يُشارك الأردن في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29) في باكو-عاصمة أذربيجان، وهو يحمل أولوية إدراج أمن المياه في أجندة وإستراتيجية التكيّف مع حدة تغيّر المناخ. ولقد أكّد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين (حفظه الله) في الدورة الثامنة والعشرين من نفس المؤتمر العام السابق، تأثر الأردن بشكل كبير بالتغير المناخي الذي بات يهدد موارده المائية الشحيحة. وعليه يرتبط أكثر مشاريع البنى التحتيّة في الأردن طموحاً وأهميةً بهدف تحقيق الأمن المائي، وذلك من خلال تحلية مياه البحر ونقلها إلى المراكز السكانية الرئيسة كمورد مياه غير تقليدي ومستدام يؤدي إلى تعويض انخفاض كميات المياه من المصادر التقليديّة، ويسد العجز المائي للوصول إلى التزويد الآمن والمستمر للمياه.
تأثّر الأردن بارتفاع درجات الحرارة بنحو 1.5 درجة مئوية عالمياً، والتي نتج عنها تكرّر ظاهرة الجفاف وتدنّي الهطل المطري بنسبة 13.6 % عن المعدّل الحالي البالغ 95 ملم/سنة، وستؤدي إلى انخفاض تغذية وتجدّد المياه جوفياً بنسبة 15 % (ما يعادل 40 مليون متر مكعب سنوياً)، وتناقص كميات جريانها السطحي بنسبة 15 % (ما يعادل 60 مليون متر مكعب سنوياً)، لتصبح حصة الفرد المتوقّعة من المياه 46 مترا مكعبا سنوياً بحلول العام 2040.
وفي هذا السياق، صدر حديثاً تقرير عن صندوق النقد الدولي (IMF) بعنوان «المخاطر الإقتصادية والمالية المرتبطة بالطبيعة وانعكاسها على السياسات العامة»، الذي يشير بأن المياه من أهم الموارد الطبيعية المتأثرة بالتغيير المناخي ومُدخل مهم وأساسي لكافة النشاطات الاقتصادية والاجتماعية وتعزّز جودة الحياة، وسيترتّب على ندرتها عواقب اقتصادية كبيرة عالمياً في مجالات الزراعة والصناعة والتكنولوجيا، تؤدي إلى تراجع الناتج الإجمالي بنسب تتراوح بين 7 % إلى 16 % وتعطيل الدورة الاقتصادية وعجلة الإنتاج. وبالتالي تبرز الحاجة لقياس مؤشرات ندرة وإجهاد المياه كجزء من مخاطر الموارد الطبيعية وإدماجها في النماذج الاقتصادية على المستوى الوطني وإعطاء أمن التزوّد بالمياه الأولوية عند إعداد السياسات الحكومية وتخطيط المالية العامة.
وسيتطلّب ذلك من الدول التي تعاني من ندرة المياه تقديم الحلول في الاستمرارية والتكيّف والتنظيم الذاتي والقدرة على الإنتقال لوضع جديد بعد حدوث أزمة، وتطبيق مبادئ المرونة والتأقلم وتعزيز منعة أنظمة التزويد المائي وقدرتها على الاستجابة لمزيج من التغيّرات المناخية والحالات الطارئة. وتُبنى منعة ومرونة النظام المائي بناء على فهم وقياس المخاطر وتحديد مواطن الضعف وتنفيذ التدابير اللازمة لإدارة هذه المخاطر بفعاليّة والتخفيف من أثرها والحفاظ على الوظائف الأساسية، ويشمل ذلك تطوير وتنويع موارد المياه سواء تلك التقليدية أو غير التقليدية، والاستثمار في البنية التحتية والتقنيات للتكيّف بشكل أفضل مع الظروف المتغيّرة على المدى القصير والطويل.
ويعتمد النظام المائي الأردني حالياً على مصادر المياه المشتركة مع دول الجوار والتي تتأثر بشكل مستمر بالظواهر المناخية المتغيّرة وغيرها، حيث تشكّل كميات التزويد المائي السنوية من هذه المصادر التقليدية والعابرة للحدود ما نسبته 40-50 % من إجمالي كميات الموازنة المائية السنوية في الأردن والبالغة (1,100) مليون متر مكعب. وتشمل هذه المصادر المشتركة حوض اليرموك السطحي الذي تنبع روافده من جبل العرب وجبل الشيخ داخل سورية لتشكّل نهر اليرموك، وروافد حوض الأردن السطحية التي يحصل عليها الأردن بموجب حقوقه المائية، وأحواض اليرموك وعمان/الزرقاء