ماتت الإنسانية في غزة وشيع جثمانها في جنازة مهيبة لم يسجل في حضورها أحد، ماتت الإنسانية في غزة أيها السيدات والسادة وفي القلب غصة بلغت عنان السماء. ماتت الإنسانية والدماء الزكية استراحت من العناء والتهجير والبكاء وانتظار الموت بلا سبب فقط لأنهم في هذا المكان. في غزة أيها الأفاضل طفلة تبكي وسط الدماء لا تعرف من مات ولكنها تعرف بأن القتل بهذه الطريقة جريمة لا تغتفر. 15 ألف طفل في غزة تم قتل جميع أفراد عائلاتهم ليس لهم سجل مدني وأضحوا الآن غير معروفي النسب وقد يلحقون بركب الإنسانية يوماً ما. في الجامعة أذكر أنه كانت عدد صفحات مادة القانون الدولي لحقوق الإنسان تتجاوز 500 صفحة ولا أذكر بأن طالباً واحداً قد رسب في هذه المادة ولكن هذه المادة قد رسبت بجدارة عند أول امتحان لها في غزة. لا أرى أي مبرر لأي دولة بالعالم أن لا تقدم الدعم الإنساني من الطعام والشراب  للأطفال والنساء وكبار السن والعجرة. كيف لهذا العالم المتحضر أن يتحدث عن الإنسانية وهو لم يقدم حليباً للأطفال الرضع وماء وطعاماً للنساء والشيوخ والمصابين. غزة بحاجة إلى ألف شاحنة من المواد الغذائية يوميا حسب تصريحات مسؤولين في المنظمة الدولية والاونروا ومنذ بداية الحرب لغاية اليوم وحسب الاحصائيات شبه الرسمية من الأردن ومصر فإن عدد الشاحنات التي دخلت غزة لا تتجاوز 25 ألف شاحنة مع العلم بأن معبر رفح (كرم أبو سالم) مغلق منذ أشهر أي أن إجمالي المساعدات الإنسانية التي دخلت غزة لا تكفي لشهر واحد فقط. وفي هذه الأثناء ما نزال ننتظر من بعض الدول التي لها مواقف إيجابية أن تقف موقفا كريما ومشرفا والسعي بكل الطاقات لإدخال المساعدات الإنسانية للمواطنين العزل والأطفال اليتم والجرحى المصابين والنساء وكبار السن. اليوم قامت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية بإدخال 50 شاحنة إلى غزة ونـأمل أيضا أن يتم فتح معبر رفح ليصار إلى إدخال المساعدات الإنسانية بشكل متتابع. إن الواجب الإنساني يتطلع إلى تظافر جميع الجهود الإنسانية لكسر الحصار عن غزة وإدخال المساعدات الإنسانية من جميع المنافذ والطرق المتاحة. يقال إن آدم وحواء عليهما السلام عندما «طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة» ليواريا سوءاتهما بعدما أكلا من الشجرة، كانا يستخدمان ورق التوت.. وقد أصبحت عبارة «سقطت ورقة التوت» تستخدم لتدل على تعري الباطل وتكشف الحقائق. فهل سقطت ورقة التوت؟!