أكدت الشاعرة والباحثة في التراث الإماراتي، الدكتورة عائشة بالغيص، أن الحكايات الشعبية تمثل الإرث الذي نشأنا عليه؛ فهذه الحكايات هي التي تشكل الوعي العام للأمة، ومن خلالها تترسخ القيم والعادات، فحينما كنا صغاراً كنا نترقبها بشغف، لافتة إلى أن الحكايات لم تكن فقط للأطفال لكن الأمهات والجدات كذلك كن يجتمعن بعد العشاء وتقوم امرأة صاحبة خبرة وثقافة وموروث، بإلقاء تلك الحكايات. جاء ذلك خلال جلسة بعنوان "إعادة إنتاج الحكاية الشعبية بين الإبداع والتشويه"، أقيمت ضمن فعاليات الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وأدارها الدكتور سالم الطنيجي. وقالت عائشة بالغيص: "إن بعض الحكايات ارتبطت بتخويف الأطفال، وبعضها ارتبط بالغرائب والعجائب، لكن أكثر ما يميز تلك الحكايات هو أنه لا توجد لها نسخ ثابتة أو معتمدة، وهذا الأمر يتيح لنا حرية التدخل في الحكاية إيجابياً، فلا أحد يستطيع القول، إن نسخة الحكاية ثابتة لكن يتم تناقلها شفهيا عبر الأزمان، فقد تتغير مفاهيم الحكاية من بيئة إلى أخرى. التدخل الحذر وأوضحت أن عدم وجود نسخة أصلية ثابتة لكل حكاية يعد أمراً إيجابياً، وبالتالي نستطيع التدخل فيها أو الاقتباس منها، لكن من الضروري أن يتم ذلك بحذر؛ فالتدخل يكون لدواع اجتماعية أو تربوية أو أخلاقية مثلما حدث مع شركة "ديزني". وأشارت بالغيص إلى أن من سمات الحكايات الشعبية أنها مجهولة المؤلف، وبالتالي لا يجب أن ينسبها أحد لنفسه باعتباره مؤلفها، وهذا خطأ شائع. ولفتت إلى أن المفهوم الأعمق هو أن نستلهم من الحكايات الشعبية حكايات جديدة، لكن بصورة لا تؤثر على الثوابت الوطنية، خاصة أن التدخل في الحكايات الشعبية هو تدخل في الوعي الجمعي للأمة، يمكن أن يكون إيجابي أو سلبي. التجديد من دون المساس بالجوهر وتطرقت الدكتورة عائشة بالغيص في حديثها إلى جوهر الحكاية الشعبية، قائلة: "حين أتدخل في الحكاية لابد أن أتأكد من عدم تدخلي في الجوهر، لأنني أقدم إرثا ثقافيا للبلد، ومن ثم فإنه حينما أقدم حكاية شعبية إماراتية، لابد أن تعكس شكل المجتمع من ملابس وبيئة بما يعزز المفاهيم ويشكل لدى الطفل ثقافة هوية وطنية". وأوضحت أن بعض المفاهيم تتغير مع مرور الزمن وبالتالي نتعامل معها مثل بعض الأمثال الشعبية، حيث يصبح من الضروري معالجة بعض المفاهيم الموجودة في حكايات تحض على العنف وحكايات عن الجن، حتى لا تترسخ تلك المفاهيم لدى الطفل. وأشارت إلى أنها بحثت مؤخرا، في كتابات المنفلوطي وألف ليلة وليلة، ووجدتها خالدة لأنها كتبت بطريقة مسجوعة تطرب لها الأذن؛ فبدأت تعيد كتابة الحكايات بهذه الطريقة، حيث تكون سهلة الفهم وتستقر في وجدان من يسمعها.