قبل بضع ساعات على فتح صناديق الاقتراع للرئاسة في الولايات المتحدة، أمس تحدث وزير الخارجية الاميركي، انطوني بلينكن، هاتفيا مع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالنت. في البيان القصير الذي اصدرته وزارة الخارجية الاميركية تم تخصيص فقط جملة واحدة لالتزام الولايات المتحدة بالدفاع عن اسرائيل من الهجوم الذي تهدد به ايران. باقي النص تم تخصيصه للمشكلة التي تشغل جدا في هذه الاثناء الادارة الاميركية في الشرق الاوسط وهي عمليات الجيش الاسرائيلي في شمال القطاع والتشويش على ادخال المساعدات الانسانية اليه. قبل ثلاثة اسابيع ارسل بلينكن ووزير الدفاع الاميركي لويد اوستن رسالة شديدة اللهجة الى غالنت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، طلبا فيها من اسرائيل أن تنفذ خلال ثلاثين يوم خطوات لتحسين الوضع الانساني في القطاع. وقد حذرا من أنه سيكون لغياب هذا الوضع تداعيات شديدة على ارساليات السلاح لاسرائيل. بعد ذلك أمر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الجيش الاسرائيلي سرا بالاهتمام بإدخال 250 شاحنة مساعدات في اليوم الى القطاع وفقا لطلب اميركا، وهو العدد الذي لا ينجح الجيش الاسرائيلي في تلبيته. في غضون ذلك اجاز الائتلاف في الكنيست قوانين لاغلاق مكاتب الاونروا، الامر الذي اغضب الادارة الاميركية التاركة. ولكن بلينكن يقلق بالاساس من الوضع على الارض في القطاع. في بيانه جاء أنه حث اسرائيل على اتخاذ خطوات تزيد حجم المساعدات – الغذاء، المياه وما اشبه من الامور الضرورية، للمواطنين في كل ارجاء القطاع. ودعا ايضا الى انهاء الحرب في غزة واطلاق سراح جميع المخطوفين وايجاد مسار يمكن المدنيين في غزة من اعادة بناء حياتهم واعادة اعمار القطاع. المحادثة بين بيلنكن وغالنت جرت بعد شهر تقريبا على بداية العملية بمستوى فرقة للجيش الاسرائيلي في مخيم جباليا في شمال القطاع. وحسب قوله فانه في المعارك في المخيم قتل تقريبا ألف مسلح وتم أسر 700 شخص من السكان المشتبه فيهم بعضويتهم في التنظيمات الفلسطينية. حوالي 55 ألف مدني تم اخلاءهم من المخيم وبقي فيه بضع مئات، الى جانب مجموعات صغيرة من مسلحي حماس. في المدن التي تقع شمال جباليا، بيت حانون وبيت لاهيا، بقي بضعة آلاف من المواطنين. "الاخلاء بالقوة"، قال، كان من اجل حماية السكان. القلق والانتقاد في الولايات المتحدة وفي اوروبا من عملية الجيش الاسرائيلي ثارت ازاء التقارير الواردة من الميدان والتي تشمل القتل الجماعي للمدنيين (في الجيش يقولون إن حماس تضخم الاعداد بشكل متعمد)، الى جانب تدمير البنى التحتية. في الخلفية وقفت ايضا المنشورات الاسرائيلية حول "خطة الجنرالات" التي بلورها ضباط كبار في الاحتياط، والتي دعت الى طرد كل السكان الفلسطينيين بالقوة الى النصف الجنوبي للقطاع، جنوب ممر نتساريم (منطقة ناحل عوز)، التي يسيطر عليها الجيش الاسرائيلي. هؤلاء الضباط طلبوا ايضا عدم ادخال المساعدات الانسانية الى شمال القطاع. الجيش الاسرائيلي يتنصل من العلاقة مع خطة الجنرالات، التي حصلت على انتقاد دولي، لكن في الواقع هو ينفذ جزء كبير منها. السكان لم ينتقلوا الى جنوب نتساريم، لكنه تم طردهم فعليا من ربع القطاع الشمالي الى جنوب جباليا، وربما حتى الى مخيم الشاطئ الموجود جنوبا اكثر بقليل. هذا النشاط يرافقه تدمير كثيف للبيوت والبنى التحتية من جباليا نحو الشمال، الذي يبدو أن البعض منه غير مرتبط مباشرة بالقتال. هذه التغييرات تقريبا لا يمكن اصلاحها وهي ستحتاج من الفلسطينيين الى سنوات لاصلاحها، هذا اذا تم اصلاحها. هذا هو الانطباع الذي تولد بعد زيارة في الميدان. بين كيبوتس نير عام وسدروت وعلى هام