عمان – ما يزال الملف "المائي" يتصدر الأجندات والأولويات الوطنية منذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية خلال 26 عاما، في وقت عاصر فيه هذا الملف، مفاصل إستراتيجية عززت الأمان المائي بالمملكة.
لم تتوان الحكومات المتعاقبة في تلك الأعوام، عن اتخاذ قرارات ومبادرات مهمة ترتبط بتدابير الاستجابة للتحديات التي تحيط بالأردن من كل حدب وصوب، في منطقة تشهد عدم استقرار أثر عليها وساهمت تداعياته بالتأثير على حصة الفرد من المياه.
تلك التدابير والقرارات ارتكزت بشكل واقعي وملموس على الرؤية الملكية باعتبار المياه عنصرا أساسيا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمن الوطني، لإفساح المجال للنمو الاقتصادي في المملكة، والنهوض بنوعية حياة المواطنين.
وسعت التحولات المفصلية التي شهدها هذا القطاع في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني منذ تسلم سلطاته الدستورية في العام 1999، والتي اعتمد عليها كخريطة طريق شاملة لتحقيق أمن مستدام للمياه، ومجابهة تحديات مائية ضخمة.
واستمرت المتابعة الملكية السامية، لأهم مشاريع رؤية التحديث الاقتصادي، مساهمة بتعزيز الصمود في وجه تحديات القطاع المائي، إذ نجحت بتأمين إستراتيجيات واضحة وفق خطط ومبادرات، لإيجاد حلول لتحديات المياه، ما يعكس رؤية جلالة الملك بتحقيق الأمن المائي واستدامة الموارد الطبيعية.
وتمثلت مستجدات أبرز التحولات الرائدة في تلك الفترة بالمضي قدما في إجراءات الاتفاق المرتبط بمشروع الناقل الوطني لتحلية مياه البحر الأحمر من خليج العقبة، والذي يعد الحل الإستراتيجي المستدام لاستخدامات المياه، ويهدف لإنتاج 300 مليون م3 سنويا مياها محلاة.
إذ يندرج هذا المشروع تحت بند تطوير المصادر غير التقليدية، لمواجهة ندرة المياه والتغير المناخي، وسد الفجوة بين العرض والطلب حتى العام 2035.
ومن أبرز محطات تلك التحولات بتعزيز أمن المياه، إعادة هيكلة شبكات المياه على مستوى المملكة، مما ساهم بتحسن التزويد المائي والتوسع بخدمة إيصال المياه للمواطنين.
كما نجحت تلك المساعي ببناء أكبر محطة صرف صحي على مستوى المنطقة العربية والعالم، وهي محطة الخربة السمراء، وفق نظام البناء والتشغيل وإعادة الملكية بكلفة تجاوزت الـ300 مليون دينار.
ولا يمكن إغفال أهمية إنشاء وتشغيل مشروع الديسي كأكبر مشروع مائي جوفي في الأردن بطاقة إنتاجية تتجاوز الـ100 مليون م3، وبكلفة 750 مليون دينار أردني في العام 2013، وتعد من أهم محطات التحول بملف المياه، وتوسعة محطة زي للمياه التي تضاعفت طاقتها لـ90 مليون م3 بكلفة 100 مليون في حينه.
إلى جانب إنشاء محطة وادي العرب 2 في الأغوار الشمالية، لسد العجز المائي بمحافظات الشمال، بعد تأثير اللجوء السوري على تلك المناطق وبكلفة 140 مليون دولار، وإنشاء محطة تحلية الزارة - ماعين بطاقة إنتاجية 55 مليون م3، بكلفة تجاوزت الـ140 مليون دولار، ومواكبة التطورات التكنولوجية في القطاع، وتطوير إدارته بتحويله لشركات وبكفاءات فنية عالية.
ومن ضمن برامج اتخاذ الحكومة زمام المبادرة مبكرا، تحليل التحديات التي تفرضها ندرة المياه، وصياغة تدابير الاستجابة والتكيف السريع، وسط قيام وزارة المياه والري بصياغة إستراتيجية تقليل فاقد المياه، إذ حدثت مؤخرا لتخفيضه بنسبة 2 % سنويا والوصول لـ25 % بحلول العام 2040.
ولطالما سعى قطاع المياه خلال الـ26 عاما الماضية، لمواجهة تحدي شحّ المياه، بتطوير مصادر غير تقليدية، كإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، وتحلية المياه المالحة ومياه البحر، إلى جانب إجراءات تشجيع كفاءة استخدام المياه في الري، وتشجيع زراعة المنتجا