مهاجمة مشجعي مكابي تل ابيب في امستردام خدمت البيبية (هي دمج تكافلي بين النظام والشعب ووسائل الإعلام)، في غرس رسائلها الايديولوجية. إسرائيل تنفذ تطهيرا عرقيا في شمال القطاع. في السنة الأخيرة قتلت عشرات آلاف المدنيين الأبرياء وغير المشاركين، معظمهم من النساء والأطفال والمسنين. المجتمع في معظمه رد بالموافقة، التي تراوحت بين اللامبالاة والتأييد المتحمس وحتى خيبة الأمل من أنهم لم ينفذوا بما فيه الكفاية من القتل.
قسم من المشجعين عبروا في نشاطات في شوارع امستردام قبل المباراة عن سرورهم من التطهير العرقي والقتل الجماعي في قطاع غزة، ومباركة جرائم الحرب التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي. وقد تمت مهاجمتهم بعنف وبصورة منظمة على يد المسلمين الذين يؤيدون نضال الفلسطينيين من أجل الحرية. ملايين الفلسطينيين في الضفة الغربية ناضلوا من أجل تحررهم من الاحتلال والابرتهايد والمستوطنين العنيفين المدعومين من قبل الجيش الإسرائيلي. حماس تمت تصفيتها عسكريا في القطاع، والجيش الإسرائيلي لا يوجد له ما يفعله هناك، لكنه يفعل. بدلا من وقف الحرب والانسحاب من القطاع وإعادة المخطوفين فإن الجيش الإسرائيلي يقوم بإخلاء شمال القطاع من سكانه من أجل تمهيد الأرض للضم وإقامة المستوطنات. هذا ليست له أي صلة بالدفاع عن اليهود في إسرائيل.
هذا يعرفه كل العالم باستثناء الإسرائيليين. فهم لا يريدون أن يعرفوا. وسائل الإعلام الرئيسية لا تريد إبلاغهم. هم يكذبون على انفسهم ويقولون بأن الاعتداء العنيف في امستردام كان "مذبحة"، وربما حتى "ليلة الكريستال 2". اندفاع لاسامي قاتل على شاكلة الكارثة. هذه هي الرواية التي يقوم النظام بنشرها، وهذه أيضا الرواية في كل قنوات البث الإسرائيلية في التلفزيون، سواء كانت الأبواق المخلصة مثل القناة 14 أو التي ما تزال تسمع الانتقادات مثل القنوات 11 و12 و13. ايضا محطات الاذاعة الرئيسية بقيادة قناة "صوت الجيش" والقناة الحكومية (العامة ظاهريا) تنشر نفس الرواية.
هناك تكافل تام بين النظام ووسائل الإعلام حول تشكيل ونشر الرواية، التي تقول بأن وجود دولة اسرائيل لم يغير الشيء الكثير في مصير اليهود في العالم. هم يواصلون كونهم ضحايا لعنف قاتل، الذي دوافعه لاسامية، يحركها لاساميون، والتي تطمح الى القضاء على اليهود لاسباب عنصرية، فقط لكونهم يهود. ومعارضة افعال اسرائيل منذ العام 1948 ككيان سياسي وعسكري هي مبررة. اللاسامية القاتلة تنقض على اليهود في بئيري وفي امستردام بنفس الايديولوجيا، فقط لكونهم يهود.
الرواية الكاذبة تشكل وعي منغلق ومدافع وعدائي: العالم كمكان خطير لليهود فقط لكونهم يهود، بدلا من عالم معاد للإسرائيليين بسبب أفعالهم. عمليا، لا يهم على الإطلاق ما يفعله اليهود – العالم دائما سيكون مليء باللاساميين النازيين الذين يريدون قتلهم، بسبب "اسمع، يا إسرائيل" وبسبب القبعة المنسوجة وغطاء الصلاة اليهودي. اللاسامية مطروحة وكأنها تدفع كل الإسرائيليين إلى تبني هوية لها خصائص دينية. فان الخطر الذي يهدد حياة اليهود ينتظرهم في شوارع منهاتن وبرلين.
القضايا الجنائية التي يتم التحقيق فيها مع مكتب بنيامين نتنياهو تشمل هندسة الوعي من أجل خدمة هذه الرواية. من الواضح أن النظام يبذل الجهود الكبيرة لخلق التكافل مع الجمهور، الذي يسمى "معا". الهدف هو إيمان الإسرائيليين بأن اللاسامية هي سمة من سمات الكون، وأنه لن يغير أي شيء ذلك الى الأبد، وأن نتنياهو سيدافع عنهم.