مادبا - تفرض أعمال الفنانة التشكيلية ليلى حبيب جعنيني نفسها بقوة على الساحة الفنية، إذ تنتمي إلى المدارس الحديثة مثل التأثيرية الانطباعية والواقعية أيضا.
تتميز أعمالها باتجاه فني يحمل ملامح وركائز خاصة بها، بمسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود. تسعى إلى تحقيق توازن فني بين الألوان الحادة، الباردة والمضيئة، من خلال تقاربات بصرية مريحة للعين رغم كثافتها وتعقيداتها.
لوحاتها تتأثر بحس عميق وتجربة طويلة في المجال الفني.
يعد اتجاه جعنيني مؤشرا واضحا يعكس نظرتها الإنسانية المستلهمة من ميثولوجيا التراث الأردني، وخاصة البدوي، الذي يتميز بتنوع ثقافي غني يمكن توظيفه في التعبير الفني. وتتميز أغلب أعمالها باستدعاء موضوعات التراث الزاخرة بمفردات إبداعية، مما يضفي على لوحاتها قوة في التعبير وجماليات بارزة. هذا التركيز على تفاصيل المحيط منح أعمالها توازنات متقنة، حققت من خلالها تناغما وانسجاما.
شاركت الفنانة جعنيني في العديد من المعارض الفنية، حيث كان أولها في 22 أيار (مايو) 1978 في مدينة مادبا. كما تعاونت مع رابطة الفنانين التشكيليين، وتم اختيار إحدى لوحاتها لتكون غلافا لمجلة الفنون في عددها الحادي والثلاثين العام 1995. كان آخر معارضها بالشراكة مع اتحاد المرأة في مادبا، وحظي بإقبال كبير من المجتمع المحلي.
تحمل جعنيني، الحاصلة على درجة البكالوريوس في التربية الفنية من جامعة حلوان بالقاهرة، رؤية فنية متفردة تجمع بين الأشكال الفسيفسائية واستحضار الموروث البصري من العادات والتقاليد وزي البداوة. تتربع المرأة في قلب لوحاتها، مما يضفي على أعمالها خصوصية مستوحاة من التراث الأردني البدوي المعروف بعراقته وأصالته. تستلهم جعنيني مادتها الفنية من الذاكرة الوطنية، مقدمة رؤيتها الخاصة للعالم بأسلوب فني مميز.
وفقا لما قالته جعنيني في حديثها لـ"الغد"، فقد بدأت علاقتها بالفن تتشكل منذ أيام دراستها الجامعية، حيث لمست شغفها العميق ورغبتها في التطور يهذا المجال. وكان للتشجيع من محيطها دور كبير في منحها طاقة دفع قوية لمواصلة رحلتها الفنية، معتمدة على خلفيتها الثقافية وموروثها المحلي، الذي استلهمت منه أفكارها ومنهجها. تميزت أعمالها بتصوير مناظر الطبيعة وتوثيق مشاهد من تراث مدينتها مادبا، الذي يشغل مساحة كبيرة من اهتمامها وإحساسها بالمسؤولية تجاه وطنها والتعريف بتراثه اللافت.
تؤمن جعنيني، التي عملت في الحقل التربوي مدرسة للتربية الفنية لمدة 35 عاما، بأن تطور المدارس التشكيلية وتنوع أساليبها ومواضيعها يعكس رغبة الفنانين في التجديد والابتكار بعيدا عن التكرار. ولهذا السبب، اختارت الانتماء إلى المدارس الفنية الحديثة لإنتاج أعمالها، التي تميزت بتصوير البيئة المحلية واستلهام فن الفسيفساء الذي تشتهر به مدينة مادبا.
وتقول جعنيني: "تأثرت بلوحات الفسيفساء المنتشرة على أرضيات المواقع الأثرية، مثل الكنائس والبيوت القديمة المتناثرة في أرجاء مدينة مادبا، التي ساهمت في تشكيل المشهد الفني المحلي وإثراء ساحته. هذا الإرث الثقافي الفني أصبح مرجعا لجل أعمالي الفنية".
وتشير إلى أهمية تحقيق التوازن بين الحفاظ على الإرث الثقافي والانفتاح على الحداثة والابتكار، مع تعزيز حضور الفن الأردني عالميا. ترى جعنيني أن هذا التوجه يسهم في إبراز التراث والثقافة الأردنية عبر أعمال فنية تعكس البيئة المحلية، العادات والتقاليد، مما يمنحها طابعا فريدا ومميزا.
وتيشر جعنيني إلى الدور المحوري الذي تلعبه الفنون التشكيلية في إثراء وتطوير المجتمع، مؤكدة أنها ليست مجرد وسيلة للتعبير الفني، بل تمتد تأثيراتها إلى الجوانب الثقافية، ال