جاء استشهاد يحيى السنوار حلقة في سلسلة الاغتيالات التي دأبت إسرائيل على القيام بها كجزء من برنامجها السياسي إزاء القضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى اليوم، وستستمر غدا وبعد غد. واستشهاد السنوار لم يكن نتيجة لخطة مسبقة رسمها الاحتلال وإنما تصادف وجوده مع مقاتلين آخرين في مبنى في رفح تعرض لقذيفة مدفع. جاء الحدث ليعطي نتنياهو والجنرالات الفرصة للتفاخر بالإنجاز العظيم. وكما هي العادة سارعت الولايات المتحدة الأميركية على لسان بايدن وكاميلا هاريس للتصريح بأن المنطقة وأميركا بل والعالم اصبح في وضع أحسن بعد اغتيال السنوار، وأن الفرصة الآن أفضل لاستعادة الرهائن وانتهاء الحرب على غزة. كل ذلك في تجاهل للجانب الإنساني في غزة والضفة الغربية وفي تجاهل تام لإصرار نتنياهو وزمرته على الاستمرار في الحرب حتى تحقيق النصر المطلق، وفي تجاهل تام لحق الشعب الفلسطيني في التخلص من الاحتلال وتحرير وطنه الذي تغتصبه إسرائيل وحقه في تقرير المصير حسب القوانين الدولية والانسانية. وكما شهدنا يوم 8 اكتوبر 2023 بعد يوم واحد من طوفان الأقصى هرولة الحلفاء الأوروبيين وزعماء في الحزبين الجمهوري والديمقراطي للإشادة بالحدث الذي مكن اسرائيل من يحيى السنوار. وفي كلمته بعد الإعلان الرسمي للوفاة، راح نتنياهو يؤكد بأن الحرب لم تنته بعد في غزة، وانطلق الجنرالات الاسرائيليون يطالبون سكان غزة بالاستسلام، وارتفع صوت سموتريتش يهدد حماس بالاستسلام بدون شرط، وخلاف ذلك لا وقف للحرب. وهنا، ووسط هذه العاصفة السياسية والاعلامية والعاطفية والنضالية من جانب المقاومة، علينا أن تتساءل ما الذي يريده نتنياهو؟ نتنياهو يريد بموافقة أميركية إطالة الحرب حتى يحقق أهدافا رئيسية ثلاثة: الأول تسجيل البطولة في التاريخ الاسرائيلي والقوة السياسية على المستوى الإقليمي والدولي. والثاني احتلال مزيد من الاراضي العربية وضمها الى اسرائيل: اراض في فلسطين وفي لبنان وفي سورية تمهيداً لتهجير الفلسطينيين الى الاردن ومصر. والثالث الوصول إلى الشرق الأوسط الجديد كما يحلم به هو. ما يسعى اليه نتنياهو ليس خاصا به وحكراً عليه، بل ان الجيش الاسرائيلي وجنرالات الجيش يضغطون بهذا الاتجاه، كما أن الرأي العام الاسرائيلي بانجرافه الكامل نحو العنصرية التوسعية يضغط بنفس الاتجاه. وحتى يتحقق مثل هذا الهدف فان الحرب سوف تستمر في غزة وفي لبنان وربما في سورية وسوف يعطيها التحالف الأميركي البريطاني الألماني، إضافة إلى السلاح و الذخائر، الأقنعة الدبلوماسية والغطاء الاعلامي. والسؤال: ما هو الشرق الأوسط الجديد الذي يدفع نتنياهو نحوه متسلحا بالدعم الأميركي البريطاني الألماني المطلق؟ «إنه الشرق الأوسط الذي لا وجود فيه للمسألة الفلسطينية ولا لفلسطين، وتكون فيه اسرائيل هي القوة الوحيدة المهيمنة عسكريا ولوجستيا وتكنولوجيا وماليا، وقد توسعت في المساحة، وأصبحت بوابة المنطقة من خلال السكة الحديد والنفط والغاز بعيدا عن مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس وبوابة الهند إلى أوروبا». فهل توصل برامج نتنياهو وسياسته الى الشرق الأوسط الجديد الذي يتحدث عنه ويحمل خرائطه اينما ذهب؟ هنا لا بد من الاشارة الى عدد من النقاط على النحو التالي اولاً: ان ما يمهد الطريق امام مخططات التوسع الاسرائيلي الاستعماري هو بالدرجة الاولى الغياب العربي، فحين تكون هناك قوة عسكرية ولا تجد دولاً امامها، لماذا تتوقف من مسيرتها. وبالتالي هي لا تتوقف. ثانيا أن بعض الدول العربية لا ترى أنها ستكون ضمن «شرق اوسط نتنياهو» وبالتالي لا تستعد للدفاع عن مستقبلها من خلال تقوية وتمتين البناء الداخلي ومن خل