بغداد اليوم- متابعة
أكبر استثمار سعودي في إيران، تقوده مجموعة "صافولا" السعودية، التي كانت تسيطر على أكثر من 50% من سوق الزيوت الغذائية الإيرانية، باعت فجأة كل أصولها بقيمة 705 ملايين ريال سعودي، أي ما يعادل 188 مليون دولار تقريباً، وتركت أصولها في إيران في حالة ركود.
وبقت شركة صافولا موجودة في السوق الإيراني حتى خلال السنوات السبع التي انقطعت فيها العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، ولكن الآن، ومع تدهور الوضع المحلي والدولي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية مقارنة بالسنوات الأخيرة، فقد غادرت إيران.
ويأتي انسحاب الشركة السعودية من سوق صناعة الأغذية الإيرانية بعد مرور ما يقرب من عامين على إعادة العلاقات بين البلدين، وفي وقت استئناف العلاقات، قيل إن السعودية مهتمة بالاستثمار، بما في ذلك في صناعة الأغذية الإيرانية، كعلامة على حسن النية.
مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة صافولا القابضة هو سليمان بن عبد القادر المهيدب، وهي مدرجة في سوق الأسهم السعودية.
وتعود ملكية الجزء الأكبر من الأسهم، أي نحو 10% من إجمالي أسهم شركة صافولا، للحكومة السعودية، أو لعائلة آل سعود.
كما تمتلك عائلة المهيدب، إحدى العائلات البارزة في عالم الأعمال السعودي، حصة كبيرة ومؤثرة من أسهم الشركة.
أما الملاك المتبقين لأسهم الشركة فهم الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين الذين قاموا بشراء أسهم الشركة عن طريق السوق المالية السعودية.
فما هي تأثيرات خروج مثل هذا القدر الكبير من رأس المال من اقتصاد البلاد على السوق الإيرانية والعمالة في هذا القطاع على المدى الطويل والقصير، في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد الإيراني بشكل أكبر إلى جذب المستثمرين المحليين والأجانب؟
"شركة صافولا السعودية القابضة"
منذ حوالي 45 عاماً بدأت شركة صافولا أعمالها في المملكة العربية السعودية برأس مال 40 مليون ريال سعودي بهدف إنتاج الزيوت الغذائية والدهون النباتية، وبتوسيع نطاق نشاطها أصبحت من أكبر منتجي الأغذية في المنطقة .
ومن بين منتجات صافولا الزيوت الصالحة للأكل والسكر والمعكرونة والأغذية المجمدة والخبز الصناعي والمكسرات والتوابل والبقوليات والتمور والفواكه المجففة والحلويات.
بالإضافة إلى الإنتاج، يعد البيع بالتجزئة أيضًا جزءًا من الأنشطة التجارية لهذه الشركة القابضة، وصافولا هي أكبر سلسلة متاجر للتجزئة في الشرق الأوسط، ولديها عدد كبير من المتاجر في المملكة العربية السعودية ودول أخرى، وتتضمن هذه السلسلة متاجر هايبر باندا ومحلات السوبر ماركت العملاقة.
وتمثل زيادة رأس مال شركة صافولا بنسبة 112% في عام 2024، والتي تُعرف بثاني أكبر زيادة لرأس المال في تاريخ سوق الأسهم السعودية، تغييرات جوهرية وبنيوية في هيكل رأس مال الشركة.
صافولا تدخل السوق الإيراني
دخلت صافولا السوق الإيرانية لأول مرة في عام 2003 من خلال شراء 51% من أسهم شركة بهشهر الصناعية و53% من أسهم شركة مارجرين، لتصبح شريكًا إجماليًا بنسبة 49% مع مجموعة بهشهر الصناعية، بمبلغ يعادل 290 مليون دولار.
وبلغت حصة شركة "صافولا-بهشهر" من سوق الزيوت الغذائية الإيرانية نحو 37% بقيمة 1.1 مليار ريال سعودي أي ما يعادل 77 مليوناً و128 ألف دولار.
وكانت شركة صافولا بهشهر، وهي شركة إيرانية سعودية مشتركة، تمتلك 53% من أسهم شركة مارجرين و51% من أسهم شركة بهشهر الصناعية. ولكن في وقت لاحق، قامت شركة صافولا السعودية بزيادة حصتها في شركة بهشهر وشركات المارجرين الصناعية إلى 80%.
