بقلم د. غازي فيصل

لاريب ان في كل ادارة رئيس اداري يتبعه موظفون مرؤوسون يأتمرون بأمره ولا يعصونه فيما يريد وهذا واقع غير مكذوب .ان الرئيس الاداري يملك اختصاصات واسعة قبالة الموظفين المرؤوسين تتعلق بأشخاصهم واعمالهم تسالم عليها الفقه الاداري فاضحت من المباديء العامة للقانون . ان الرؤساء الاداريين بحسب الجدول المرافق لقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام لسنة ٢٠٠٨المعدل يقسمون على ثلاث فئات الاولى هي وكيل الوزارة ومن بدرجته ومن يتقاضى راتبه والمستشار الذي يتقاضى راتب وكيل الوزارة  والثانية شاغلو الدرجة الخاصة والثالثة المدراء العامون ومن بدرجتهم ومن يتقاضى راتبهم وعلى رأس أولئك الوزير  المختص الذي يحتل الدرجة الاعلى في السلم الاداري . هذا وان حسن تطبيق القانون يعتمد على الموظفين المذكورين فأن صلحوا صلحت الدولة واذا فسدوا فسدت وذلك هو الخسران المبين. ان من الملاحظ عيانا ان اغلب شاغلي الدرجات العليا لم يتم انتقاؤهم على اساس الكفاءة والخبرة بل على مقتضيات المحاصصة السياسية المقيتة التي دمرت البلد  وعزلت الكفاءات ،فالاحزاب والقوى السياسية تسعى حثيثا للحصول على الوظائف الحكومية وكأنها غنائم تتقاسمها فيما بينها  ولبئس هذا التقسيم ،ولهذا ترى الرؤساء الاداريين لاعلم لهم بالقانون ولايحسنون تطبيقه في أغلب الحالات ،فاذا قدم طلب اليهم كتبوا عليه عبارات مبهمة كأن(يجرى اللازم وحسب الضوابط )او (موافق وحسب التعليمات) او يحيله الى الجهة المختصة حسب العائدية دون ان يطلب الرأي القانوني بشأنه وهناك الكثير من الهوامش المبهمة مما لاسعة لهذه المقالة من ذكره . ان الرئيس الاداري هو من يملك اختصاص التقرير وقد يتباعد عنه فيضطر الى رفع الأمر إلى الجهه  الاعلى التي يتبعها ولكنه لايستعمل هذا الاختصاص بنفسه ولا يريد أن يتحمل تبعاته ولهذا يحيله على الموظف المرؤوس حتى إذا ماصدر قرار مخالف للقانون تبرأ منه وحمل الموظف المذكور مسؤوليته علما ان المادة (٤/ثانيا) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام لسنة ١٩٩١المعدل اوجبت اطاعة اوامر الرؤساء الا انه اذا كانت مخالفة للقانون فأن على الموظف المرؤوس ان يبين لرئيسه كتابة وجه المخالفة ولايلتزم بتنفيذ الاوامر الا اذا اكدها رئيسه كتابة وعند ذلك يكون الآخير هو المسؤول عنها .ان هناك جهلا مستشريا بالقانون عند الرؤساء الاداريين وهذا راجع الى ان طريقة اختيارهم عوجاء لم يسبقها اعداد وتأهيل صحيح ان هناك معهدا لإعداد القادة تابعا للأمانة العامة لمجلس الوزراء ولكن دوره مقتصر على تأهيل من هم في المناصب التي ذكرناها في حين ان المقتضى ان يكون التأهيل قبل صدور قرار التعيين فيها وهذا ما نقترحه على  معهد الوظيفة العامة المنوي استحداثه تنفيذا لاحكام قانون مجلس الخدمة العامة الاتحادي لسنة ٢٠٠٩ المعدل وبالتالي تكون معايير التعيين موضوعية وتحقق مبدأ تكافؤ الفرص الذي نصت عليه المادة(١٦) من الدستور .ان هناك مقولة مشهورة في الوسط العسكري مفادها (ان الوحدة بآمرها) وهذا ما ينطبق على الادارات المدنية ايضا فاذا كان الرئيس الاداري جاهلا بالقانون ولايعرف في العمل الاداري قبيلا من دبير فمن يحفظ حقوق المواطنين والموظفين؟ اننا ندعو الى اعادة النظر جذريا في ملء الدرجات العليا وحجبها عن المحاصصة السياسية  ولنختر لها افضل العناصر خلقا وخبرة وكفاءة ونتذكر جيدا الحديث الشريف الذي يقول(اذا وسد الامر  الى غير اهله فانتظر قيام الساعة) فعلى ما اقترحنا فليعمل العاملون لأن فيه خير البلاد والعباد .