انطلقت اليوم في الدوحة، أعمال المنتدى السنوي لفلسطين في دورته الثالثة، الذي يعقده المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالتعاون مع مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ويستمر حتى يوم الإثنين 27 كانون الثاني/ يناير. افتتح عزمي بشارة، المدير العام للمركز العربي، المنتدى الذي صار تقليدًا سنويًا يجمع نخبة من المفكرين والأكاديميين من أنحاء العالم العربي وخارجه من المختصين والمهتمين بالقضية الفلسطينية. وشهدت المحاضرة الافتتاحية مشاركة واسعة وحضورًا كبيرًا. تناول بشارة بعمق التطورات الأخيرة التي شهدتها القضية الفلسطينية، وأبعاد الصمود الفلسطيني في وجه حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة. واستهل مشيرًا إلى أن وقف إطلاق النار الأخير جاء بعد مفاوضات شاقة تطلّبت صمودًا استثنائيًا من الفلسطينيين، موضحًا أنّ الاحتلال الإسرائيلي لم يترك وسيلة إلّا استخدمها ليحقق أهدافه العدوانية، بما في ذلك تدمير البنية التحتية وفرض مزيد من المعاناة على سكان القطاع. وأكد أن هذه الحرب كشفت مجددًا عن عنجهية الاحتلال الإسرائيلي وفشل المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حازم لمنع هذه الجرائم. وأثبت أنّ إسرائيل فشلت في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وعلى المقاومة عمومًا، وأن المقاومة في قطاع غزة بقيت هي الأكثر تنظيمًا، ولم تتمكن إسرائيل من العثور على بديل لها سوى العصابات الإجرامية التي تغير على شاحنات الإغاثة. وأكد أنّ اضطرار إسرائيل إلى وقف الحرب في غزّة، ستدفع ثمنه الضفة الغربية. وفي سياق تفسير إطلاق يد إسرائيل على كافة المستويات في حربها الضروس ضد كل ما هو فلسطيني في القطاع، وصف بشارة التطورات التي حصلت بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بأنها شكّلت تحولًا جذريًا في طبيعة الصراع، وأكّد فرضيتين رئيستين استند إليهما منذ بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة، أولًا، توقع أسوأ السيناريوهات بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إذ إن إسرائيل قررت تحويل ردّها إلى حرب ثأرية شاملة تهدف إلى محو المقاومة الفلسطينية تحت غطاء "الدفاع عن النفس". وأوضح أنّ هذه الحرب استغلت غياب ردود فعل دولية وعربية قوية، ما أتاح لإسرائيل حرية مطلقة في استخدام أدوات القتل والتدمير بصورة منهجية ومتصاعدة. وثانيًا، ما بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر لن يكون كما قبله؛ فقد أكد بشارة أنّ التحولات التي أحدثتها الحرب لم تقتصر على المشهد الفلسطيني بل امتدت لتشمل السياق الإقليمي برمّته. وأظهرت الحرب الدعم الأميركي المطلق لإسرائيل، إضافةً إلى استمرار انقسامات النظام العربي الرسمي الذي بدا كأنه ينتظر القضاء على المقاومة الإسلامية على يد إسرائيل. وركز بشارة على أن ما وصفه بـ "حرب الإبادة" لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان تعبيرًا عن ثقافة إسرائيلية عنصرية ترى في الفلسطينيين عدوًا جماعيًا يتطلب الانتقام والقمع. وأشار إلى أن ثلاثة عناصر رئيسة تدل على وجود نية للإبادة الجماعية: 1. العنصرية الممنهجة وازدراء الشعب الفلسطيني ثقافيًا وإنسانيًا. 2. تبرير الانتقام الجماعي باعتباره ردة فعل على ما يحدث من مقاومة. 3. شعور الإسرائيليين الدائم بعدم الأمان الذي يتغذى بأفكار نمطية عن العرب باعتبارهم خطرًا وجوديًا. على المستوى الفلسطيني، ناقش بشارة حالة الانقسام الداخلي، معتبرًا أن حالة القيادات الفلسطينية ميؤوس منها؛ وذلك لأن المأساة الفلسطينية لم تقنعها بالوحدة، وقال إن هذه القيادات غير قادرة على تحقيق الوحدة لأن لديها مصالح منفصلة عن المصلحة الوطنية، ولعدم وجود مظلة تعددية سياسية فلسطينية، ولا قاعدة مشتركة تقف عليها. وأكد أنّ منظمة التحرير الفلسطينية قد جرت تصفي