وقامت هذه الشركة بتوريد الزيوت الصالحة للأكل تحت أسماء "لادن"، و"لادن طلائي"، و"بهار"، و"نيسترن" إلى السوق الإيرانية.
إنخفاض حصة إيران
في عام 2008، قامت شركة بهشهر الصناعية، بهدف المشاركة في زيادة رأس مال بنك اقتصاد نوين، بنقل 31% أخرى من أسهمها في صافولا بهشهر إلى السعوديين. وبالتالي، منذ عام 2008، لم تمتلك شركة بهشهر للتنمية الصناعية سوى 20%. - أصبحت شركة بهشهر شركة واستحوذت شركة صافولا السعودية على 80% من الأسهم العادية.
وقال سيامك ربيعي الرئيس التنفيذي لشركة مارجرين إنه تقرر العام الماضي استبدال 10% من أسهم مجموعة صافولا بهشهر بـ80% من أسهم شركة مارجرين.
ولذلك فإن نسبة الشراكة بين إيران والسعودية في شركة صافولا بهشهر حاليا هي 10 إلى 90%. ويعني هذا أن حصة إيران في الشركة الإيرانية السعودية المشتركة تبلغ 10% فقط.
فوائد وتحديات السوق الإيرانية لصافولا
وليس سراً أن إيران، التي يزيد عدد سكانها عن 85 مليون نسمة، تشكل سوقاً جذابة للأغذية والتجزئة لشركات مثل صافولا.
كما أضافت المسافة الجغرافية القصيرة بين إيران والسعودية إلى هذه المزايا، خاصة وأن السوق الإيرانية تتمتع بمنافسة محلية محدودة بسبب العقوبات والعزلة عن الغرب، مما يوفر منصة مناسبة للشركات الكبيرة من الدول المجاورة للاستحواذ على حصة كبيرة من السوق المحلية.
وكانت هذه المزايا هي السبب وراء تواجد شركة صافولا السعودية لمدة 20 عاماً والتوسع المتزايد في نطاق نشاطها في إيران، إلى الحد الذي كان من المتوقع أن تنمو فيه حصة شركة صافولا السعودية القابضة في سوق الزيوت الغذائية الإيرانية إلى أكثر من 50%. .
ورغم هذه المزايا، فإن النشاط التجاري في إيران لا يخلو دائماً من التحديات والعقبات أمام المستثمرين الأجانب، بسبب تكثيف العقوبات والسياسات الاقتصادية وتفاقم النمو المستمر للتضخم، وانخفاض قيمة الريال الإيراني، وانعدام الأمن في البيئة الاقتصادية الإيرانية، مما زاد من خطر أسعار الصرف والاستثمار للشركات والتجار الأجانب في إيران.
لكن التحديات التي يواجهها المستثمرون العرب في إيران كانت دائماً أكبر من تلك التي تواجهها الجنسيات الأخرى. إن الوجود المؤكد للحساسيات الثقافية والعرقية يجعل وجود المستثمرين العرب، وخاصة أنشطة شركة كبيرة مثل صافولا، أكثر تعقيداً في إيران مقارنة بالدول الأخرى التي تعمل فيها هذه الشركة القابضة.
مصدر إيراني يتحدث لـ"بغداد اليوم"
وعن أسباب خروج مجموعة صافولا السعودية من إيران، قال مسؤول كبير في وزارة التجارة والصناعة الإيرانية لـ"بغداد اليوم"، إن "السبب يعود إلى العقوبات الاقتصادية ومشاكل التحويلات المالية".
وأضاف "لقد كان للعقوبات الدولية المفروضة على إيران، وخاصة في السنوات الأخيرة، تأثير عميق على الشركات الأجنبية العاملة في البلاد، كما واجهت صافولا مشاكل تتعلق بتحويل العملات وتوريد المواد الخام، والتي كانت من بين التحديات الرئيسية التي واجهتها الشركة".
واعتبر إن "أدى انخفاض قيمة الريال الإيراني وزيادة التضخم إلى زيادة كبيرة في تكاليف تشغيل الشركات الأجنبية وأثر على ربحيتها هو أيضاً من بين الأسباب".
وعن تأثير خروج صافولا على السوق الإيراني، أجاب المسؤول "أنه بالنظر إلى نضج صناعة الأغذية في إيران ووجود موظفين محليين في الشركات ذات الصلة، فإن هذا التغيير لا ينبغي أن يكون له تأثير كبير على إنتاج وتوريد المنتجات".