القمة الأممية الـ 29 للتغيرات المناخية انطلقت في باكو العاصمة الأذرية، وبمشاركة متوقعة تزيد على 25 ألف مشارك من مختلف دول العام، لمناقشة قضايا التغيرات المناخية التي أصابت الكرة الأرضية وظهرت نتائجها وآثارها المدمرة جلية للعيان في مختلف الدول على شكل فيضانات وأعاصير وحرائق واحتباس للأمطار وارتفاع لدرجات الحرارة وموجات الجفاف وتداخل الفصول، وغير ذلك من الظواهر المناخية غير المعتادة.
ولكن، لماذا تتداعى دول العام وقادتها لبذل كل هذا الجهد والمال للمشاركة في هذه القمة السنوية؟ فخلال 29 عاماً من العمل والوعود، لم يتحقق الكثير للدول النامية المتأثرة بالتغيرات المناخية بشكل حاد، وأمام حقيقة مؤلمة تتمثل؛ بأن 80 % من الانبعاثات الضارة في هذا الكوكب تسببت بها عشرون دولة صناعية فقط، بينما تتحمل بقية شعوب الأرض مسؤولية نسبة الـ 20 % المتبقية، وهذا جعل قضية "عدالة المناخ" مقارنة بالتقدم الصناعي غير منصفة، وجعل المسؤولية الأخلاقية للدول الصناعية الكبرى الملوثة لكوكب الأرض منذ الثورة الصناعية كبيرة، وهذا الوضع جعل من غير العدالة مطالبة الدول بإجراءات متساوية من حيث الكلفة، فالدول الفقيرة والنامية لا تتحمل نفس المسؤولية مع الدول الصناعية من حيث القدرة على تحمل نفقات وتبعات إصلاحات المناخ وتنفيذ التحول باتجاه تخفيض الأنشطة المسببة للانبعاثات على قدم المساواة مثل الدول الصناعية الغنية، ومع إقرار حقيقة أن هذا الكوكب للجميع ولا بد من العمل الجماعي لإنقاذه والمحافظة على استقرار مناخه.
وما زالت الدول الصناعية الكبرى تتحدى شعوب الكوكب، من خلال الدفاع عن صناعاتها الملوثة ومصادر طاقتها الملوثة، الوقود الأحفوري والفحم، رغم الإعلانات البراقة التي تتحدث عن "التخلص التدريجي" حتى العام 2070، وزيادة التمويل لقضايا التغيرات المناخية لتصل إلى 200 مليار دولار حتى العام 2030، وإقرار قضايا سوق الكربون وصندوق الخسائر والأضرار الذي لم تعتد بعد آليات تنفيذه وأطر عمله.
لا نتفق مع الرأي المنادي بعدم أهمية هذه القمم ونتائجها، من حيث الجهد والمال والانبعاثات التي يخلفها تنقل ما لا يقل عن 25 ألف مشارك سنوياً عبر العالم، وهذا صحيح؛ لكن إدامة الزخم السنوي في حوارات جادة، ونقاشات حول القضايا الجدلية والالتزامات والوعود للدول الصناعية الكبرى والملوثة لهذا الكوكب والمقرة في اتفاق باريس العام 2015، هو أمر مهم وضروري لإدامة الحياة في هذه القضية الكونية المصيرية، وهي فرصة لعرض الإنجازات المتحققة، والتطورات التكنولوجية الداعمة للمشاريع والقضايا المناخية، وهي مناسبة مهمة لوضع الدول الصناعية الكبرى أمام مسؤولياتها التاريخية، تجاه شعوب الكوكب: فالجميع متأثر، والجميع يجب أن ينخرط بالعمل حسب قدرته وضمن منظومة حياته وتطبيقاتها وخططها الوطنية.
لهذا مهم للدول تحديث التزاماتها وخططها الوطنية، ومهم تحديث النوايا وخطط التمويل الدولية لدول العام الثالث بمختلف أشكالها من منح وقروض ميسرة، ومهم أيضاً مشاركة التطورات التكنولوجية التي تساهم في تخفيف حدة أثر التغيرات المناخية على الشعوب الهشة.
نشعر بالفخر في التزام قيادتنا الهاشمية في المشاركة السنوية بهذه القمة، وإيصال الرسائل السياسية والبيئية الأردنية، ومشاركة جهود الأردن مع المجتمع الدولي في هذا الإطار، وكلمة سمو ولي العهد يوم أمس في افتتاح قمة المناخ في باكو كانت شاملة لكافة المحاور.
ولطالما أكدنا عبر مختلف المنابر والرسائل الإعلامية؛ أننا في الأردن ننظر إلى موضوع التغيرات المناخية وحقيقتها بجدية كبيرة، ونحرص على تضمين أنشطتنا الاقتصادية أبعاد التغيرات المن