على مدار السنين العجاف التي عاشها الفلسطينيون، لم يحدث أن كانت المرأة الفلسطينية على هامش الأحداث.
ولم يحدث، على الإطلاق، أن اقتصر دور المرأة الفلسطينية على النواح والعويل، كما يجري تأطيرها عبر معظم شاشات التلفزة العربية، لا سيما في حرب كيان الاحتلال منذ عام ونيف على قطاع غزة.
مهيبة وناريمان خورشيد أسستا منظمة عسكرية في يافا، في أربعينيات القرن الماضي؛ لمجابهة طلائع القوات الصهيونية آنذاك.
انتصار الوزير(أم جهاد)، أسست مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر، في مطلع الستينيات، من راتبها الشخصي كمعلمة، وأسهمت أيما في إيصال الأسلحة لقيادات حركة فتح آنذاك.
الشهيدة شادية أبو غزالة، كانت على رأس مؤسسي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكانت منخرطة في العمل العسكري، بل في تصنيع القنابل، حتى قضت شهيدة أثناء تصنيع إحداها في المنزل.
لا تطول القائمة، عند تعداد الفدائيات الفلسطينيات فحسب، بل والخبيرات الفلسطينيات في مناحٍ شتى كذلك، وهو ما تتجاهله معظم القنوات العربية، التي تخرج المرأة الفلسطينية المتمكنة، من الإطار، فلا تمنحها فرصة الظهور كمحللة تعلق على الوضع السياسي، ولا طبيبة تعلق على الوضع الصحي، ولا ناشطة نسوية تعلق على معاناة النساء في قطاع غزة.
بإطلالة سريعة، تمكنت من إحصاء بعض الأرقام الخاصة بالنساء المؤهلات في فلسطين. تسع وستون أكاديمية فلسطينية في كلية الطب وعلوم الصحة في جامعة النجاح في نابلس. ثلاثون أكاديمية فلسطينية في الكليات الطبية في جامعة القدس في أبو ديس. خمس وأربعون أكاديمية فلسطينية في كلية فلسطين التقنية- خضوري. ست وعشرون أكاديمية فلسطينية في الكليات الطبية في الجامعة العربية الأميركية في جنين. تسع عشرة أكاديمية فلسطينية في تخصص العلوم السياسية في الجامعات الفلسطينية. خمس عشرة وزيرة فلسطينية وثلاث رئيسات لبلديات منذ تأسيس السلطة الفلسطينية. مئات الناشطات سياسيا وبيئيا وصحيا واجتماعيا وقانونيا في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية وجمعية السيدات العربيات في فلسطين وجمعية المرأة العاملة الفلسطينية ومركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، وغيرها من جهات نسائية تأسست منذ عقود طوال.
تختار القنوات الفضائية العربية تهميش كل هؤلاء الخبيرات الفلسطينيات، والمؤهلات تأهيلا عاليا للتعليق على الأحداث، فلا تظهر أي منهن للإدلاء بتعليقات تتصل بمجال تخصصها. وتختار القنوات الفضائية العربية ألا تعرض تقارير واضحة وصريحة حول معاناة النساء في قطاع غزة، من جوانب صحية ونسائية، وتختار عوضا عن هذا حصر المرأة الفلسطينية في خانة النواح والعويل والثكل واستجداء العون!