 ولكن المشاركات الثلاث الأولى لأسود الرافدين بعد العودة تماشت مع الوضع الرياضي والأمني المتردي داخل البلاد في تلك الحقبة، على الرغم من أن العام 2007 شهد تتويج أسود الرافدين بكأس آسيا، لكن المشاركة الخليجية وضمن النظام الجديد (نظام المجموعتين) توقفت عند حدود الدور الأول في ثلاث نسخ متتالية.

بلغ العراق نصف النهائي في نسخة اليمن 2010، ولكن ركلات الترجيح (عبست) في وجهه أمام الكويت التي توجت بلقبها العاشر في البطولة. وتأهل إلى المباراة النهائية في النسخة التالية التي كان من المفترض أن يستضيفها في أرضه قبل أن تنتقل إلى البحرين، لكنه خسر أمام الإمارات بعد شوطين إضافيين (2-1).

وبعد مشاركة مخيبة في السعودية 2014 خرج فيها بتعادل وخسارتين، بدأ المنتخب العراقي سلسلة من تسع مباريات متتالية لم يعرف فيها طعم الخسارة في النسخ الثلاثة التالية والتي شهدت خروجه من الدور نصف النهائي مرتين بركلات الترجيح أمام الإمارات والبحرين على التوالي، قبل أن يستضيف البطولة في البصرة عام 2023 وينجح في تحقيق اللقب عن جدارة واستحقاق على حساب المنتخب العماني في مباراة نهائية مثيرة للغاية امتدت إلى شوطين إضافيين شهدا تسجيل ثلاثة أهداف وحُسمت في الدقيقة 120+2 بهدف مناف يونس، ليحرز منتخب العراق لقبه الرابع والأول منذ 35 عامًا.

من يكون مدرب منتخب العراق في خليجي 26؟

بعد رحيل السلوفيني كاتانيتش لم ينجح أي مدرب في البقاء في منصبه مديراً فنياً لمنتخب أسود الرفدين أكثر من ست مباريات إلى أن تم التعاقد مع الإسباني خيسوس كاساس في نوفمبر من العام 2022 والذي كان يعتبر اسماً مجهولاً للكثيرين.

مدرب المنتخب العراقي خيسوس كاساس

نجح كاساس في استعادة الانضباط والنظام داخل غرفة ملابس المنتخب العراقي واعتمد على جذب المواهب العديدة المنتشرة في القارة الأوروبية، ليهدي العراق لقباً طال انتظاره في كأس الخليج التي أقيمت في البصرة 2023، كما قاد منتخب أسود الرافدين في كأس آسيا الأخيرة وحقق فيها انتصاراً تاريخياً على المنتخب الياباني، بينما يبلي البلاء الحسن حتى الآن في التصفيات المونديالية المؤهلة إلى كأس العالم 2026.

مع كاساس خاض منتخب العراق 29 مباراة، حقق الفوز في 17 منها وخسر خمس مباريات فقط، وهو يأمل أن يكون من بين المدربين القلائل الذين فازوا بلقب كأس الخليج مرتين عندما تنطلق منافسات (خليجي 26).

بالأرقام.. تاريخ مشاركات العراق في كأس الخليج 

- شارك العراق في 14 نسخة من بطولات الخليج، وانسحب من نسختي 1982 و1990.. بينما غاب للحرمان ما بين 1992 و2004..

- لعب المنتخب العراقي 74 مباراة، حقق الفوز في 37 منها وتعادل في 25 ولم يعرف طعم الخسارة إلا في 11 مباراة.

- أبرز إنجازات العراق كان إحراز اللقب في أربع مناسبات أعوام 1979 و1984 و1988 و2023.

- أعلى انتصار للمنتخب العراقي كان على حساب السعودية في خليجي 1979 بنتيجة (7-1)، أما أكبر خساراته فكانت أمام عمان بأربعة أهداف دون رد في نسخة مسقط 2009.