توجد لدولة إسرائيل استراتيجية بموجبها يعمل الجيش والمستوى السياسي في الحرب متعددة الساحات التي نوجد في ذروتها. هذا هو الانطباع الواضح الذي يؤخذ من الحديث مع كبار رجالات جهاز الأمن وأسرة الاستخبارات والجولات الميدانية في غزة ولبنان. التحذير من هذه الاستراتيجية يفترض بها بل ولا تدعي انها ستحقق "نصرا مطلقا" للحرب، مثلما أراد رئيس الوزراء الذي كان وما يزال تحت صدمة فظائع 7 تشرين الأول (أكتوبر). لكنها قادرة على أن تحدث تحسنا جوهريا في الأمن القومي لكل مواطني إسرائيل، وتغييرا جوهريا إيجابيا في الأمن الشخصي لسكان النقب الغربي والجليل، وأساسا أولئك الـ80 ألف إسرائيلي الذين اضطروا إلى أن يغادروا بيوتهم. الطابق الأول في هذه الاستراتيجية هو أهداف الحرب كما صاغها وأقرها الكابنت. كما يبدو، هذه الأهداف صيغت بغموض لأسباب سياسية – ائتلافية، وعليه فالجيش الإسرائيلي، مثلما في كل حروب إسرائيل يضطر إلى أن يترجم هذه القرارات إلى تعابير ملموسة. بداية، قضى الجيش بالنسبة لكل جبهة "الغاية الاستراتيجية" مثلما فهمها جنرالات هيئة الأركان من قرارات الكابنت – ومنها تقررت المهام، الوسائل وأساليب القتال التي حددها الجيش لنفسه. الأهداف، الوسائل والأساليب اجتازت تغييرات أثناء سنة من القتال مررنا بها، لكن الغاية الاستراتيجية في كل واحدة من الجبهات بقيت ثابتة. مبادئ الاستراتيجية السياسية – الأمنية: الجيش الإسرائيلي هو مراكمة إنجازات عسكرية في غزة ولبنان، من شأنها دفع العدو في كلا الساحتين إلى أن يوافق بل ويطلب، ترتيبا دبلوماسيا ينهي القتال بالشروط التي تطلبها إسرائيل وتتطابق وأهداف الحرب مثلما صاغها الكابنت. وسيتم الانتقال من الإنجاز العسكري إلى الترتيب وفقا لقرار المستوى السياسي، أي رئيس الوزراء بإقرار الكابنت. في كل الساحات الخمس الأخرى بما فيها إيران، هدف الحرب هو ترميم وتعزيز الردع الاستراتيجي الذي تآكل بشدة في 7 تشرين الأول (أكتوبر). الهدف هو إعادة خلق وضع يرى كل أعداء دولة إسرائيل بمن فيهم أولئك الذين يجلسون على الجدار، أنه ليس مجديا الصدام معها، وإذا كان ممكنا مرغوب التعاون معها. تعمل هذه الاستراتيجية الآن في الشمال بسرعة أكبر مما في الساحات الأخرى. ففي لبنان الجيش الإسرائيلي أقرب الآن من وضع ستكون فيه ممكنة محاولة الانتقال إلى مفاوضات على ترتيب دبلوماسي. فجهود جس النبض من الوسطاء والأطراف بدأت منذ الآن. ما سمح لهذا الوضع هو أولا وقبل كل شيء الإنجاز العسكري: من دون الدخول في استعراض بكل ما تم عمله، السطر الأخير اليوم هو أن الجيش الإسرائيلي أخرج عن الخدمة ثلثي القدرات النارية المضادة لحزب الله وقسما مهما من القدرات النارية قصيرة المدى للمنظمة. بالتوازي، نجح الجيش في أن يبعد معظم قوة الرضوان ومسلحي حزب الله بمسافة نحو 5 – 8 كيلومترات عن الحدود وقسم من القوة حتى يوجد شمالي الليطاني. كنتيجة لذلك، أعرب زعماء الطائفة الشيعية وحزب الله منذ الآن صراحة عن الاستعداد للموافقة على وقف نار جنوب لبنان من دون اشتراطه وقف النار في غزة. في الجيش الإسرائيلي يعتقدون أنه ما يزال ممكنا تعميق الإنجاز لكن بالتوازي رفعت هيئة الأركان منذ الآن إلى المستوى السياسي اقتراحا لمطالب تطرحها إسرائيل في التسوية. وذلك على افتراض أن كل حرب في العصر الحديث، ومن دون استثناء تقريبا، تنتهي بترتيب سياسي كهذا أو ذاك. في جهاز الأمن كانوا يريدون للترتيبات السياسية في لبنان أن تتضمن: إبعاد قوة الرضوان وقدراتها النارية المباشرة إلى ما وراء الليطاني؛ ومنع وصول المواطنين اللبنانيين إلى مسافة قريبة فورية من الحدود؛ حظر دو