في عالم يشهد تسارعًا غير مسبوق في التقدم التكنولوجي، أصبحت الدول الكبرى تتسابق للسيطرة على المستقبل من خلال الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولعل السباق المحتدم اليوم بين الصين واميركا هو اكبر دليل على ذلك، وخصوصا بعد ان خلط تطبيق " دييب سيك" الصيني الأوراق في صناعة الذكاء الاصطناعي عندما قدم نموذجا اقل كلفة يضاهي في الاستخدام والمزايا البرامج الأميركية على رأسها تطبيق " تشات جي ب تي" ما احدث انقلابا وثورة في هذه الصناعة التقنية المتقدمة. قبل تدشين تطبيق " دييب سيك"، أطلقت أميركا مشروع " ستارجيت" الذي اعلن عنه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالتعاون مع شركات مثل " اوبن اييه اي" وسوفت بنك وأوراكل، بقيمة تصل إلى 500 مليار دولار، حيث يمثل هذا المشروع نقلة نوعية تهدف إلى تحويل الولايات المتحدة إلى مركز عالمي للذكاء الاصطناعي، ولتعلن قبل ايام  كل من " اوبن اييه اي" ومجموعة سوفت اليابانية تأسيس شركة كبرى مشتركة في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن ماذا يعني كل هذا التسابق وهذه الثورة العالمية في صناعة الذكاء الاصطناعي للاردن؟ وكيف يمكن أن نستلهم من هذه التجارب لنؤسس قاعدة قوية لاستثمارات مستقبلية؟ يمتلك الأردن ثروة بشرية هائلة، إذ إن أكثر من 60 % من سكانه هم من الشباب. ورغم التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة، مثل ارتفاع معدلات البطالة وتباطؤ النمو، فإن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون المحرك الأساسي لتغيير هذه المعادلة. فإذا أخذنا التجربة الأميركية كمثال، فإن مشروعًا بحجم أقل – على سبيل المثال استثمار بقيمة مليار دولار – يمكن أن يُحدث أثرًا هائلًا على الاقتصاد الأردني، من خلال توفير آلاف الوظائف في قطاعات التكنولوجيا المختلفة. ويعد قطاع التعليم وتقنيات التعليم الأساس في بناء مجتمع واعٍ ومؤهل لاستيعاب وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. من خلال الاستثمار في التعليم الرقمي والتقنيات التعليمية المتطورة، يمكن للأردن تأهيل جيل جديد يمتلك المهارات اللازمة للتفاعل مع التحديات المستقبلية. على سبيل المثال: منصات التعليم الذكية: يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين تجربة التعلم من خلال منصات تعليمية ذكية توفر محتوى مخصصًا لكل طالب الواقع الافتراضي والواقع المعزز. استخدام هذه التقنيات يمكن أن يخلق بيئة تعليمية تفاعلية تُحاكي الواقع وتساعد على تنمية مهارات التفكير الإبداعي التعلم الآلي في تحليل الأداء: أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل أداء الطلاب وتوجيههم بشكل أكثر دقة نحو تحسين مهاراتهم. في هذا المقام نعتقد أن هناك دورا كبيرا يمكن أن تلعبه صناديق متخصصة في الاستثمار في مجال تقنية التعليم، لتلعب دورا رئيسيا ومهما في تمكين الشركات الناشئة التي توظف الذكاء الاصطناعي لتطوير تقنيات التعليم. من خلال توفير التمويل والإرشاد لهذه الشركات، حيث يمكن لهذه الصناديق أن تكون جزءًا من تغيير جذري في قطاع التعليم في المملكة. علينا البدء بتأسيس قاعدة قوية لصناعة الذكاء الاصطناعي وتحضير الجيل الحالي لما هو قادم، ونحن نؤكد على اهمية دعم تأسيس صناديق الاستثمار المغامر التي تستثمر في تكنولوجيا المستقبل، فهذا النهج يضمن شراكة فاعلة مع رؤوس الأموال ويقلل من كلفة الاستثمار على رأس المال المغامر، مما يتيح فرصًا أكبر لدخول السوق المحلية وتعزيز الابتكار. ويجب العمل في هذا السياق ايضا على دعم البرامج التعليمية الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي والمهارات المرتبطة بها، فالاستثمار في التعليم هو المفتاح لتأهيل الأجيال القادمة للتعامل مع هذه التقنيات المتقدمة. ومن الأمثلة الواعدة البرا